عندما يربي الآباء أبناءهم على الكراهية والتطرف!

مشكلة تشغل بال السلطات الأمنية الألمانية في مكافحتها الأعمال الإرهابية

إحدى المتهمات بالانتماء إلى منظمة إرهابية خلال محاكمتها الخميس الماضي في هامبورغ. يقال إن الأم زارت سوريا عام 2016 مع ابنها الذي قُتل بعد سنتين في انفجار إرهابي (إ.ب.أ)
إحدى المتهمات بالانتماء إلى منظمة إرهابية خلال محاكمتها الخميس الماضي في هامبورغ. يقال إن الأم زارت سوريا عام 2016 مع ابنها الذي قُتل بعد سنتين في انفجار إرهابي (إ.ب.أ)
TT

عندما يربي الآباء أبناءهم على الكراهية والتطرف!

إحدى المتهمات بالانتماء إلى منظمة إرهابية خلال محاكمتها الخميس الماضي في هامبورغ. يقال إن الأم زارت سوريا عام 2016 مع ابنها الذي قُتل بعد سنتين في انفجار إرهابي (إ.ب.أ)
إحدى المتهمات بالانتماء إلى منظمة إرهابية خلال محاكمتها الخميس الماضي في هامبورغ. يقال إن الأم زارت سوريا عام 2016 مع ابنها الذي قُتل بعد سنتين في انفجار إرهابي (إ.ب.أ)

من تربى وهو طفل على كره «الكفار» المزعومين، لا يمكنه التخلص بسهولة من الآيديولوجيات المتطرفة لاحقاً. فقد سلط القبض على شاب (20 عاماً)، مشتبه في صلته بالإرهاب في مدينة هامبورغ الألمانية، والذي تم الإعلان عنه مؤخراً، الضوء على مشكلة تشغل بال السلطات الأمنية والخبراء في مكافحة التطرف، والتي تتعلق أيضاً بأطفال النساء العائدات من المناطق التي سيطر عليها في السابق تنظيم «داعش».
تشتبه السلطات الألمانية في أن هذا الشاب -وهو نجل إسلامي متطرف معروف- قد أعد لشن هجوم في ألمانيا، وأنه حاول شراء مسدس وذخيرة وقنبلة يدوية. وأثناء تفتيش منزل لأحد أقاربه كان يستخدمه، وجد المحققون مواد كيميائية تستخدم في صنع عبوة ناسفة.
كان المواطن الألماني- المغربي الذي اعتُقل في أغسطس (آب) الماضي، على تواصل -كما تبين للسلطات- مع أوساط تميل للعنف منذ سن مبكرة. والده الذي غادر إلى المغرب في عام 2016، كان يتردد في الماضي على مسجد «القدس» في هامبورغ، والذي تم إغلاقه لاحقاً، وأصبح فيما بعد أحد زوار مسجد «التقوى». كان الأب على معرفة جيدة بمنير المتصدق، وهو عضو فيما يعرف باسم «خلية هامبورغ» التي كان من بينها الطيار الانتحاري محمد عطا، الذي قاد إحدى الطائرات التي اصطدمت بمركز التجارة العالمي في نيويورك عام 2001. وكانت المحكمة الإقليمية العليا في هامبورغ قد حكمت على المتصدق بالسجن 15 عاماً، بتهمة المساعدة في القتل في 246 حالة على الأقل، والانتماء إلى تنظيم إرهابي. وتم ترحيل المتصدق إلى المغرب في عام 2019، قبل أسابيع قليلة من انتهاء فترة سجنه الاعتيادية.
بالنسبة لـ«ص. س» التي طعنت شرطياً في محطة القطارات الرئيسية بمدينة هانوفر بسكين مطبخ في بداية عام 2016، وكانت في ذلك الوقت تبلغ من العمر 15 عاماً، من المعروف أنه كان يتم إرسالها عندما كانت طفلة إلى مسجد يهيمن عليه سلفيون لتلقي دروس إسلامية. وحكمت المحكمة الإقليمية العليا في مدينة تسيله الألمانية على الفتاة بالسجن 6 سنوات، بتهمة الشروع في القتل، مع التسبب في إصابات جسدية خطيرة، ودعم تنظيم إرهابي أجنبي. ورفضت المحكمة الاتحادية استئنافاً ضد القرار في 2018.
ولا يتضح دائماً إلى أي مدى كان للوالدين دور في تطرف أبنائهم. تقول مصادر أمنية إن «هذا شيء معروف في حالات فردية». ومن المحتمل أن يلقي الخبراء الذين يتعاملون بشكل مكثف مع السير الذاتية للمشتبه في صلتهم بالإرهاب، نظرة فاحصة على حياة الشاب الهامبورغي المحتجز الآن.
على أي حال، من المعروف أن المعتقل عاد في خريف 2020 بغرض الدراسة في ألمانيا على الأرجح، إلا أنه لم يجتز الدورة التحضيرية. ورغم ذلك لا يُستبعد مطلقاً أن يبتعد أبناء سلفيين متطرفين عن آيديولوجية آبائهم، ويتضح ذلك على سبيل المثال في الحالة غير العادية لألماني كان والده الفلسطيني عضواً في مجلس إدارة «دائرة هيلدسهايم الإسلامية الناطقة بالألمانية»، والتي تم حظرها في عام 2017. وقدم ابن الفلسطيني لجهاز المخابرات الأردني معلومات عن المسجد الذي يرتاده أنصار «داعش»، كما جاء في تحقيق الوكالة الألمانية، وتبين لدى المحكمة الإقليمية العليا في ولاية تورينجن لاحقاً. وفي عام 2019 حُكم على الابن الذي كان يبلغ في ذلك الحين 34 عاماً، بالسجن مع وقف التنفيذ بتهمة ممارسة أنشطة استخباراتية.
لا توجد في ألمانيا مراقبة منهجية لأطفال الإسلاميين المتطرفين الذين تصنفهم السلطات على سبيل المثال على أنهم خطيرون أمنياً. ولا يراقب مكتب حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) أنشطة أبناء هؤلاء السلفيين، إلا إذا لفتوا هم أنفسهم نظر السلطات إليهم. وحتى في هذه الحالة، فإن قدرة جهاز الاستخبارات الداخلية على تخزين المعلومات محدودة للغاية، حال كانت هذه المعلومات تخص قاصرين. ويُشترط للقيام بذلك وجود «أدلة فعلية» على أن الشخص القاصر خطط لجريمة خطيرة للغاية، مثل تعريض الدولة الدستورية الديمقراطية للخطر.
بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن العثور على المعلومات المتعلقة بالمتطرفين المشتبه بهم من هذه الفئة العمرية خلال إجراء استعلام عادي لقاعدة البيانات. هذا يعني أنه يجب على موظفي الاستخبارات الداخلية أن يعرفوا بالفعل هذه المعلومات، وأين تم تخزينها. وبالنسبة للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاماً، تُطبق أيضاً مهلات خاصة لحذف البيانات عند تخزينها.
وفي عام 2016 خفضت الحكومة الألمانية الحد الأقصى لعمر الأفراد المسموح بتخزين بياناتهم من 16 إلى 14 عاماً. وعقب 3 سنوات، أراد وزير الداخلية الألماني آنذاك المنتمي للتحالف المسيحي، هورست زيهوفر، إلغاء الحد الأقصى بالكامل، إلا أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك الأصغر في الائتلاف الحاكم في ذلك الحين، عارض الأمر. يقول معارضو خفض الحد الأدنى للسن: إن أي شخص يصبح محط أنظار مكتب حماية الدستور، بسبب تلقينه عقيدة والديه، أو انحرافاته في طفولته، لا ينبغي أن يتعرض لأي مساوئ لاحقاً، على سبيل المثال أمام السلطات المعنية بشؤون الأجانب، أو عند التقدم لوظيفة تتطلب مراجعة أمنية. ومع ذلك ترى السلطات أن محاولة إلغاء الحد الأقصى للعمر المسموح به عند تخزين البيانات كانت مبررة وضرورية، وذلك في ضوء العودة المتوقعة في ذلك الحين للأطفال الذين انضم «آباؤهم المتطرفون» إلى «داعش» في العراق أو سوريا. وقد شهد بعضهم أعمالاً وحشية بأنفسهم. وتعرض بعضهم للتلقين العقائدي السلفي في مخيمات اللاجئين، حتى بعد طرد الإرهابيين.
وبحسب بيانات الحكومة الألمانية، تم إحضار 12 أُماً و42 طفلاً -من بينهم بعض الأيتام- إلى ألمانيا، من مخيمات في شمال شرقي سوريا، خلال الفترة من أغسطس 2019 حتى أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وعاد أنصار سابقون آخرون لـ«داعش» إلى ألمانيا مع أطفالهم بطرق أخرى.


