الجربا يطالب بالشرع مفاوضا عن النظام السوري

طالب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الجربا، عشية الجولة الثانية من التفاوض في مؤتمر «جنيف2» بأن يمثل نائب الرئيس السوري فاروق الشرع وفد النظام في محادثات السلام المستقبلية، قائلا: «إن الوفد الممثل للحكومة حاليا بلا مصداقية». وذلك بالتزامن مع لقاء عقده مع رئيس هيئة التنسيق الوطنية السورية المعارضة حسن عبد العظيم في القاهرة، لم يحرز أي تقدم على مستوى توسعة وفد المعارضة في المحادثات.
وتأتي مطالبة الائتلاف بالشرع، وهو أحد نائبي الرئيس السوري (الآخر نجاح العطار للشؤون الثقافية) في وقت يبتعد فيه عن الأضواء بعد استبعاده من القيادة القطرية الجديدة لحزب البعث الحاكم في سوريا، في يوليو (تموز) الماضي. ولم يظهر الشرع إلا في مرات نادرة منها ترؤسه في يوليو 2011 لقاء تشاوريا للحوار الوطني السوري شارك فيه نحو 200 شخصية تمثل قوى سياسية ومستقلين وأكاديميين وفنانين.
واتهم الجربا أمس في القاهرة حكومة الرئيس بشار الأسد بالكذب، استنادا إلى أن وفد النظام أعلن عزمه على المشاركة في محادثات غد (الاثنين)، بعدما قال إن العودة إلى جنيف تحتاج إلى قرار وتفكير. وقال الجربا: «لم يكن هناك داع للكذب الذي يمارسونه. نحن نطالب بشخص مثل فاروق الشرع»، متسائلا: «أين نائب رئيس الجمهورية؟ فليأتِ ليكون على رأس هذا الوفد، وله مصداقية عندنا»، واصفا أعضاء الوفد الذي شارك في الجولة الأولى من التفاوض بأنه لا يتمتع بمصداقية عند المعارضة.
وترأس وزير الخارجية السوري وليد المعلم وفد الحكومة في الجولة السابقة من المحادثات التي هيمن عليها النقاش حول أسس المفاوضات التي حددت في إعلان «جنيف1».
وقال عضو الائتلاف هشام مروة لـ«الشرق الأوسط» إن مطالبة الجربا بالشرع لترؤس وفد النظام «تنطلق من كونه لم تتلطخ أيديه بالدماء»، وتأتي تكرارا لمطالبة رئيس الائتلاف السابق أحمد معاذ الخطيب للشرع نفسه في المفاوضات.
وإذ أشار إلى أن المطالبة بالشرع «من شأنها أن تحرج النظام؛ كونه لن يوافق على هذا الطرح، وقد لا يسمح لأحد بالتدخل بتشكيلة وفده»، نفى مروة أن يكون هناك تواصل مع الشرع، مؤكدا أن نائب الرئيس السوري «إلى جانب عدم تورطه بدماء السوريين، يمتلك صلاحيات دستورية لاتخاذ القرارات بغياب الرئيس، وبالتالي لديه قدرة أكبر من وفد النظام المفاوض على اتخاذ القرار وتسهيل التفاوض، علما بأنه شخصية دبلوماسية محنكة». كما أكد أن عدم موافقة النظام على الشرع لترؤس وفده التفاوضي «لا تعني عزوفنا عن المشاركة في جولات التفاوض المستقبلية».
ويعد الشرع المسؤول الوحيد الذي أخرج إلى العلن تبايناته مع مقاربة الرئيس الأسد للأزمة التي تعصف ببلاده، ودعا إلى «تسوية تاريخية» لإنهائها. وطرح الشرع (74 سنة) منذ بداية الأزمة السورية أن يؤدي دور الوسيط، بعدما وجد نفسه وسط حدي ولائه للنظام وارتباطه بمسقط رأسه درعا (جنوب) التي اندلعت فيها شرارة الاحتجاجات المناهضة للنظام.
