قصف يعطل إجلاء المدنيين من حمص.. والائتلاف يحذر من فخ

تبادل الاتهامات بين المعارضة والنظام.. ومقتل 20 في حلب بالبراميل المتفجرة

سوري يجلس قرب متاعه استعدادا للرحيل بعد قصف بالبراميل المتفجرة على حي دارة عواد في حلب أمس (رويترز)
سوري يجلس قرب متاعه استعدادا للرحيل بعد قصف بالبراميل المتفجرة على حي دارة عواد في حلب أمس (رويترز)
TT

قصف يعطل إجلاء المدنيين من حمص.. والائتلاف يحذر من فخ

سوري يجلس قرب متاعه استعدادا للرحيل بعد قصف بالبراميل المتفجرة على حي دارة عواد في حلب أمس (رويترز)
سوري يجلس قرب متاعه استعدادا للرحيل بعد قصف بالبراميل المتفجرة على حي دارة عواد في حلب أمس (رويترز)

تعثرت إجراءات تطبيق اتفاق الهدنة لإجلاء مدنيين وتسليم مساعدات للمحاصرين في أحياء حمص القديمة أمس، إثر إطلاق قذائف هاون قرب المكان الذي تجرى فيه المفاوضات بشأن عملية الإجلاء وإيصال المساعدات. وتبادل النظام والمعارضة الاتهامات في المسؤولية عن إطلاق تلك القذائف.
واتهمت مصادر معارضة نظام الرئيس السوري بشار الأسد بإطلاق القذائف وتعطيل اتفاق الهدنة، بينما نقلت الوكالة السورية «سانا» عن محافظ حمص طلال البرازي تأكيده أن «المجموعات الإرهابية المسلحة هي من خرق الهدنة في مدينة حمص القديمة عبر إطلاق قذائف هاون على مبنى قيادة الشرطة في منطقة الساعة القديمة».
وخرجت أمس دفعة ثانية من المدنيين المحاصرين بأحياء حمص القديمة وسط سوريا قبل أن تتوقف العملية بسبب تعرض هذه الأحياء لقصف.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر معارضة أن 40 شخصا بينهم نساء وأطفال والكثير من المسنين خرجوا من تلك الأحياء في إطار تطبيق اتفاق الهدنة، بحماية سيارات الأمم المتحدة، قبل وقف العملية «بسبب استهداف قوات النظام لهذه الأحياء المحاصرة بقذائف هاون».
لكن الناشط الحقوقي عبيدة فارس قال لـ«الشرق الأوسط» إن «القذائف وقعت في الطرف الغربي لحمص القديمة»، مؤكدا «صعوبة تحديد الجهة التي أطلقتها نظرا للمساحات الشاسعة المحيطة بالمنطقة».
وأوضح فارس أن «القيام بهذه الأعمال هدفها التخويف فقط ولا يمكنها تعطيل عملية الإجلاء». ولفت إلى أن «المشكلة هي في الحصار ليس بالمحاصرين، وما يحصل سيعطي ذريعة للنظام لتهديم المدينة بعد أن تكون فرغت من سكانها».
وسمعت خمسة انفجارات في الساعة الثامنة والنصف (6:30 ت غ) صباح أمس في الأحياء المحاصرة، كما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.
والاتفاق الذي أبرم بين النظام والمعارضة والأمم المتحدة بعد مفاوضات استغرقت أشهرا، ينص مع ذلك على وقف لإطلاق النار يستمر ثلاثة أيام على الأقل لإجلاء النساء والأطفال والمسنين الذين يرغبون في الخروج وإرسال مساعدات عاجلة إلى الآخرين ابتداء من صباح أمس.
وفي منتصف النهار، أعلن الهلال الأحمر السوري على «تويتر» أن الشاحنات باتت تنتظر فقط إشارة الانطلاق لنقل حمولتها إلى حمص القديمة.
وقالت الأمم المتحدة إنها «مساعدات عاجلة لـ2500 شخص من مواد غذائية ومعدات طبية وصحية وفرش وأغطية ودعم لوجيستي ومبالغ نقدية لمواجهة الاحتياجات الفورية للذين اختاروا البقاء في المنطقة أو مغادرتها على حد سواء».
