القاهرة تدعو إلى «تكامل إقليمي» بين دول حوض النيل

وزير الري المصري يبحث مع نائبة رئيس الوزراء الكونغولية تعزيز التعاون المائي
وزير الري المصري يبحث مع نائبة رئيس الوزراء الكونغولية تعزيز التعاون المائي
TT

القاهرة تدعو إلى «تكامل إقليمي» بين دول حوض النيل

وزير الري المصري يبحث مع نائبة رئيس الوزراء الكونغولية تعزيز التعاون المائي
وزير الري المصري يبحث مع نائبة رئيس الوزراء الكونغولية تعزيز التعاون المائي

جددت مصر دعوتها إلى تحقيق «تكامل إقليمي» بين دول حوض النيل عبر مشروعات مشتركة، متهمة إثيوبيا بـ«رفض وجود آلية للتنسيق» في إطار اتفاق قانوني عادل ومُلزم حول «سد النهضة»، الذي تبنيه على الرافد الرئيس لنهر النيل، ما أثار توترات مع دولتي المصب (مصر والسودان).
والتقى وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبد العاطي، أمس، نائبة رئيس الوزراء ووزيرة البيئة والتنمية المستدامة بالكونغو الديمقراطية إيف بازيبا ماسودي، لبحث سبل تعزيز التعاون المائي بين البلدين، وفق بيان للوزارة المصرية.
وخلال اللقاء، الذي عقد على هامش فعاليات «منتدى شباب العالم» بشرم الشيخ، جرى التباحث حول مشروع محور التنمية بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، وأكد وزير الري المصري أهمية المشروع في «تحقيق التكامل الإقليمي والربط بين دول حوض النيل من خلال ممر ملاحي وطريق وخط سكة حديد وربط كهربائي وربط كابل إنترنت لتحقيق التنمية الشاملة لدول الحوض».
وأضاف «النقل النهري بين الدول يعد من أفضل الوسائل القادرة على نقل حركة التجارة بمختلف أنواعها وأحجامها بتكلفة منخفضة واستهلاك أقل للطاقة ومعدلات أمان أعلى، مع التأكيد على دور المشروع في دعم حركة التجارة والسياحة بين الدول المشاركة فيما بينها وبين العالم، والعمل على توفير فرص العمل، وزيادة إمكانية الدول الحبيسة للاتصال بالبحار والموانئ العالمية، وكذا دعم التنمية الاقتصادية بالبلدان المشاركة وتقوية وضع المنطقة في النظام الاقتصادي العالمي، الأمر الذي ينعكس على رؤية المشروع والتي تتمثل في (قارة واحدة... نهر واحد... مستقبل مشترك)».
وسبق توقيع بروتوكول للتعاون الفني في مجال الموارد المائية بين مصر والكونغو، تم مده لخمسة أعوام جديدة بين عامي 2022 - 2027، يشتمل على العديد من الأنشطة ذات طابع تنموي، من خلال منحة مصرية بهدف تعظيم استخدام الموارد المائية وبناء وتنمية الكوادر الفنية لإدارة هذه الموارد.
ونقل البيان المصري، عن ماسودي رغبة الكونغو في استمرار التعاون مع مصر في مجال المياه، والتي تم خلالها تنفيذ العديد من المشروعات من أبرزها مركز التنبؤ بالفيضان بالعاصمة الكونغولية كينشاسا. ودشنت مصر مركز التنبؤ بالأمطار والتغيرات المناخية بالعاصمة الكونغولية كينشاسا في يوليو (تموز) الماضي، بهدف دراسة آثار التغيرات المناخية على الكونغو، والوقوف على إجراءات حماية المواطنين من مخاطر التغيرات المناخية المفاجئة.
وتسعى مصر إلى استمالة دول حوض النيل للتعاون معها، بهدف تحقيق مكاسب مشتركة والحفاظ على حصتها المائية المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب، والتي تخشى تأثرها بسبب «سد النهضة» الإثيوبي.
وفي كلمته على هامش «منتدى شباب العالم»، اتهم عبد العاطي إثيوبيا بـ«رفض» التوصل إلى آلية للتنسيق في إطار قانوني عادل وملزم حول ملء«سد النهضة»، للتكيف مع آثار التغير المناخي. وقال إن «إنشاء سد ضخم مثل سد النهضة، دون تنسيق مع السد العالي (المصري) هو سابقة لم تحدث من قبل، الأمر الذي يستلزم وجود آلية تنسيق واضحة وملزمة بين السدين، وهو ما ترفضه إثيوبيا».
ولفت إلى أن القاهرة عرضت على أديس أبابا العديد من السيناريوهات تضمن قدرة السد على توليد الكهرباء بنسبة تصل إلى 85 في المائة في أقصى حالات الجفاف. وأكد ضرورة وجود آلية تنسيقية في إطار اتفاق قانوني عادل وملزم.
وأشار إلى أن بلاده وافقت على إنشاء العديد من السدود بدول حوض النيل مثل خزان أوين بأوغندا الذي موّلته مصر، بالإضافة للعديد من السدود في إثيوبيا مثل سدود تكيزي وشاراشارا وتانا بلس التي لم تعترض مصر على إنشائها.
وسبق أن حذر تقرير حكومي مصري، من أن يؤدي «سد النهضة»، إلى «تفاقم الوضع في مصر، ونشوء نزاعات بسبب المياه في المنطقة».
وتوقع تقرير التنمية البشرية في مصر 2021، الصادر بالتعاون مع الأمم المتحدة، أن «تؤثر عملية ملء السد تأثيرا خطيرا في مدى توافر المياه بمصر، كما ستؤدي إلى خفض نصيب الفرد من المياه، ومن ثم ستؤثر في مختلف الأنشطة الاقتصادية ولا سيما في حالة ملء إثيوبيا خزان السد على نحو غير متعاون».
وأشار التقرير إلى رفض إثيوبيا إجراء الدراسات الفنية اللازمة لتقييم تصميم السد وتأثيره في بلدي المصب، مشيرا إلى أنه «حال استغرقت عملية الملء 5 سنوات فقط - كما خططت إثيوبيا - فسيزيد معدل النقص التراكمي لمياه السد العالي بأسوان إلى 92 مليارم3، موزعة على مدى عدة سنوات، وسرعان ما سينخفض منسوب المياه في بحيرة ناصر إلى 147م، فيتعذر تعويض الفاقد من المياه».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».