الصين تشتري الأصول الأوروبية خلسة

تخفي مشاركة الشركات المملوكة للحزب الشيوعي في الاستثمارات

TT

الصين تشتري الأصول الأوروبية خلسة

دأبت الصين منذ أكثر من عشر سنوات، دون أن تلفت الأنظار، على شراء الشركات الأوروبية في قطاعات استراتيجية، لا سيما في مجالي التكنولوجيا والطاقة. ويبدو أن الصين تستغل هذه الأصول الأوروبية للمساعدة في تحقيق طموحات الحزب الشيوعي الصيني في أن تصبح الصين قوة عالمية، مستقلة تكنولوجياً عن الغرب، وأن يزيح الولايات المتحدة في نهاية المطاف لتصبح الصين القوة العظمى الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية في العالم.
وتقول جوديث بيرجمان، المحامية والمحللة السياسية، في تقرير نشره معهد جيتستون الأميركي، إن الصين تفرض السرية على مشترياتها الأوروبية بالعمل على أن تبدو ظاهرياً مجرد استثمارات تجارية. وتخفي الصين مشاركة الشركات المملوكة للدولة في الاستثمارات خلف «طبقات من الملكية، وهيكل المساهمة المعقدة والصفقات التي يتم إبرامها عن طريق شركات أوروبية تابعة لها»، كما توضح شركة «داتينا» الهولندية، التي تراقب الاستثمارات الصينية في أوروبا.
وذكرت شركة «داتينا» أن نحو 40 في المائة من الاستثمارات الصينية، التي بلغت 650 استثماراً في أوروبا في الفترة من 2010 حتى 2020، «شكلت مشاركة على مستوى مرتفع أو متوسط من جانب شركات تملكها أو تهيمن عليها الدولة، من بينها بعض الشركات التي تعمل في مجال التكنولوحيات المتقدمة».
وتقول بيرجمان، وهي إحدى كبار زملاء معهد جيتستون، إنه، على سبيل المثال، عندما استحوذ الصينيون على شركة «ألبي أفييشن» الإيطالية المتخصصة في صناعة الطائرات المسيرة، كان السلاح الجوي الإيطالي قد كشف بالفعل عن الأهمية الاستراتيجية لطائرات شركة «ألبي»، عبر استخدامها في أفغانستان. وفي عام 2008، اشترت شركة «مارس تكنولوجي»، المسجلة في هونغ كونغ 75 في المائة من أسهم «ألبي أفييشن». ولم تكن السلطات الإيطالية تعلم شيئاً عن الصفقة، وكشفت الحقيقة عنها فقط في عام 2021، وفتحت تحقيقاً في الأمر. واكتشفت السلطات الإيطالية أن «مارس تكنولوجي» هي مجرد شركة واجهة، تمكن التوصل إلى أنها خاصة بشركتين مملوكتين للدولة الصينية. وإحدى هذه الشركات هي شركة «ريلواي رولينغ ستوك»، أكبر مورد في العالم لمستلزمات السكك الحديدية. ويبدو أن الغرض من الاستحواذ كان امتلاك الدولة الصينية لتكنولوجيا طائرات «ألبي» المسيرة، التي بدأ الصينيون بعد الصفقة مباشرة في تحويلها لبلادهم. ويقول جاب فان إيتين، الرئيس التنفيذي لشركة «داتينا»، إن ما حدث هو الأمر المعتاد: فهذه هي استراتيجية الدولة الصينية، التي تعززها الحكومة الصينية. وتقول بيرجمان إن الصينيين استحوذوا في الآونة الأخيرة على شركة «وافر فاب»، أكبر شركة في المملكة المتحدة متخصصة في إنتاج أشباه الموصلات، المعروفة بالرقائق الإلكترونية، والضرورية في صناعة الإلكترونيات، ابتداء من الهواتف الذكية إلى الأسلحة ذات التكنولوجية العالية.
وكشفت المحكمة الأوروبية لمراجعي الحسابات، وهي إحدى مؤسسات الاتحاد الأوروبي التي تراقب التصرفات المالية في الاتحاد، أن معرفة عامة للاستثمارات الصينية في دول الاتحاد الأوروبي أمر صعب بسبب الافتقار للبيانات الشاملة؛ ويبدو أنه لا يسجلها أحد. وأوضحت بيرجمان أنه يبدو أيضاً عدم توفر أنظمة ملائمة لمنع أي استثمارات أجنبية على أساس مخاوف الأمن القومي، أو ببساطة لأنه لا يتم استحدام مثل هذه الأنظمة بشكل كافٍ. وهناك 18 دولة أوروبية فقط - من بينها ألمانيا، وفرنسا، وإسبانيا - أدخلت أو قامت بتحديث آليات وطنية لمراقبة الاستثمارات الأجنبية، لكن من الواضح أنه لا يتم استخدامها بصورة دائمة. وعلى سبيل المثال، استخدمت إيطاليا آلياتها أربع مرات فقط - منها مرتان خلال الشهور التسعة الماضية. ووفقاً لشركة «داتينا»، تعد آلية إسبانيا لمراقبة الاستثمارات «من أشد الأطر صرامة داخل أوروبا». ورغم ذلك، لا تزال الصين تحقق نجاحاً كبيراً في اقتحام قطاع الطاقة والقطاع النووي بإسبانيا. وفي عام 2020، استحوذت مجموعة الطاقة الصينية للتخطيط والتصميم على شركتين؛ هما «إمبريسساريو أجروبادوس» و«غيسا»، وهما تصممان وتشيدان المحطات النووية. وهذه الشركة الصينية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً عن طريق شركتها الرئيسية، مجموعة هندسة الطاقة الصينية، بلجنة مراقبة وإدارة الأصول التابعة لمجلس الدولة، وهو كيان تابع للحكومة الصينية. ويمتلك هذا الكيان 100 في المائة تقريباً من أسهم مجموعة هندسة الطاقة الهندسية - الشركة الصينية الأم للشركة التي استحوذت على الشركتين الإسبانيتين. وتردد أن هذه العملية كانت من كبرى عمليات الاستحواذ الصينية على شركات إسبانية رئيسية. وبالإضافة إلى ذلك، تردد في عام 2020 أيضاً أن شركة الخوانق الثلاثة الصينية، العملاقة في مجال الطاقة والمرافق والمملوكة للدولة الصينية وافقت على شراء 13 من محطات الطاقة الشمسية الإسبانية. ومن الواضح أن «أشد أطر المراقبة صرامة» لا تقوم بإيقاف الصين عن الاستحواذ. واختتمت بيرجمان تقريرها بالقول إن ما يبدو مطلوباً الآن على وجه السرعة في أوروبا هو تفهم أعمق للتهديد الذي تمثله الصين، وللإرادة السياسية للعمل من أجل مواجهة هذا التهديد. وهناك حاجة إلى تحرك عاجل لمنع الاستثمارات التي تقدم الأصول الاستراتيجية في أوروبا على طبق من فضة للشركات المملوكة للصين، والتي يستخدمها الحزب الشيوعي الصيني بعد ذلك لتعزيز أهدافه التوسعية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».