مقالات ذات صلة

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عبد القادر مؤمن

كيف أصبح ممول صومالي غامض الرجل الأقوى في تنظيم «داعش»؟

يرجّح بأن الزعيم الصومالي لتنظيم «داعش» عبد القادر مؤمن صاحب اللحية برتقالية اللون المصبوغة بالحناء بات الرجل الأقوى في التنظيم

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا سائقو الشاحنات يتجمعون بجوار شاحنات إمدادات المساعدات المتوقفة على جانب الطريق في هانجو يوم 4 يناير 2025 بعد أن نصب مسلحون كميناً لقافلة مساعدات باكستانية (أ.ف.ب)

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

لقي 6 أشخاص مصرعهم، وأصيب أكثر من أربعين بجروح، جراء هجوم انتحاري استهدف موكباً لقوات الأمن في منطقة تُربت، بإقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)

منفذ هجوم الدهس في نيو أورليانز امتلك مواد تستخدم لصنع قنابل

أفاد مسؤولون في أجهزة الأمن بأن الرجل الذي صدم حشدا من المحتفلين برأس السنة في نيو أورليانز كان يمتلك في منزله مواد يشتبه في استخدامها لصنع قنابل.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز)
أفريقيا وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة.

كمال بن يونس (تونس)

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
TT

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)

عيّن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، اليوم (الاثنين)، أول امرأة لقيادة إحدى الدوائر الرئيسية في الفاتيكان، وهي راهبة إيطالية ستتولى مسؤولية المكتب الذي يشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم.

وستتولّى الأخت سيمونا برامبيلا (59 عاماً) رئاسة مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية في الفاتيكان. وستحل محل الكاردينال جواو براز دي أفيز، وهو برازيلي تولّى المنصب منذ عام 2011، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

البابا فرنسيس يترأس صلاة التبشير الملائكي في يوم عيد الغطاس من نافذة مكتبه المطل على كاتدرائية القديس بطرس في دولة الفاتيكان 6 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ورفع البابا فرنسيس النساء إلى أدوار قيادية بالفاتيكان خلال بابويته المستمرة منذ 11 عاماً؛ إذ عيّن مجموعة من النساء في المناصب الثانية في تسلسل القيادة بدوائر مختلفة.

وتم تعيين برامبيلا «عميدة» لمجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، وهو الكيان السيادي المعترف به دولياً الذي يُشرف على الكنيسة الكاثوليكية العالمية.