تركيا تحذّر من «نفاد صبرها» تجاه الهجمات على حدودها مع سوريا

«قوات سوريا الديمقراطية» تتحدث عن «تنامي خطر داعش» في الحسكة

مخيم للنازحين قرب جسر الشغور بمحافظة إدلب يوم الخميس (أ.ف.ب)
مخيم للنازحين قرب جسر الشغور بمحافظة إدلب يوم الخميس (أ.ف.ب)
TT

تركيا تحذّر من «نفاد صبرها» تجاه الهجمات على حدودها مع سوريا

مخيم للنازحين قرب جسر الشغور بمحافظة إدلب يوم الخميس (أ.ف.ب)
مخيم للنازحين قرب جسر الشغور بمحافظة إدلب يوم الخميس (أ.ف.ب)

حذّر وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، من نفاد صبر بلاده تجاه الهجمات التي تستهدفها من داخل الأراضي السورية، مشيراً إلى أن القوات التركية تواصل عملياتها «الانتقامية» ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بعد التفجير الذي قُتل فيه 3 جنود أتراك في منطقة أكتشا قلعة جنوب تركيا على الحدود مع سوريا السبت قبل الماضي.
في الوقت ذاته، حذّرت «قوات سوريا الديمقراطية» مما وصفته بـ«التراخي الدولي» حيال نشاط شبكات إجرامية في مناطق خاضعة لسيطرة تركيا شمال سوريا، لافتة إلى أنها تتابع بدقة التقارير التي تتحدث عن نشاط بعض المجموعات العسكرية المؤيدة لتنظيم «داعش» الإرهابي.
وقال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إن القوات التركية قضت على 44 من عناصر الوحدات الكردية، رداً على مقتل 3 جنود على الحدود مع سوريا قبل أيام.
وأضاف أكار، في تصريحات حول التفجير الذي استهدف الجنود الأتراك، أن الجيش التركي أطلق عملية ضد الوحدات الكردية بعد «هجومها الغادر» الذي وقع السبت قبل الماضي، مشيراً إلى أن «عمليات العقاب أدت إلى القضاء على 44 منهم حتى الآن، وأن تركيا انتقمت وستنتقم لشهدائها». وتابع: «ننتظر من محاورينا في سوريا (روسيا والولايات المتحدة) الوفاء بمسؤولياتهم في إطار الاتفاقيات المبرمة»، محذراً من أن تركيا نفد صبرها من الهجمات التي تستهدفها من خارج الحدود.
في المقابل، حذّر تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» مما وصفه بـ«التراخي الدولي» حيال نشاط شبكات إجرامية في مناطق خاضعة لسيطرة تركيا شمال سوريا.
وقال المركز الإعلامي لـ«قسد»، في بيان، إن «قوات سوريا الديمقراطية تتابع بدقة التقارير الخطيرة التي تتحدث عن نشاط بعض المجموعات العسكرية المؤيدة لتنظيم داعش الإرهابي»، لافتاً إلى أن تلك الجماعات تعمل في منطقة رأس العين (ريف الحسكة)، التي تخضع لسيطرة تركيا وفصائل المعارضة السورية الموالية لها، منذ نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
وأضاف البيان أن تلك المجموعات، ومنها فصيل «أبو القعقاع»، تعمل كشبكات لتهريب البشر إلى تركيا وتستفيد من الأموال المحصلة في تمويل عمليات تنظيم «داعش». وحذّر من «التراخي الدولي» مع تلك الشبكات في المنطقة الخاضعة لسيطرة تركيا، لأن ذلك من شأنه أن يضاعف خطورة «داعش» ويعوق جهود مكافحة الإرهاب.
وكان التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية حول الإرهاب لعام 2020 صنّف تركيا على أنها «بلد عبور ومصدر للمقاتلين الإرهابيين الأجانب». ورغم أن تركيا جزء من التحالف ضد «داعش» و«المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب»، فإن التقرير الأميركي قال إنها مصدر وبلد عبور للمقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين يرغبون في الانضمام إلى التنظيم والجماعات الإرهابية الأخرى التي تقاتل في سوريا والعراق ومن يريدون مغادرة هذين البلدين.
ووصفت الخارجية التركية التقرير الصادر، الشهر الماضي، بأنه «منقوص ومنحاز»، معتبرة أن ما سمته «الادعاءات المتعلقة بالعمليات العسكرية التركية ضد الإرهاب في سوريا» لا يمكن قبولها أيضاً، لافتة إلى عدم وجود تفسير لتكرار هذه الادعاءات رغم رفضها سابقاً في مناسبات مختلفة.
واعتبر البيان أن عدم تطرق التقرير الأميركي إلى ما سماه «الأعمال الإرهابية لتنظيم وحدات حماية الشعب الكردية، ذراع حزب العمال الكردستاني المحظور في سوريا، ضد السوريين وخطواته الانفصالية ضد وحدة الأراضي السورية، أمر لافت للانتباه».
وذكر أن التقرير الأميركي لم يكن منصفاً في تقييمه لكفاح تركيا ضد التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«حزب العمال الكردستاني» و«حزب جبهة التحرير الشعبية الثوري»، وإسهاماتها في الجهود الدولية في هذا المجال. وأضاف البيان أنه من غير المقبول ألا يتضمن التقرير الهجمات الإرهابية التي تشنها الجماعات التابعة لـ«حزب العمال الكردستاني» ضد المدنيين في سوريا، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية، مضيفاً أن تلك الجماعات استهدفت المدنيين والمرافق المدنية، بما فيها المستشفيات، وأسفرت هجماتها عن مقتل أكثر من 120 شخصاً في غضون العام الأخير.
وتعتبر تركيا «الوحدات» الكردية تنظيماً إرهابياً، بينما تدعمها الولايات المتحدة باعتبارها الحليف الأوثق في الحرب التي شنها التحالف الدولي على تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال، في لقاء مع سفراء الدول الأوروبية في أنقرة، الخميس، إن عمليات تركيا العسكرية في سوريا قطعت الطريق أمام تحول هذا البلد إلى مركز لتصدير الإرهابيين إلى العالم، وأسهمت في إحلال الأمن والاستقرار.
واتهم الاتحاد الأوروبي بعدم تنفيذ برنامج القبول الإنساني الطوعي الذي يفتح باب الهجرة القانونية للسوريين، وبعدم دعم جهود تركيا في إنشاء المشاريع السكنية والبنية التحتية في المناطق المحررة من الإرهاب شمال سوريا من أجل تأمين العودة الطوعية للسوريين. وفي الإطار ذاته، بحث إردوغان التطورات في سوريا مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون. وذكرت الرئاسة التركية، في بيان، أن إردوغان وجونسون تناولا، في اتصال هاتفي ليل الجمعة - السبت، المستجدات الأخيرة في سوريا وأوكرانيا، والقضايا الإقليمية والعالمية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.