سر المكتبة الأثيرة لدى وسائل التواصل الاجتماعي

لماذا تعاود صورتها الظهور على المواقع؟

سر المكتبة الأثيرة لدى وسائل التواصل الاجتماعي
TT

سر المكتبة الأثيرة لدى وسائل التواصل الاجتماعي

سر المكتبة الأثيرة لدى وسائل التواصل الاجتماعي

في أول ثلاثاء من العام، نشر المؤلف والناشط السياسي دون وينسلو، تغريدة تضمنت صورة لمكتبة أحلام قارئ متعطش. بدت جميع أسطح المكتبة تقريباً مغطاة بالكتب، وقد كساها ضوء متوهج لثلاثة مصابيح. ثمة كتب على الطاولات، وكتب مكدسة على سلالم من خشب الماهوجني، وأخرى متراصة بعضها فوق بعض على رفوف الغرفة. الكلمات التي تضمنتها تغريدة السيد وينسلو، والتي ذيلها بعبارة: «آمل أن ترى الجمال الذي أراه»، قد حظيت بنحو 32800 علامة إعجاب، وضعها القراء على الصورة.
إذا كنت تقضي وقتاً كافياً في الأركان الأدبية لمنصة «تويتر»، فقد تبدو هذه الصورة مألوفة لك، وتراها تعاود الظهور سنوياً تقريباً، وتراها مرة تُنسب إلى مؤلفين مثل أمبرتو إيكو، ومرة إلى مبانٍ في إيطاليا وبراغ.
وكما هي الحال بالنسبة للصور الأخرى التي تحتوي على رفوف كتب جميلة، فإن الناس يقبلون عليها، ويتركون عليها علامات الإعجاب. على سبيل المثال، تلقَّى منشور السيد وينسلو 1700 تعليق، بما في ذلك تعليق من أستاذ في جامعة «بيس» كان يستخدم الصورة خلفيةً لصفحته.
في رسالة بريد إلكتروني عبر وكيله، شين ساليرنو، قال السيد وينسلو: «من الواضح أنه منزل شخص يحب الكتب ويجمعها. بالنسبة لي، أعتقد أن هذه الصورة مذهلة مثل غروب الشمس. يمكنني قضاء أيام وأيام في تلك المكتبة لتفحُّص كل كتاب»، وأشار إلى أن هناك شيئاً يبعث على الارتياح بشأن الصورة، نظراً لأنها «غرفة يمكن أن تتوه فيها بسعادة».
لم يكن لدى وينسلو أي فكرة عن أصل الصورة، فقد وجدها على «تويتر»؛ لكنه لم يتذكر اسم المكتبة أو موقعها؛ (رغم أنه كان يعتقد أنها مكتبة شخصية لمؤلف بارز من بلد آخر).
يجب أن يعرف الجميع أن المكتبة ليست في أوروبا، ولم يعد لها وجود في أي مكان؛ لكن الواقع يقول إنها كانت المكتبة الرئيسية للدكتور ريتشارد ماكسي، الأستاذ بجامعة «جونز هوبكنز» في بالتيمور، (كنت تلميذه في عام 2015، وأجريت معه مقابلة لموقع «Literary Hub» في عام 2018).
كان الدكتور ماكسي الذي وافته المنية في عام 2019، جامعاً للكتب، ومتعدد اللغات، وباحثاً في الأدب المقارن. في جامعة «هوبكنز»، أسس واحداً من أوائل الأقسام الأكاديمية متعددة التخصصات في البلاد، ونظم مؤتمرَ عام 1966 الذي تضمن جلسات تحت عنوان «لغات النقد وعلوم الإنسان»، وتضمن كذلك أولى المحاضرات التي ألقاها المنظرون الفرنسيون: جاك دريدا، ورولان بارت، وجاك لاكان، وبول. دي مان.
