إثيوبيا تمهد لملء ثالث لـ«سد النهضة» ومصر تتمسك بـ«اتفاق قانوني»

«الري» المصرية لتأهيل المساقي واستخدام النظم الحديثة في الزراعة (الحكومة المصرية)
«الري» المصرية لتأهيل المساقي واستخدام النظم الحديثة في الزراعة (الحكومة المصرية)
TT

إثيوبيا تمهد لملء ثالث لـ«سد النهضة» ومصر تتمسك بـ«اتفاق قانوني»

«الري» المصرية لتأهيل المساقي واستخدام النظم الحديثة في الزراعة (الحكومة المصرية)
«الري» المصرية لتأهيل المساقي واستخدام النظم الحديثة في الزراعة (الحكومة المصرية)

فيما وصفه مراقبون بأنه «يعد استكمالاً لسياسة فرض الأمر الواقع من قبل أديس أبابا بشأن أزمة (سد النهضة)»، تُمهد إثيوبيا لملء ثالث لـ«السد» الذي تشيده على النيل الأزرق. في وقت تتمسك مصر بـ«ضرورة التوصل إلى اتفاق (قانوني) بشأن ملء وتشغيل (السد)». في غضون ذلك، تتحدث أديس أبابا عن «تواصل المفاوضات الثلاثية مع مصر والسودان بشأن (القضايا العالقة)». وتخشى دولتا مصب نهر النيل (مصر والسودان)، من تأثير «السد» سلبياً على إمداداتهما من المياه، وكذا تأثيرات بيئية واجتماعية أخرى، منها احتمالية انهياره. وتتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا بشكل متقطع منذ أكثر من 10 سنوات، دون نتيجة؛ على أمل الوصول إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل «السد»... وكانت آخر جلسة للمفاوضات بين الدول الثلاث في أبريل (نيسان) الماضي. وأعلنت إثيوبيا «اعتزامها إزالة 17 ألف هكتار من الغابات خلال فبراير (شباط) المقبل؛ تمهيداً للملء الثالث لبحيرة (سد النهضة)». ووفق إفادة لـ«رويترز» مساء أول من أمس، فإن «الإعلان عن هذه الخطوة، تم خلال اجتماع ضم وزيرة الري الإثيوبية عائشة محمد، وجومز الشاذلي حسن حاكم إقليم بني شنقول، ومسؤولين من الحكومة الفيدرالية الإثيوبية»... وكانت السلطات الإثيوبية قد قامت بإزالة غابات بمساحة 4854 هكتاراً من الأراضي قبيل عملية الملء الثاني لـ«السد» في يوليو (تموز) الماضي. وقال السفير علي الحفني، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الأفريقية، إن «إثيوبيا ما زالت مستمرة في سياستها القديمة تجاه أزمة (السد)، وما زالت تتمسك بمواقفها التي تؤكد مدى (التعنت) و(عدم المرونة)، وهو أمر غير مستغرب منها». وأضاف الحفني في تعليقه لـ«الشرق الأوسط» على «اعتزام أديس أبابا الملء الثالث»، «كُنا نأمل أن تظهر أديس أبابا انفتاحاً على دولتي المصب، وتتجاوب مع الجهود الدولية، وتساهم في التوصل لاتفاق يساهم في تحقيق التكامل بين الدول، خاصة أن مصر أعلنت كثيراً استعدادها مساعدة الدول الأفريقية لتحقيق التنمية». وتتمسك القاهرة بـ«اتفاق قانوني» حول «السد». وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن «بلاده حريصة على التوصل لاتفاق (قانوني ملزم وشامل) بشأن ملء وتشغيل (السد)». وأوضح السيسي في تصريحات على هامش «منتدى شباب العالم» مساء الأربعاء، أن «مصر مستعدة للتعاون مع دول حوض النيل فيما يخص مياه النهر، بما يخدم الجميع ويراعي مصالحهم». ووجّه حديثه إلى الإثيوبيين قائلاً «ننظر لكم بإيجابية، ومستعدون للتعاون معكم من أجل الرخاء، لكن بشرط أن يكون للجميع». التمهيد الإثيوبي بشأن الملء الثالث، جاء عقب إفادة لوزارة الخارجية الإثيوبية، أول من أمس (الخميس)، بأن «أديس أبابا سوف تبدأ قريباً في إنتاج الطاقة من (السد)». ووفق متحدث «الخارجية الإثيوبية» دينا مفتي، فإن «إنتاج الطاقة من (السد) لا يعني توقف المفاوضات الثلاثية بشأن (القضايا العالقة)»، مضيفاً أن «المفاوضات سوف تتواصل للتوصل إلى (حل مربح) للجميع». من جهته، أكد السفير الحفني «أتمنى أن تكون أديس أبابا تقصد فعلاً الإشارة إلى تحقيق التوافق، وأن تسارع إلى العودة للمفاوضات»، مضيفاً «نعول على الجهد الأفريقي والدولي لاستئناف جولات المفاوضات لحل الخلافات والتوصل لاتفاق حول النزاع». وقبل أيام عقدت الحكومة الإثيوبية برئاسة رئيس الوزراء آبي أحمد، اجتماع لها بموقع السد (على النيل الأزرق في منطقة بنيشنقول - قماز شرقاً)، في إطار إجراء تقييم لجميع الوزارات والمؤسسات الحكومية. وسبق أن أعلنت الحكومة الإثيوبية، عزمها «قريباً» الإعلان عن إنتاج أول طاقة كهربائية من «السد»، الذي يقام منذ 2011، وبلغ فيه نسبة البناء 82 في المائة. ويتوقع أن «ينتج (السد) الكهرباء بطاقة إنتاجية قدرها 700 ميغاواط من توربينتين تغطي 20 في المائة من احتياجات البلاد من الكهرباء». لكنه يواجه باعتراض مصري - سوداني، بسبب مخاوف دولتي مصب نهر النيل، من نقص المياه.
وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، اعتمد مجلس الأمن الدولي بياناً رئاسياً يشجع الدول الثلاث على استئناف المفاوضات، برعاية الاتحاد الأفريقي؛ بهدف الوصول إلى اتفاق مُلزم «خلال فترة زمنية معقولة». وقال الحفني «نأمل في جهد مؤكد، وتحرك معزز من قبل المراقبين الدوليين، والولايات المتحدة الأميركية، في اتجاه دفع الأطراف إلى مائدة المفاوضات، وبذل الجهود من قبل أديس أبابا للتوصل إلى «(اتفاق قانوني)».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.