أزمة مع الحلفاء تعرقل جهود نتنياهو لتشكيل حكومة متطرفة

الرئيس الإسرائيلي يمنحه مهلة أسبوعين إضافيين لإتمام محاولاته

نتنياهو يصافح رئيس الدولة رؤوبين رفلين خلال لقائهما في مقر إقامته (رويترز)
نتنياهو يصافح رئيس الدولة رؤوبين رفلين خلال لقائهما في مقر إقامته (رويترز)
TT

أزمة مع الحلفاء تعرقل جهود نتنياهو لتشكيل حكومة متطرفة

نتنياهو يصافح رئيس الدولة رؤوبين رفلين خلال لقائهما في مقر إقامته (رويترز)
نتنياهو يصافح رئيس الدولة رؤوبين رفلين خلال لقائهما في مقر إقامته (رويترز)

اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف، بنيامين نتنياهو، بعجزه عن تشكيل حكومة في المرحلة الأولى، بسبب المصاعب الشديدة مع حلفائه في اليمين. وتوجه إلى رئيس الدولة، رؤوبين رفلين، طالبا منحه أسبوعين إضافيين لمواصلة محاولاته. وقال له رفلين، لدى منحه المهلة، إن «المواطنين في إسرائيل شغوفون لرؤية حكومة مستقرة قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية».
واعتبر مراقبون هذه الملاحظة من رفلين، دعوة لتشكيل حكومة وحدة مع المعارضة الكبيرة («المعسكر الصهيوني» بقيادة يتسحاق هيرتسوغ وتسيبي لفني). ومع أن نتنياهو لا يستبعد مثل هذا السيناريو، إلا أنه يريد أن يستنفد بداية الجهود لتشكيل حكومة من بيئته الطبيعية في اليمين المتطرف. ولكنه يواجه أزمة شديدة مع هؤلاء الحلفاء، ويتوقع أن تزداد صعوبة كلما اقترب من نهاية المهلة، لأنه سيكون في حالة ضغط وسيحاولون ابتزازه بقوة.
المعروف أن الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) يضم 120 نائبا. ونتنياهو يحتاج إلى ائتلاف ذي أغلبية كبيرة حتى تكون حكومته مستقرة. ومثل هذه الأغلبية غير مضمونة. ولكي يحققها نتنياهو في حكومة يمين صرفة، فإنه يحتاج إلى دعم خمسة أحزاب، إضافة إلى حزبه الليكود، فقد حصل على 30 مقعدا فقط، ويحتاج إلى حزب «كلنا»، بقيادة موشيه كحلون (10 مقاعد)، وحزب المستوطنين «البيت اليهودي» (8 مقاعد)، وحزب إسرائيل بيتنا بقيادة أفيغدور ليبرمان (6 مقاعد)، والحزبين الدينيين شاس (7 مقاعد) ويهدوت هتوراة (6 مقاعد)، أي ما مجموعه 67 نائبا. وحتى حكومة كهذه، لا تعتبر مستقرة، لأن أي حزب فيها قد يتسبب بسقوطها في حال قرر ذلك.
وفي الواقع، فإن خطر السقوط يبدو ماثلا حتى قبل قيام الحكومة، إذ إن كل حزب يحاول تحقيق أكبر المكاسب على مستوى المطالب الوزارية أو المطالب السياسية. فحزب كحلون، طلب وزارة المالية واللجان البرلمانية المتعلقة بها، وطلب رفض أي تغيير قانوني يمس بمكانة محكمة العدل العليا (وهو الأمر الذي تريده كل أحزاب اليمين الباقية)، وطلب تحسين العلاقات مع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما.
واضطر نتنياهو لقبول كل الطلبات، لأن كحلون هو الأقرب إلى معسكر المعارضة. بيد أن الأحزاب الأخرى تعترض على الاتفاق مع كحلون، ولذلك فإن نتنياهو لم يوقع الاتفاق معه. وهناك ضغوط على كحلون بأن ينسحب من هذا التحالف، ويتوجه إلى معسكر هيرتسوغ، حيث يمكنه أن يتقاسم معه رئاسة الحكومة.
وبالمقابل، يصر ليبرمان على الحصول على وزارة الخارجية، ويطلب أن يلغي نتنياهو اتفاقه مع الحزبين الدينيين فيما يتعلق بقضية الخدمة العسكرية. ومن جهته، طالب رئيس حزب البيت اليهودي نفتالي بينيت، بإطلاق مشاريع الاستيطان من جديد في القدس وفي الضفة الغربية.
وحذر بنيت من احتمال انسحاب حزبه من المفاوضات الائتلافية، إذا تم إسناد حقيبة الشؤون الدينية إلى حزب شاس. وجاءت أقواله في تغريده نشرها على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». وكانت تقارير صحافية قالت إن نتنياهو ينوي إسناد هذه الحقيبة إلى «شاس»، تعويضا عن نزع المسؤولية عن مديرية التخطيط من وزارة الداخلية التي يرجح أن تسند إلى رئيس شاس ارييه درعي.
وحسب مصادر مقربة من نتنياهو، فإنه قد يلجأ إلى حل جديد لإرضاء حلفائه، وهو توسيع صفوف الحكومة من 18 إلى 22 وزيرا، مما يعني أنه سيكون على أحزاب الائتلاف تغيير القانون الحالي الذي يحدد أن لا يتجاوز عدد الوزراء 18 وزيرا.
من جهته، قال مسؤول في الليكود، إن الحزب لن يمنح الشركاء في الائتلاف حق الاعتراض أو حرية التصويت على القوانين المتعلقة بالجهاز القانوني. وأوضح قائلا: «سمعنا طلبات بالسماح للنواب الذين يعارضون هذه القوانين بعدم دعمها، لكننا لن نسمح بذلك. فإذا بدأنا بمنح الأحزاب المختلفة حرية التصويت في قضايا معينة، فلن ينتهي الأمر. من دون نواب (كلنا) لن يكون للائتلاف غالبية، ولذلك فإن كل ما يعنيه الائتلاف سيضيع عبثا».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».