تشكيك بخلفية قرار عودة «الثنائي الشيعي» للحكومة و«التيار» ينفي وجود مقايضة

TT

تشكيك بخلفية قرار عودة «الثنائي الشيعي» للحكومة و«التيار» ينفي وجود مقايضة

في وقت تتجه فيه الأنظار للمرحلة السياسية المقبلة في لبنان مع إفراج الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) عن اجتماعات الحكومة بعد نحو ثلاثة أشهر من تعطيلها، جدّد حزب الله على لسان النائب حسن فضل الله قوله إن قرار العودة إلى مجلس الوزراء كان «من أجل البلد ومصالح الناس» مع رفض «التيار الوطني الحر» الحديث عن وجود مقايضة، لكن في المقابل ربط بعض معارضي حزب الله القرار بمباحثات فيينا، فيما اعتبر البعض الآخر أن سببه تعطل تحقيق انفجار المرفأ لفقدان النصاب في الهيئة العامة لمحكمة التمييز.
وقال فضل الله: «نحن لدينا جرأة إعلان الموقف وشجاعة القرار لمصلحة الناس»، موضحاً: «نتيجة للظروف القائمة في البلد الاقتصادية والمالية وإقرار الموازنة وما وصلت إليه الأمور، ونتيجة المطالبات حول تعطيل الحكومة وحتى لا يحملنا أحد المسؤولية عن تعطيل البلد، تم أخذ قرار وبالتفاهم مع رئيس البرلمان نبيه بري بالعودة إلى اجتماعات مجلس الوزراء، وذلك من أجل البلد ومصالح الناس ولأجل الوضع القائم، ولقد قررنا تقديم هذه الخطوة في إطار البحث عن حلول ومعالجات».
لكن في المقابل توالت ردود الفعل المشككة بخلفية قرار الثنائي الذي أتى بعد تعطيل ثلاثة أشهر على خلفية التحقيقات في انفجار المرفأ والسعي للإطاحة بالمحقق العدلي، وربطها كل من رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان والنائب المستقيل في «حزب الكتاب» إلياس حنكش بفقدان النصاب في الهيئة العامة لمحكمة التمييز.
وكتب سليمان على حسابه على «تويتر»: «مهما كانت الأسباب الكامنة وراء إعلان ‏حزب الله وأمل مشاركتهما في جلسات الحكومة (لأجل إقرار الموازنة فقط! أو دون ‏شروط؟) فهو موقف مفيد وواجب»‏‎. وقال «أكان السبب هو فقدان نصاب الهيئة العامة لمحكمة التمييز أم الحاجة إلى ‏إقرار المساعدات الاجتماعية وبدل النقل للموظفين أم غير ذلك فهو موقف جيد. لكن ‏من المؤكد أنه ليس جائزة ترضية نتيجة البوادر الإيجابية التي ترشح من اتفاق ‏فيينا، ولا نقبل أن يكون كذلك»‏‎.‎
من جهته، اعتبر النائب في كتلة حزب القوات، زياد الحواط أن القرار مرتبط بمفاوضات فيينا وكتب عبر «تويتر»: «وصل الأمر من طهران فقرر ثنائي التعطيل الإفراج عن جلسات الحكومة. إنها تداعيات المفاوضات في الخارج... بلد رهنه ثنائي التعطيل وثنائي مار مخايل لإرادة الخارج. الانتخابات النيابية آتية ودقت ساعة الحساب».
بدوره، وضع الوزير السابق أشرف ريفي قرار الثنائي في خانة «الخسارة»، وكتب على حسابه على «تويتر» قائلاً: «وضعوا خطاً أحمر على استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي وسقط، عطلوا الحكومة لإقالة القاضي طارق البيطار وتراجعوا، وها هم يتخبطون في وهم أن تسوية إقليمية كبرى ستُكرِس هيمنتهم، والصحيح أن مشروعهم الإيراني لا مكانَ له في لبنان والمنطقة، ومصيره الفشل والسقوط على يد الشعوب الحرة».
لكن ومع حديث البعض عن مقايضة بين قرار الثنائي والتحقيقات في انفجار المرفأ، رفض «التيار الوطني الحر» هذا الأمر وأكد النائب في «التيار» آلان عون أنه «لم يحصل أي تسوية أو مقايضة مسبقة لقرار الثنائي الشيعي بالعودة إلى الحكومة»، مشيراً إلى أن «الثنائي توصل إلى هذا القرار بعد مراجعة، وهو أمر ضروري أن يحصل، وكنّا طالبنا به ودعينا إليه سابقاً».
وبانتظار تحديد موعد لجلسة الحكومة، رأى النائب ومستشار رئيس الحكومة، نقولا نحاس أن «التقدم الذي أحرز في الموازنة العامة والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وفي ملف الكهرباء، هو ما دفع ثنائي أمل - حزب الله إلى اتخاذ قرار حضور جلسات مجلس الوزراء المخصصة لإقرار الموازنة العامة».
ولفت في حديث إذاعي إلى أن «رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ما زال على موقفه من عدم التدخل في عمل القضاء، والخلافات على هذا الموضوع لا تزال قائمة». وقال: «الموازنة باتت ناضجة، وعندما تحال على الأمانة العامة لمجلس الوزراء ستتم الدعوة تلقائياً إلى جلسة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.