وجاءت تصريحات الجربا بعد اجتماع عقده مع وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أمس، لمناقشة الأزمة السورية في ضوء التطورات المأساوية على الأرض في الفترة الأخيرة وما يعانيه السوريون نتيجة امتداد الصراع العسكري، وما ولده من حالة شديدة الصعوبة على المستوى الإنساني، ونتيجة القصف المستمر للمدنيين في مدينة حلب وغيرها من مناطق سوريا مما أحدث خسائر بشرية هائلة.
وعبر فهمي للجربا عن تقديره أن العملية السياسية التي بدأت في جنيف، رغم صعوبتها، هي المسار الوحيد لإيجاد ديناميكية جديدة يتعين تطويرها وصولا إلى تسوية سياسية ترضى طموحات الشعب السوري وتطلعاته نحو التغيير والحرية والديمقراطية.
واستعرض أحمد الجربا نتائج اتصالاته وتحركاته الدولية في الفترة الأخيرة، مبديا اهتمامه بالتنسيق مع القاهرة باعتبارها من الدول التي دعمت الثورة السورية منذ بدايتها، ومؤكدا أن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة يعمل على تحقيق مبادئ الديمقراطية وإقامة دولة مدنية حديثة في سوريا على النحو الذي يحفظ لهذا البلد العربي المهم وحدته وسيادته وسلامة أراضيه وفقا للعهد الوطني الذي اعتمدته المعارضة السورية في القاهرة. وأكد الجربا أنه يبذل وسيبذل كل الجهود الممكنة ليضم الوفد المفاوض كل القوى السياسية السورية الفاعلة، لأن في ذلك مصلحة لعملية جنيف ولتقدمها بالشكل المطلوب خلال المرحلة المقبلة.
وعشية الجولة التفاوضية الثانية المقررة غدا (الاثنين)، ارتفعت احتمالات تعليق المشاركة في جنيف. وكشف مروة عن أن وفد المعارضة إلى جنيف «يفكر بتعليق المشاركة حتى يتوقف النظام عن القصف والاعتقالات»، مشيرا إلى أن هذا الطرح بدأ يتردد بكثرة في أوساط المعارضة.
بموازاة ذلك، لم يحرز اجتماع القاهرة الذي جمع الجربا برئيس هيئة التنسيق الوطنية السورية المعارضة حسن عبد العظيم، أي تقدم على مستوى توسعة وفد المعارضة الذي يشارك في الجولة الثانية من التفاوض الاثنين المقبل. وقال أمين سر هيئة التنسيق الوطنية المعارضة في المهجر ماجد حبو لـ«الشرق الأوسط» إن الجربا وعبد العظيم، اتفقا في ثالث لقاء يجمعهما، على عدة نقاط، واختلفا على أخرى «أبرزها الخلافات حول تشكيلة الوفد والخطة السياسية، والشروط المسبقة التي وضعها الائتلاف تجاه بعض الأسماء للمشاركة في المحادثات، وتحديدا نائب المنسق العام في هيئة التنسيق صالح مسلم».
ورأى حبو أنه «من الواضح أن المساحة واسعة بين الفريقين لأسباب ذاتية وموضوعية»، في إشارة إلى المواقف السياسية والتنظيمية لكلا الفريقين، مؤكدا أن «أي اتفاق يعقد بين الطرفين يجب المصادقة عليه من المكتب التنفيذي في الهيئة».
وقال إن الاجتماع مع الجربا «يعد مقدمة لنا كدعوة تشاورية مع كل القوى الوطنية السورية المعارضة، وليس محصورا باللقاءات مع الائتلاف»، مشيرا إلى أنه «في حال التوافق مع سائر أطياف المعارضة السورية، ستكون هناك إعادة هيكلة للوفد المفاوض وللخطة السياسية للمعارضة».
وقال حبو إن هيئة التنسيق «تعتقد بوجوب تأجيل الجلسة المقبلة من التفاوض، بغية استكمال النقاشات مع سائر أطياف المعارضة»، لافتا إلى أنه «في حال عقدت، يمكن استكمال مشاوراتنا بموازاة استكمال وفد الائتلاف ما بدأه في المرحلة الأولى».
وفي الجولة الأولى من مؤتمر السلام، عقد طرفا الصراع في سوريا أول مفاوضات مباشرة بينهما منذ تفجر الصراع قبل زهاء ثلاث سنوات.