«الكتلة الأكبر» و«رئاسة الجمهورية» تجبران الكرد والشيعة على مراجعة تفاهماتهم

في حال ردت دعوى الطعن التي قدمها النائب باسم خشان إلى المحكمة الاتحادية العراقية، وترتب عليها أمر ولائي بإيقاف إجراءات الجلسة الأولى للبرلمان، فإن العرب السنة يكونون قد أحرقوا مراكبهم في العبور إلى ضفة الأغلبية التي ينادي بها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. وإذا أقرت المحكمة الاتحادية أن إجراءات انتخاب محمد الحلبوسي لرئاسة البرلمان سليمة، فإن الصفقة الشاملة التي تمت بموجبها تلك الإجراءات، التي تشمل النائبين الأول (الصدري) والثاني (الكردي عن «الديمقراطي») لم تتم بما يريده الصدر بشأن مبدأ الأغلبية. أما في حال قبلت المحكمة الاتحادية دعوى الطعن، فإن كل الترتيبات سوف تعود إلى المربع الأول، بما في ذلك إعادة انتخاب رئاسة البرلمان من جديد.
وبصرف النظر عن رأي خبراء القانون المتحمسين لإجراءات تلك الجلسة بأنه حتى لو ألغيت إجراءات الجلسة الأولى، وأعيد انتخاب رئاسة البرلمان، فإن الثلاثة سيعودون بالتراتبية نفسها التي جرت بها الانتخابات (الحلبوسي رئيساً وحاكم الزاملي نائباً أول وشاخوان عبد الله نائباً ثانياً). والسبب الذي يجعلهم يقطعون بذلك، ومن بينهم الخبير القانوني المعروف طارق حرب، الذي يرى أن «الحلبوسي والزاملي وعبد الله سوف يفوزون بالأصوات نفسها وبالأغلبية» كون تحالف الأغلبية مثلما يرى حرب، الذي يضم «حزب تقدم وعزم السني والكتلة الصدرية الشيعية والحزب الديمقراطي الكردستاني» لا يزال قائماً.
لكنه طبقاً لما يراه سياسي عراقي مستقل، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، فإن «هذا التحالف لا يبدو قادراً على الصمود إلى نهاية الطريق، بسبب ما حصل من مفاجآت ربما ستؤدي إلى تغيير في المشهد السياسي خلال الأيام المقبلة»، مبيناً أن «صدور الأمر الولائي القاضي بإيقاف الإجراءات كان بمثابة المفاجأة الأولى التي أدت إلى تشجيع أطراف شيعية على الدخول بقوة على خط الوساطة بين التيار الصدري وقوى الإطار التنسيقي، مما يجعل من إمكانية حصول تفاهم ولو نسبي حول العديد من القضايا، وبالتالي إعادة ترتيب الأوضاع، بما لا يجعل الغلبة لتحالف طولي سني - شيعي - كردي يضم أطرافاً من مكونات يبقى ينقصها تمثيل كامل، وهو ما لم تستوعبه بعد العملية السياسية في العراق التي ما زالت تحتاج التوافقات».
ورداً على سؤال عما إذا كان هناك وفد شيعي ذهب إلى طهران لغرض البحث عن توافق شيعي - شيعي، يقول السياسي العراقي، «لقد أثير مثل هذا الكلام، لكن ليس هناك ما يؤيده على أرض الواقع لكن هذا لا ينفي وجود وساطات من خارج العراق باتجاه الداخل في محاولة لرأب الصدع». وحول ما إذا كانت إعادة انتخاب نوري المالكي زعيم «ائتلاف دولة القانون» أميناً عاماً لحزب الدعوة بعد أن راجت مؤخراً أنباء عزله سوف تصب في تعقيد المشهد مع الصدريين، يقول السياسي إن «العلاقة بين الصدر والمالكي سوف تبقى معقدة، ولا توجد مؤشرات على تغييرها نحو الأفضل، لكن هذا لا يمنع من وجود مباحثات مع باقي قوى الإطار التنسيقي»، مستبعداً في الوقت نفسه إمكانية أن «يذهب قسم من الإطار مع التيار لمجرد تقاسم المناصب، لأن الإطار التنسيقي يسعى أن يبقى كتلة قوية تجمعها عدة أهداف، بينما الصدر يريد تفتيته بشروطه بما يعني التحاقها وفق مبدأ الأغلبية الذي ينادي به، وهو ما يعني عزل آخرين من داخل الإطار، وتهميشهم تحت ذريعة الذهاب إلى المعارضة».
إلى ذلك طرأ متغير آخر على صعيد العلاقة بين الأغلبية والتوافقية، وهو عدم توصل الحزبين الكرديين الرئيسيين إلى مرشح واحد لرئاسة الجمهورية مثلما كان متوقعاً. ففيما ذهب الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني مع تحالف الأغلبية الصدري على صعيد انتخابات رئاسة البرلمان، فإن رفض الاتحاد الوطني الكردستاني طرح مرشح آخر لرئاسة الجمهورية، وليس الرئيس الحالي برهم صالح، جعل «الديمقراطي الكردستاني» في مواجهة مفتوحة مع نصف الشيعة ممثلين بقوى الإطار التنسيقي. وحيث إن «الحزب الديمقراطي» سارع إلى ترشيح القيادي فيه ورئيس وفده المفاوض إلى بغداد هوشيار زيباري، لمنصب رئيس الجمهورية قبل يوم من انتهاء مهلة الترشيح على أمل طرح الاتحاد الوطني مرشحاً آخر من قيادات الاتحاد يمكن أن يجعل زيباري يسحب ترشيحه بناء على اتفاق أولي بين الحزبين، فإن الاتحاد الوطني طلب في ربع الساعة الأخير من صالح الترشح لولاية ثانية.
وطبقاً للمعلومات المتسربة من داخل الغرف المغلقة بين الحزبين، فإن كليهما يحاول استثمار فرصة الأمر الولائي لإعادة ترتيب أوراقه، لكن مع شريكه في الإقليم لا شركائه في الوطن، وهم الشيعة والسنة. وفيما يراهن «الاتحاد الوطني» على كسر تفاهم الأغلبية بنجاح المباحثات الشيعية - الشيعية مما يعزز فرص صالح بالفوز بولاية ثانية، يجد «الديمقراطي» نفسه أمام معادلة أكثر صعوبة، حتى في حال بقاء تفاهم الأغلبية قائماً، لأنه سيكون في حالة مواجهة مع قوى الإطار التنسيقي.