أطباء سودانيون يتظاهرون ضد استهداف المستشفيات

ندّد مئات الأطباء السودانيين، في موكب احتجاجي في الخرطوم أمس، بالاعتداء على الجرحى والأطباء والمستشفيات، في إطار قمع القوات الأمنية للمتظاهرين المناهضين لحكم قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، حاملين صوراً للعاملين في الحقل الطبي الذين قتلوا أثناء الاحتجاجات، ومرتدين زيّهم الأبيض.
وطالبوا بوقف قمع المظاهرات بالذخيرة الحية، ومهاجمة القوات الأمنية لعدة مستشفيات، وفق ما أكدت منظمة الصحة العالمية و«لجنة الأطباء المركزية» السودانية، المؤيدة للديمقراطية والمناصرة للاحتجاجات. وكانت القوات الأمنية قد أخرجت مصابين من سيارات الإسعاف ومن أسرة المستشفيات عنوة، كما أطلقت الغاز المسيل للدموع داخل المستشفيات حيث تعرض أطباء للضرب، حتى في غرف العمليات، وفق ما ذكر الأطباء السودانيون.
وذكر المتظاهرون أمس (الأحد) أنهم سلموا تقريرين عن الحادث إلى مكتب المدعي العام في الخرطوم، بينما أشارت منظمة الصحة العالمية إلى وقوع هجمات «على مرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 في الخرطوم ومدن أخرى، وقد تأكَّد منها وقوع 11 هجوماً».
وقالت الطبيبة هدى أحمد، إحدى المشاركات في المظاهرة، لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن خرجنا ضد الانتهاكات التي تحدث في المستشفيات بمهاجمتها واعتقال المصابين من داخلها».
وأضافت: «ظللت طوال أيام المواكب أعمل في مستشفى الخرطوم، أطلقوا علينا الغاز داخل المستشفى، بل دخلت القوات إلى قسم الطوارئ».
ومنذ انقلاب الجيش على شركائه المدنيين في السلطة، في 25 أكتوبر (تشرين الأول)، قتل 64 متظاهراً، بحسب نقابة الأطباء، فيما أشارت الشرطة إلى مقتل أحد عناصرها.
وشددت منظمة الصحة العالمية على أنه «بينما لا تزال جائحة كورونا تمثل تهديداً كبيراً، ويتعرض الناس أيضاً لخطر الإصابة بأمراض مثل حمى الضنك والملاريا والحصبة والتهاب الكبد، يتحتم على المرافق الصحية والعاملين في مجال الرعاية الصحية أن يواصلوا عملهم بدون عوائق».
من جهة أخرى، تظاهر أيضاً مئات في السودان، أمس، قاطعين الطرق شمال البلاد باتجاه مصر، احتجاجاً على مضاعفة تعريفة الكهرباء، رغم قرار للحكومة العسكرية بتجميد هذه الزيادة. وأعلن وزير المالية الأسبوع الماضي زيادة سعر كيلوواط الكهرباء بنسبة 100 في المائة، ما أثار الغضب؛ خصوصاً في صفوف المزارعين الذين يعتمدون على الكهرباء لضخ المياه الضرورية للري.
وبهدف احتواء الغضب، تحرك مجلس السيادة بقيادة الفريق البرهان الممسك بزمام السلطة، معلناً الأربعاء «تجميد قرار رفع أسعار الكهرباء فوراً».
وكان والي الإقليم الشمالي، عوض أحمد قدورة، قد احتج على زيادة «سيكون لها تأثير سلبي على الزراعة والصناعة» في المنطقة الحدودية مع مصر، الشريك التجاري المهم للسودان. ولكن لم يكتف المحتجون بهذا «التجميد» بل طالبوا بإلغاء هذه الزيادة نهائياً.
وأغلق مئات الأشخاص الطرق التي تصل الإقليم الشمالي بباقي البلاد، وخصوصاً بمصر، بحسب ما أفاد شهود. وقال حسان إدريس، أحد المتظاهرين لوكالة الصحافة الفرنسية: «لن تمر أي مركبة إن لم تلغِ السلطات هذه الزيادة، لأنها بمثابة توقيع على وثيقة وفاة الزراعة المحلية».
وعقد عضو مجلس السيادة الانتقالي، أبو القاسم برطم، اجتماعاً في القصر الجمهوري أمس مع اللجنة المكلفة مراجعة زيادة تعريفة الكهرباء، التي تضم وزارات المالية والطاقة والزراعة والغابات، في حضور والي الإقليم الشمالي. وتقرر تجميد قرار وزارة المال الخاص بزيادة تعريفة الكهرباء في القطاع الزراعي والصناعي والسكني إلى حين عرضها على مجلس السيادة لبحثه. وأوضح والي الشمال في تصريح أن زيادة تعريفة الكهرباء كانت لها تداعيات وتأثيرات كبيرة على الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، فضلاً عن انعكاساتها السلبية على القطاعين الزراعي والصناعي.
ويُعتبر السودان إحدى الدول الأكثر فقراً في العالم، ويُنذر أي ارتفاع في الأسعار أو إلغاء للدعم الحكومي على المواد الأساسية بتفاقم حدة الأزمة الاقتصادية العميقة التي تعاني من معدل للتضخم يقترب من 400 في المائة، وسط هبوط حاد لقيمة العملة الوطنية.