مقتل ممرض ومحاولة اغتيال طبيب في مخيم الهول

منظمات إنسانية تعلّق أعمالها الإغاثية... وشكوك في «خلايا داعش»

زوجة المسعف باسم محمد وابنه في مقبرة الحسكة بعد تشييعه أول من أمس (الشرق الأوسط)
زوجة المسعف باسم محمد وابنه في مقبرة الحسكة بعد تشييعه أول من أمس (الشرق الأوسط)
TT

مقتل ممرض ومحاولة اغتيال طبيب في مخيم الهول

زوجة المسعف باسم محمد وابنه في مقبرة الحسكة بعد تشييعه أول من أمس (الشرق الأوسط)
زوجة المسعف باسم محمد وابنه في مقبرة الحسكة بعد تشييعه أول من أمس (الشرق الأوسط)

استأنفت «منظمة الهلال الأحمر» الكردية الطبية أنشطتها في مخيم الهول بمحافظة الحسكة (شمال شرقي سوريا) بعد مقتل أحد مسعفيها وتعرض طبيب في منظمة دولية لمحاولة اغتيال، ما أدى إلى تعليق كثير من المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية أعمالها وجهودها الإغاثية في هذا المخيم الذي يضم عشرات آلاف النازحين بما في ذلك أسر مقاتلين في تنظيم «داعش».
وأعرب منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا عمران رضا، والمنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية مهند هادي، عن أسفهما بعد وفاة عامل إغاثة سوري إثر هجوم مسلح على نقطة داخل المخيم. كما علق الحساب الرسمي للسفارة الأميركية في سوريا على حادثة الاغتيال بالقول: «نشعر بحزن عميق جراء الهجمات الأخيرة ضد العاملين في مجال الرعاية الصحية في مخيم الهول في سوريا».
وشيعت منظمة «الهلال الأحمر» الكردية المسعف باسم محمد أول من أمس إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه بمدينة الحسكة شمال شرقي سوريا. وقُتل هذا الممرض داخل النقطة الطبية في مخيم الهول يوم الاثنين الماضي. واتهمت إدارة المنظمة وقوى الأمن الداخلي في مخيم الهول خلايا نشطة موالية لتنظيم «داعش» الإرهابي بارتكاب الجريمة.
وقال مصدر أمني مطلع على حادثة الاغتيال إن القاتل تواجد أمام باب نقطة الهلال الأحمر وادعى أنه على صلة بمريضة راجعت المستوصف ويريد لقاءها داخل المجمع، غير أن حراس النقطة شكوا بأمره فمنعوه من الدخول، ليأتي المسعف باسم ويطلب منه الكشف عن وجهه وإبراز أوراقه الشخصية التي تؤكد صحة معلوماته. وأوضح المصدر: «القاتل قال إن هناك نقطة طبية تابعة لمنظمة (كادوس) الدولية ملاصقة لنقطة الهلال يريد أن يعبر إليها من خلال ساحة مشتركة. وبعد تدخل باسم، حاول القاتل الهروب وأخرج سلاحه وأطلق الرصاص على رأس المغدور ولاذ بالفرار». وأشار إلى أن القاتل استخدم سلاحاً مزوداً بكاتم للصوت.
وبعد الحادثة، أخلى العاملون في الهلال الأحمر الكردي النقطة الطبية، وعلقوا الأنشطة الطبية والخيرية التي يقدمونها لقاطني المخيم.
وجاء ذلك في وقت تعرض طبيب إثيوبي الجنسية يدعى «آلاجي» ويعمل مع اللجنة الدولية الصليب الأحمر، لهجوم بآلة حادة في محاولة لاغتياله نفذها مجهول كان ملثماً داخل المستشفى الميداني المشترك مع منظمة الهلال الأحمر السورية.
وبعد مقتل المسعف باسم والهجوم على نقطة الصليب الأحمر ومحاولة قتل الطبيب الإثيوبي، سحبت اللجنة وعدد من المنظمات الدولية الإنسانية طواقمها وكوادرها من داخل مخيم الهول خشية حصول هجمات دموية أخرى، وقررت تعليق جهودها الإغاثية والإنسانية نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية.
وتشير إدارة المخيم وقوات «الأسايش» إلى ارتفاع حصيلة جرائم القتل داخل المخيم خلال العام الماضي وبداية العام الجاري. فقد شهد العام الفائت (2021) مقتل 128 شخصاً معظمهم كانوا لاجئين عراقيين ونازحين سوريين قُتلوا بأسلحة وأدوات حادة، أو خنقاً حتى الموت. كما وقعت 41 محاولة قتل أدت إلى إصابة المستهدفين. كذلك وقعت 13 حالة حرق عمداً. وتتهم قوى الأمن والإدارة الذاتية خلايا موالية لتنظيم «داعش» المتطرف بالوقوف وراء هذه الهجمات.
وأدت الهجمات المتزايدة على العاملين الصحيين في مخيم الهول إلى تعليق 13 منظمة محلية ودولية عملها داخل المخيم خوفاً على أمن موظفيها. ويعمل موظفون من أكثر من 50 منظمة إنسانية في مخيم الهول الذي يعد أكبر المخيمات على مستوى سوريا، ويضم أكثر من 55 ألف شخص معظمهم لاجئون عراقيون ونازحون سوريون. كما يضم المخيم قسماً خاصاً بعائلات وأسر مسلحي تنظيم «داعش» الإرهابي المحتجزين في سجون الإدارة الذاتية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
وعلقت أمس السفارة الأميركية في دمشق عبر منشور على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك»، على حادثة اغتيال باسم محمد بالقول: «نشعر بحزن عميق جراء الهجمات الأخيرة ضد العاملين في مجال الرعاية الصحية في مخيم الهول في سوريا». وتابعت: «ما نزال نشعر بالقلق إزاء العنف في مخيم الهول والتهديدات التي يتعرض لها سكان المخيم وعمال الإغاثة».
وفي بيان مشترك، قال عمران رضا منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة بدمشق ومهند هادي المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية: «هذا الهجوم المقيت هو تذكير بأن الوضع الأمني في شمال شرقي سوريا يظل غير مقبول». وعبر المسؤولان الأمميان نيابة عن المجتمع الإنساني بأسره بتعازيهما الخالصة لأسرة وأصدقاء وزملاء باسم محمد ودعواتهم لشفاء الطبيب الإثيوبي. واختتم البيان: «تظل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى ملتزمة في حشد وتسليم الدعم الاعتيادي والمنقذ للحياة للمخيم، ولكن يمكنها فعل ذلك على نحو فعال فقط إذا اتُخذت خطوات لمعالجة قضايا السلامة المستمرة». وشدد المسؤولان على أن المدنيين في الهول يحتاجون إلى حلول كريمة ومستنيرة ودائمة لنزوحهم.



العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
TT

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية، مشيراً إلى تقديرات أممية بأن الاقتصاد سيخسر 657 مليار دولار بحلول 2030 في حال استمرّت الحرب.

تصريحات العليمي جاءت في وقت اتَّهم فيه عضوُ مجلس القيادة الرئاسي، عثمان مجلي، الجماعةَ الحوثيةَ باستغلال موانئ الحديدة؛ لتهريب الأسلحة الإيرانية وتهديد الملاحة، وبرفض مساعي السلام، وذلك خلال لقائه في لندن وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأوضح العليمي، في كلمة بلاده أمام «المنتدى الحضري العالمي»، الذي تستضيفه مصر، أن الحكومة في بلاده «ماضية في جهودها للتغلب على ظروف الحرب المدمرة التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية العميلة للنظام الإيراني».

واستعرض خسائر بلاده جراء الحرب الحوثية التي أدت إلى دمار هائل في قطاعات البنى التحتية والخدمات الأساسية، وفي المقدمة الكهرباء، والطرق، وخطوط النقل والموانئ والمطارات، والجسور، والمصانع، والمنشآت التجارية.

وقال إن خسائر الاقتصاد والمدن الحضرية تتضاعف يوماً بعد يوم؛ جراء الحرب المفروضة على الشعب اليمني، محذراً من أن الخسائر سترتفع بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى 657 مليار دولار بحلول عام 2030 إذا استمرّت الحرب، ولم تستجب الميليشيات لنداء السلام، ومتطلبات استعادة مسار التنمية.