وبحسب ابنه آلان، تضمنت مجموعة كتب الدكتور ماكسي نحو 51000 عنوان، ناهيك عن المجلات وبعض المطبوعات الأخرى. قبل عقد من الزمان، كانت أكثر القطع قيمة -بما في ذلك الإصدارات الأولى من «موبي ديك»، وأعمال تي إس إليوت، ووردزورث، وكيتس، وشيلي- قد جرى نقلها إلى غرفة «المجموعات الخاصة» في حرم جامعة «هوبكنز». وبعد وفاة الدكتور ماكسي، أمضت مجموعة من أمناء المكتبات ودعاة الحفاظ على البيئة ثلاثة أسابيع في تمشيط منزله المليء بالكتب، والذي بلغت مساحته 7400 قدم مربع، لاختيار 35000 مجلد لإضافتها إلى مكتبات الجامعة.
تضمنت الاكتشافات المفاجئة نَص روسو الذي يعود إلى القرن الثامن عشر، بأغلفة متفحمة (عُثر عليها في المطبخ)، ونسخة «أصلية» من كتالوج معرض نادر أقيم في خمسينات القرن الماضي، يظهر لوحات فاسيلي كاندينسكي، وملصقات من احتجاجات مايو (أيار) 1968، عندما احتل الطلاب في باريس جامعة «السوربون»، وبطاقة عيد الميلاد مرسومة باليد للمخرج جون ووترز، والتسجيلات الأصلية للمنظِّرين في مؤتمر البنيوية عام 1966.
تعليقاً على تلك الكنوز القيمة، قالت ليز مينجل، المديرة المساعدة للمجموعات والخدمات الأكاديمية لمكتبات «شيريدان» في «جونز هوبكنز»: «لسنوات، قال الجميع يجب أن تكون هناك تسجيلات لتلك المحاضرات. حسناً، وجدنا أخيراً تسجيلات لتلك المحاضرات. لقد كانت مخبأة في خزانة خلف رف كتب خلف أريكة. والطريف أنهم وجدوا عدة طبعات أولى لشعراء وروائيين من القرن العشرين، على رف في غرفة الغسيل».
بعد أن انتهى أمناء مكتبات «هوبكنز» و«لويولا نوتردام» المجاورة، من اختيار ما يريدون من الكتب، قام أحد التجار بنقل الكتب المتبقية بعيداً، حتى يتمكن ابن الدكتور ماكسي من تجهيز المنزل ليجري بيعه. وقالت إنغريد فيتيل لي، مؤلفة «جماليات الفرح»، وهي مدونة حول العلاقة بين الديكور والبهجة، إن صورة المكتبة تتجنب كل تلك التفاصيل، لاستحضار شيء أكثر شمولية، مضيفة: «نحن منجذبون إلى الصورة، ونخرج بكل أنواع القصص حول من تكون وماذا تكون؛ لأننا نحب سرد الحكايات، ولكن مصدر الجاذبية شيء أكثر عمقاً». وأشارت فيتيل لي إلى إحساس الصورة، قائلة: «هناك شيء ما يتعلق بالوفرة الحسية لرؤية كثير من الأشياء التي تمنحنا القليل من الإثارة». وهناك أيضاً: الشعور «المُرضي» بالفوضى المنظمة، والرهبة المستوحاة من السقوف العالية.
تحظى صور الكتب والمكتبات بشعبية عبر المنصات الاجتماعية؛ حيث قال ممثل عن منصة «إنستغرام» إن بعض المنشورات الأكثر شهرة على المنصة، والتي تتضمن كلمات «مكتبة» أو «مكتبات»، تتميز بكميات كبيرة من الكتب، أو جمالية «مريحة»، أو نظام ألوان أكثر دفئاً.
ما الذي كان سيفكر فيه الدكتور ماكسي إذا كان يعلم أن مكتبته قد اكتسبت حياة جديدة خاصة؟ أجاب آلان ماكسي قائلاً: «والدي لم يحب شيئاً مثلما أحب مشاركة حبه للكتب والأدب مع الآخرين. وسيكون سعيداً لأن مكتبته ستحيا من خلال هذه الصورة».

- خدمة «نيويورك تايمز»



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.