وأجلي الجمعة 83 شخصا من نساء وأطفال ومسنين. وبث ناشطون على موقع «يوتيوب» شريطا قالوا إنه «يظهر لقاء مسن خرج من حمص القديمة، بابنه في حي باب السباع. ويظهر في الشريط الرجل المسن وقد لف بغطاء رمادي اللون وارتدى معطفا أسود، يعانق شابا ملتحيا بدت الضحكة عريضة على وجهه، وسط جمع من الأشخاص».
من جهته، عرض التلفزيون السوري الرسمي لقطات لوصول حافلتين إلى الأحياء المحاصرة مشيرا إلى أن الخارجين تلقوا مساعدة طبية وتناولوا الطعام بعيد وصولهم إلى نقطة التجمع، قبل أن ينقلوا إلى مناطق أخرى بحسب رغبتهم.
وقال مساعد المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق إن «الأشخاص الذين أجلوا نقلوا إلى أمكنة اختاروها بمواكبة الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري». ولم يتمكن الصحافيون من الاقتراب من الحافلات أو التحدث إلى المدنيين.
وقال الناشط المعارض يزن لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الناس الذي يخرجون لديهم مشاعر متضاربة. طبعا هم سعيدون لأن الكابوس انتهى بعد 600 يوم من الحصار»، إلا أنهم في الوقت نفسه «خائفون من المستقبل، خائفون من أن يتعرضوا للتوقيف على يد النظام»، وأضاف «لا أحد يثق بالنظام».
من جهته، حذر الائتلاف الوطني السوري المعارض من أن «تكون الموافقة على إجلاء بعض المدنيين من الأحياء القديمة في حمص مقدمة لتدمير تلك الأحياء فوق رؤوس الباقين فيها، من قبل القوات النظامية».
وأوضح الائتلاف في بيان أنه «ينظر إلى الاتفاق الأخير المتعلق بالحصار المفروض على حمص كاستجابة جزئية وغير كافية للالتزامات القانونية الدولية ومطالب الأهالي المحاصرين في حمص، وهو دون أدنى شك لا يلبي احتياجاتهم ولا يحقق مطالب الائتلاف المقدم باسم أهالي حمص والشعب السوري لرفع الحصار عن الأحياء القديمة بشكل كامل، وباقي المناطق السورية المحاصرة».
ودعا «الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى التعامل مع الجذور الحقيقية لما يواجه المواطنين السوريين من عنت نتيجة تجاوز النظام لحدود القانون السوري والالتزامات الدولية، وإلى تجنب الوقوع في فخ تمكين النظام من تحقيق استراتيجيته في تهجير أهالي المدن السورية، وإعادة ترتيب البنية السكانية، في خرق فاضح للقانون الدولي».
ميدانيا، قتل 20 مدنيا بينهم طفلان وامرأة في قصف جديد شنه الطيران المروحي التابع للقوات النظامية السورية أمس على مدينة حلب في شمال سوريا، بحسب ما ذكر المرصد السوري.
وقال المرصد إن «15 مواطنا بينهم طفل وسيدة قضوا جراء قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق في أحياء الكلاسة ومساكن هنانو ودوار الحيدرية». وأضاف «أن قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة لمناطق حي الفردوس أدى لاستشهاد خمسة مواطنين بينهم طفل».
كما قصف الطيران المروحي مناطق متفرقة في ريف حلب الشرقي، ما أدى لسقوط جرحى، بحسب المرصد.
وفي ريف دمشق، ألقت المروحيات براميل متفجرة على مدينة داريا الخاضعة للحصار منذ أكثر من عام وتعد معقلا لمقاتلي المعارضة جنوب غربي العاصمة، بحسب المرصد. وفي شرق البلاد، شنت جبهة النصرة وكتائب معارضة بينها حركة أحرار الشام هجوما جديدا في دير الزور على مقاتلي «دولة الإسلام في العراق والشام» واستعادت السيطرة على منطقة المطاحن وصوامع الحبوب والمعامل على طريق دير الزور البصيرة.



الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)
TT

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

حذّر الجيش اليمني من التحشيد الحوثي المستمر، واستعداد الجماعة للعودة إلى الحرب، والدفع بها إلى خطوط التماس.

وقال العميد عبده مجلي، المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن الحوثيين يطلقون قذائف المدفعية ويطلقون مسيرات على مناطق مأهولة بالسكان وعلى مواقع الجيش (اليمني) في مختلف الجبهات القتالية.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

ويقرأ مجلي التحركات الحوثية بأنها «استعداد للمعركة والعودة إلى الحرب» ويتهم الجماعة بالعمل على «إجهاض كل الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب في اليمن وتحقيق السلام».

الفريق محسن الداعري، وزير الدفاع اليمني، لم يستبعد خلال حوار مع «الشرق الأوسط» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تجدد الحرب في أي لحظة، متحدثاً عن «جاهزية القوات اليمنية لجميع الخيارات، سواء الحرب أو السلام».

ويقرأ مراقبون تحركات الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة، إضافة إلى تصريحات كبار قادتها، بأنه هناك توجس من إطلاق الجيش اليمني عملية عسكرية لتحرير الحديدة وموانئها بدعم دولي. تلك القراءة يؤيدها نقل الجماعة تعزيزات إلى مناطق تسيطر عليها في الحديدة، باستثناء مديريتي الخوخة والتحيتا، الخاضعتين للحكومة اليمنية.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

وعلّق العميد مجلي على التحركات الحوثية الأخيرة، بالقول إن القوات المسلحة اليمنية «في أعلى درجات الجاهزية القتالية والروح المعنوية العالية، ولديها الخطط الاستراتيجية الشاملة المعدة لتحرير الوطن، من جرائم وانتهاكات الميليشيات الحوثية الإرهابية المستمرة، ضد أبناء شعبنا اليمني».

وكانت الحكومة اليمنية كررت نداءاتها للمجتمع الدولي على مدار الأشهر الماضية منذ بدء التهديد الحوثي للملاحة البحرية، مؤكدة أن الحل الأنجع لوقف هجمات الجماعة ضد السفن هو دعم القوات الحكومية، وليس الضربات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.

وبحسب المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية، فإن جماعة الحوثي «تواصل اعتداءاتها على الشعب وقواته المسلحة في مختلف الجبهات والمواقع، وتحديداً جبهات تعز والضالع ومأرب، ما أسفر عن سقوط كثير من الشهداء والجرحى».

وتابع: «القوات المسلحة في كل المناطق العسكرية هدفها الأعلى هو تحرير الوطن، وفي المقدمة صنعاء والحديدة وحجة، والميليشيات الحوثية إلى زوال عما قريب».

مسلحون حوثيون في صنعاء يرددون «الصرخة الخمينية» (أ.ف.ب)

وكانت مصادر مطلعة قد كشفت لـ«الشرق الأوسط» قبل أيام عن نقل الجماعة المدعومة من إيران تعزيزات كبيرة من محافظات الجوف وذمار وصنعاء وإب باتجاه محافظة الحديدة في الأسابيع الماضية، كما قامت بتقوية تحصيناتها على خطوط التماس، وقامت بحفر مزيد من الخنادق وزرع مزيد من حقول الألغام؛ تحسباً لأي معركة مفاجئة يمكن أن تقوم بها القوات الحكومية بإسناد دولي.

من ناحيته، أكد العميد وضاح الدبيش، المتحدث باسم القوات المشتركة في الساحل الغربي، استعداد القوات لخوض معركة فاصلة ضد ميليشيا الحوثي، مبيناً أن التعزيزات الحوثية مستمرة في الوصول إلى محافظة الحديدة، وذلك من خلال نصب المدافع، وبناء المنصات العسكرية، وحفر الأنفاق والخنادق المعقدة.

وشدّد الدبيش، في تصريحات صحافية، على جاهزية القوات المشتركة لاستئناف المعارك في أي وقت وأي مكان لضمان استعادة الحديدة واستقرار المنطقة. وفي الوقت نفسه، أوضح أن المزاعم الحوثية حول هجوم وشيك من القوات المشتركة لا أساس لها من الصحة، وأن الهدف الأساسي للقوات هو تحرير اليمن من الميليشيا التي تخدم أجندة إيران، وتهدد استقرار المنطقة بأسرها.

مقاتلة «إف 18» تنطلق من حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر لصد هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

يعود مجلي للتذكير أنه رغم الهدنة غير المعلنة «والتزام قواتنا المسلحة بوقف إطلاق النار، نجد الميليشيات تواصل أعمالها الاستفزازية في مختلف الجبهات والقيام بالاعتداءات ومحاولة التسللات، ولكن للصبر حدود، وعما قريب ستأتي ساعة الصفر، للحسم العسكري واستعادة الدولة».

ولفت العميد مجلي إلى استمرار هجمات جماعة الحوثي الإرهابية على السفن التجارية في البحر الأحمر، وأن ذلك أدى إلى تعريض الأمن والسلم الإقليمي والدولي للمخاطر، وضاعف من معاناة شعبنا اليمني الاقتصادية.

القوات اليمنية المشتركة، ممثلة في ألوية المقاومة الوطنية وألوية العمالقة والألوية التهامية، استطاعت في عام 2018 أن تحاصر الجماعة الحوثية في مدينة الحديدة، وأن تصل إلى نحو 3 كيلومترات من الميناء الرئيسي.

غير أن الضغوط الدولية والأممية حالت دون إتمام المهمة تحت ذرائع إنسانية، وصولاً إلى إبرام «اتفاق استوكهولم» بشأن الحديدة، وانسحاب القوات المشتركة من طرف واحد إلى أماكن تموضعها الحالية في الجنوب، على بُعد نحو 125 كيلومتراً من مدينة الحديدة.