غنيمة حرب غيّرت سلوك الأفراد أكثر من الشعار السياسي

كتاب يروي قصة دخول الطب الحديث إلى المغرب

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

غنيمة حرب غيّرت سلوك الأفراد أكثر من الشعار السياسي

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

يصدر قريباً في بيروت، ضمن منشورات المركز العربي للكتاب، مؤلف جديد للكاتب والصحافي المغربي لحسن العسبي، تحت عنوان «غنيمة حرب... الطب الحديث بالمغرب 1888 - 1940». وهو بحث تاريخي مهم، يقارب من خلاله العسبي على عادته في النبش في ملفات تندرج ضمن خانة «التاريخ الاجتماعي» و«تاريخ الهامش»، قصة دخول الطب الحديث إلى المغرب خلال نهاية القرن الـ19 وبداية القرن الـ20.
في تقديمه لكتابه الجديد، المنتظر توزيعه خلال شهر فبراير (شباط) 2022 بالمكتبات العربية والمغربية، يقدم الكاتب تفسيراً مدققاً لسبب اعتباره الطب الحديث بالمغرب «غنيمة حرب»؛ كونه جاء ضمن الحملة الاستعمارية التي توزعت الأراضي المغربية بين أكثر من قوة استعمارية دولية ابتداءً من سنة 1912، بمنطقة طنجة عند مضيق جبل طارق، وإسبانية في الشمال وفي صحرائه الغربية الجنوبية، وفرنسية في الوسط الغني فلاحياً ومن حيث المعادن. وأن حرص القوى الاستعمارية تلك على توفير خدمة الصحة بشروط المدنية الحديثة، كان وسيلة حرب أخرى لترسيخ وتثبيت ذلك الاستعمار؛ لأنه وسيلة فعالة جداً لإقناع أفراد المجتمع المغربي بما وصف حينها بـ«حيوية الحركة الاستعمارية لتحديث مجتمعاتنا المتخلفة وإلحاقها بركب التمدن والحضارة». بل إن أول مقيم عام فرنسي بالمغرب ما بين سنتَي 1912 و1926، الماريشال ليوطي كتب إلى حكومته بباريس يقول بالحرف «ابعثوا لي4 أطباء جدد وسأعيد إليكم 800 من جنودنا»، بما معناه أن الطب وسيلة حرب أهم فاعلية وأشد أثراً في بسط سلطة ذلك الاستعمار.
مثلما قارب العسبي، على طول فصول كتابه الجديد (6 فصول) موضوعة محورية تتعلق بدراسة معنى التغيير والتحول الذي أحدثه دخول الطب الحديث على الوعي العام للفرد المغربي، مشتغلاً على مقاربة أهمية نوعية «المعلومات الجديدة» التي أصبح يحتك بها المغربي عبر الطب الحديث، التي خلقت لديه وعياً بالصحة جديداً، معتبراً أن تلك المعلومات الجديدة (إلى جانب معلومات أخرى اقتصادية وتجارية وقانونية وتقنية هندسية) هي التي غيّرت من سلوك الفرد فعلياً أكثر من الشعار السياسي.
لقد انطلق العسبي من مسلّمة مركزية تتمثل في أن امتلاك المعلومة يفضي إلى المعرفة، وأن المعرفة تؤدي إلى بلورة الموقف المتجه صوب التغيير والإصلاح. ليخلص إلى أن التغيير الحقيقي الذي دخله المغاربة بعد ما يسميه «صدمة الاستعمار»، هو تغيير في نمط الوعي وفي السلوك بفضل نوعية المعلومات الجديدة التي أصبحت تؤطر رؤيتهم لذاتهم وللعالم.
وتوقف الكاتب مطولاً عند التفاصيل القانونية لميلاد خدمة الصحة العمومية بالمغرب منذ 1888، بعد صدور مرسوم للسلطان العلوي الحسن الأول سنة 1884، يسمح بإنشاء «مجلس للصحة» بطنجة. وكذا تفاصيل ميلاد أول المستشفيات الحديثة بالمدن المغربية (17 مدينة)، وكيف وُلدت وضمن أي سياقات وظروف، ومن كان أطباؤها الرئيسيون وماذا كانت تخصصاتها، مثلما توقف عند قصة ميلاد الصيدلة الحديثة وأول مركز لصناعة الأدوية وميلاد أكبر مستشفى للأمراض العقلية بأفريقيا بالمغرب سنة 1920، وقصة ميلاد مصالح حفظ الصحة ومختبرات باستور بطنجة والدار البيضاء، ثم طب الأطفال، والطب المدني والطب العسكري، إلى غيرها من التفاصيل الدقيقة الموثقة.
وكانت قد صدرت للعسبي حتى الآن تسعة كتب، تُرجم بعضها إلى الإنجليزية بالولايات المتحدة، حيث اشتغل كثيراً على ذاكرة المقاومة المغربية للاستعمار، وعلى قصة الدمع في تاريخ البشرية، وعلى تاريخ الإعدام، وعلى علاقة الأدباء بأمهاتهم، وكذلك على موضوعة المحرم والمحلل في الأكل بالديانات السماوية الثلاث: الإسلام والمسيحية واليهودية. وله أيضاً ديوان شعر باللغة الأمازيغية بعنوان «تنغا نيزلالن» (نشيد الأعالي).



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.