وبلغة الأرقام، أوضح العليمي أن التقديرات تشير إلى تضرر خدمات المدن والحواضر اليمنية بنسبة 49 في المائة من أصول قطاع الطاقة، و38 في المائة من قطاع المياه والصرف الصحي، فضلاً عن أضرار بالغة التكلفة في شبكة الطرق الداخلية، والأصول الخاصة بقطاع الاتصالات، بينما تضرر قطاع المساكن بشدة، وأُعيدت نحو 16 مدينة يمنية عقوداً إلى الوراء.

وتطرَّق رئيس مجلس الحكم اليمني إلى التحديات البنيوية والتمويلية المعقدة التي تواجه الحكومة اليمنية إزاء المتغيرات المناخية التي ضاعفت من أعباء التدخلات الطارئة، وتباطؤ إنفاذ خطط التنمية الحضرية على مختلف المستويات.

التطرف المناخي كبَّد اليمن خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية (إعلام محلي)

وقال العليمي: «إن الأعاصير القوية التي شهدها اليمن خلال السنوات الأخيرة تسببت بدمار واسع النطاق، بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية ومنازل المواطنين».

وأشار إلى أنه بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2024 خلّفت الفيضانات المفاجئة عشرات الضحايا، وأكثر من 100 ألف نازح، وخسائر في البنى التحتية والحيازات الزراعية قُدِّرت بنحو 350 مليون دولار.

وثمَّن العليمي، في كلمته، الدور السعودي والإماراتي والمصري، وباقي دول «تحالف دعم الشرعية»، في الحد من وطأة الحرب على الشعب اليمني، ومنع انهيار شامل لمؤسساته الوطنية.

من جانبه، جدَّد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، اتهامات بلاده لإيران بدعم الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات. وقال إن الجماعة هي التي ترفض السلام، كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن توقف معركة تحرير الحديدة.

وبحسب الإعلام الرسمي، التقى مجلي في لندن، الثلاثاء، في وزارة الخارجية البريطانية، وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي مع وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

وأوضح مجلي للوزير البريطاني أن السلام مطلب الشعب اليمني الذي يعاني ويلات الانقلاب الحوثي. وقال: «لأجل السلام ذهبنا إلى المشاورات كافة، بدءاً من (جنيف1) و(جنيف2)، ومشاورات الكويت، واستوكهولم، وظهران الجنوب في السعودية».

وأكد أن الحكومة في بلاده تدعم كل الدعوات التي تحقق سلاماً عادلاً وشاملاً في اليمن وفق القرارات الدولية، بما يحقن الدماء ويصون حقوق اليمنيين في العيش بسلام.

وقال مجلي إن الدور الإيراني التخريبي امتدّ ضرره إلى الإقليم والعالم من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتمكين الجماعة من تهديد السفن التجارية في البحرَين الأحمر والعربي، وإعاقة تدفق سلاسل الغذاء، وإحداث أزمة عالمية.

وأشار مجلي إلى انتهاكات الحوثيين التي امتدت إلى العاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية، وموظفي السفارات الذين تمارس الجماعة ضدهم أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي، غير آبهة بالتحذيرات والدعوات التي تطلقها السفارات والمنظمات الدولية لسرعة الإفراج عنهم.

واتهم الحوثيين بإعاقة كل صفقات تبادل الأسرى التي ترعاها الأمم المتحدة والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ. وقال: «الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة الذي استخدمه الحوثيون سابقاً ويستخدمونه حالياً لأغراض غير إنسانية وتهريب الأسلحة، وتحويله إلى غرفة عمليات لمهاجمة السفن، وتعطيل حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

عضو مجلس القيادة اليمني عثمان مجلي اتهم إيران بدعم الحوثيين لتهديد المنطقة (سبأ)

وأثنى عضو مجلس القيادة اليمني على الدور السعودي والإماراتي في بلاده، وقال إنه كان ذا أثر ملموس في التخفيف من معاناة اليمنيين من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والطارئة ودعم الاقتصاد والعملة الوطنية.

ونسب الإعلام اليمني الرسمي إلى الوزير البريطاني أنه أكد حرص بلاده «على المضي في العمل مع الشركاء الدوليين ودول الجوار والمنطقة؛ لمكافحة الإرهاب وتأمين خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والالتزام بتحقيق سلام مستدام في اليمن، ودعم جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي».