الحوثيون يتحصنون في القنصليات.. والمقاومة الشعبية تسيطر على الشريط الساحلي

الميليشيات وقوات المخلوع صالح يستعينون بالقناصة بعد إضعاف قواتهم

جندي يمني يقاتل ضد الحوثيين في خور مكسر بعدن أمس (أ.ف.ب)
جندي يمني يقاتل ضد الحوثيين في خور مكسر بعدن أمس (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يتحصنون في القنصليات.. والمقاومة الشعبية تسيطر على الشريط الساحلي

جندي يمني يقاتل ضد الحوثيين في خور مكسر بعدن أمس (أ.ف.ب)
جندي يمني يقاتل ضد الحوثيين في خور مكسر بعدن أمس (أ.ف.ب)

نجحت المقاومة الشعبية في عدن وعدد من المدن اليمنية، في كسب المواجهات العسكرية على الأرض وتضييق الخناق على الميليشيات الحوثية وحليفها علي عبد الله صالح، وذلك بعد أن تمكنت من السيطرة على مواقع عدة منها خور مكسر، وسيطرت على الخط الساحلي ما بين أبين وخور مكسر، بينما تمكنت المقاومة من أسر أعداد كبيرة من الحوثيين.
ويبدو وفقا لقيادات في المقاومة الشعبية، أن ميليشيات الحوثيين شرعت في استخدام مقار البعثات الدبلوماسية «القنصليات» في عدن وبعض المدن القريبة منها، وتحويلها بعد إجلائها من الموظفين، إلى مستودعات للسلاح وغرف عمليات لتوجيه أفراد الميليشيات على الأرض، إضافة لتخزين السلاح في أقبية عدد من المنازل داخل الأحياء الشعبية، التي تمكنت المقاومة الشعبية من السيطرة عليها.
ويرى مراقبون، أن سيطرة الميليشيات الحوثية على مقار البعثات الدبلوماسية وتحويلها إلى مستودعات للأسلحة، تحرك خطير يهدف من خلاله إلى تمديد الحرب، خصوصا حرب الشوارع لوقت طويل، تتمكن فيه الميليشيات من استهداف أكبر عدد من المدنيين، من خلال انتشار القناصة في مواقع مختلفة من المدينة، بينما تشير المقاومة إلى أن قرابة 14 شخصا استهدفوا، أمس، برصاص القناصة في عدن وحدها.
وقال لـ«الشرق الأوسط» منذر السقاف، الناطق باسم المقاومة الشعبية في عدن، إن المعلا، وكريتر، والتواهي، والقلوعة، هي أكثر المناطق التي تشهد مواجهات فعلية مع الميليشيات الحوثية، وأكثرها اشتعالا، موضحا أن الميليشيات عمدت في الأيام الماضية إلى ضرب ومحاصرة مواقع حيوية، ومنها قطاع الخدمات (الكهرباء والماء)، وذلك بهدف الضغط على المقاومة الشعبية في فك الحصار عنها.
واستطرد السقاف بقوله: «أمام هذه الحالة الإنسانية، طلبنا من المواطنين التفاوض معهم لإخلاء المواقع الحيوية التي يسيطرون عليها وتسليمها للمقاومة مع ضرورة تسليم السلاح بمختلف أشكاله، إلا أن الميليشيات الحوثية، وبعد لقائهم مع المواطنين، طلبت مخرجًا آمنًا مع الحفاظ على ما بحوزتها من أسلحة، وهو مطلب لم تلبه المقاومة الشعبية مهما كان حجم الضغوط والممارسات غير الإنسانية التي تنتهجها ميليشيات الحوثيين وأتباعهم».
وأشار الناطق باسم المقاومة الشعبية في عدن، أن الميليشيات الحوثية في الوقت الراهن تعمد على الاستهداف العشوائي للأحياء السكنية، وعمليات قنص للمشاة، التي نتج عنها قنص قرابة 14 شخصا في مديرية «كريتر، والتواهي، والقلوعة»، الأمر الذي دفع المقاومة إلى نقل الجرحى أو الشهداء الذين تعرضوا للقنص، من خلال البحر، بسبب الحصار الذي فرضته الميليشيات على بعض الطرق الرئيسية التي تربط المديريات بعضها ببعض.
وبالعودة إلى الوضع العسكري في الميدان، قال الناطق باسم المقاومة الشعبية، إن المقاومة تقدمت وبشكل كبير، مساء أمس، في خور مكسر، وسيطرت خلال هذا التقدم على قصر الرئيس عبد ربه هادي، كما تمكنت المقاومة من سيطرتها على السفارة الروسية، في حين تقدم أفراد المقاومة باتجاه خط ساحل الكورنيش نحو أبين، الذي شهد انسحابا واضحا في هذا الطريق من قبل الحوثيين، وتحديدا في «المندارة، وشيخ عثمان»، وعلى الفور تم التنسيق مع المقاومة لمواجهة الحوثيين في «جولة سوزوكي» القريبة من شيخ عثمان باتجاه خور مكسر، الذي تجري فيه مواجهة مع الحوثيين في تلك المنطقة.
ولفت السقاف إلى أن هناك تحولا في سياسة الميليشيات الحوثية، وذلك بعد توجههم إلى استخدام مقار البعثات الدبلوماسية في عدن وتخزين الأسلحة بها، إضافة إلى بعض الفنادق ومنها فندق التاج في تعز الذي استهدف من قبل طائرات التحالف، الذي يعد معقلا للقناصة، بينما عمدت الميليشيات الحوثية إلى استغلال أبراج سكنية في المعلا وتمركزوا فيها، وتحولت إلى غرف عمليات لتلك المنطقة، كما تم تحويل مبنى الاستكشاف الجيولوجي إلى غرفة عمليات.
وعن تسليم الحوثيين لأنفسهم، أكد الناطق باسم المقاومة، أن الميليشيات الحوثية خرجت من المناطق العسكرية نحو المواقع التي تكتظ بالسكان، ويقومون بتحويل المساكن إلى غرف عمليات للتواصل مع الأفراد بهدف عدم استهدافهم، إلا أن هذه العمليات لم تمنع من محاصرتهم، الأمر الذي دفع بكثير منهم لتسليم نفسه، وقد بلغ عدد الذين سلموا أنفسهم، أمس، قرابة 30 شخصا، وفي بعض المناطق يرسلون وسطاء لعملية التسليم.
وقال السقاف إن علامات الضعف العسكري بدأت واضحة على ميليشيات الحوثيين وأتباعهم التي كانت بسبب الضربات الجوية لمعاقل وجودهم ومستودعات الأسلحة، الذي أسهم بشكل كبير في نقص الإمدادات العسكرية لهم، لهذا كان هناك اجتماع موسع مع عدد من قيادات المقاومة للتنسيق أولا فيما بينها، والخروج ثانيا من دائرة المقاومة إلى مرحلة التطهير لبقايا الحوثيين على الأرض.
وتعول المقاومة الشعبية على قوات التحالف في ضرب آخر معاقل تجمع الحوثيين وصالح، والمستودعات العسكرية التي تمدهم بالسلاح، خصوصا وأن هناك تنسيقا بين قوى المقاومة في المدن اليمنية أثناء فرار الحوثيين إلى مدن وقرى بين المحافظات، الأمر الذي سيسهم في إغلاق المنافذ كل التي من المتوقع أن يلجأ إليها الحوثيون.
وهنا قال لـ«الشرق الأوسط» أحمد الصبيحي، من المقاومة الشعبية وناشط سياسي، إن الوضع الحالي في الجانب الإنساني كارثي، هناك نزوح الآن، واشتدت وتيرة الضرب من قبل الحوثيين والقنص على المدنيين. أما على المستوى العسكري، فالمقاومة تتقدم وبشكل نوعي على الأرض، خصوصا بعد تأمين الخط الساحلي «أبين، وخور مكسر» وهو خط رئيسي واستراتيجي، في حين تمت، أمس، مباغتة ميليشيات الحوثيين، من قبل شباب المقاومة وصفّوا كثيرًا من الخلايا، وخلال تلك الحملة اكتشفوا مخازن وترسانة أسلحة في عدد من الأبنية تابعة للميليشيات.
وأرجع الصبيحي فرار الحوثيين بعد كل عملية تخريب بسرعة من خارج المدينة، إلى التنسيق الدائم مع اتباع صالح الموجودين في عدن والعارفين بالمدينة ومنافذها، الأمر الذي يسهم في إيوائهم أو إخراجهم بعد كل عملية، موضحا أن هذه الجماعات لا تشكل شيئًا لولا الدعم المباشر من اتباع صالح على الأرض وفي كثير من المواقع.
وشدد الصبيحي على أن أكثر الألوية الملتزمة تمامًا التي تعمل على أرض الواقع بعد انشقاقها عن علي عبد الله صالح، هو اللواء 35، الذي يلعب دورا مهمًا في إدارة المعارك وتدريب الشباب لمواجهة ميليشيات الحوثيين، موضحا أن بقية الألوية لم تشارك بشكل مباشر، متسائلا لماذا أعلنت هذه الألوية الانفصال في هذا الوقت ولم تشارك حتى الآن، وقد كانت في وقت سابق مشاركة في الاستيلاء على السلطة.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.