مطالبةٌ بتبنّي خريطة طريق لمستقبل التعدين العالمي

وزراء ورؤساء وفود يدعون من الرياض لتوسيع الاستثمار في المنطقة الممتدة من أفريقيا إلى آسيا الوسطى

اجتماعات وزارية عربية ودولية للثروة المعدنية استضافتها الرياض بالتزامن مع انطلاق مؤتمر التعدين الدولي اليوم (الشرق الأوسط)
اجتماعات وزارية عربية ودولية للثروة المعدنية استضافتها الرياض بالتزامن مع انطلاق مؤتمر التعدين الدولي اليوم (الشرق الأوسط)
TT

مطالبةٌ بتبنّي خريطة طريق لمستقبل التعدين العالمي

اجتماعات وزارية عربية ودولية للثروة المعدنية استضافتها الرياض بالتزامن مع انطلاق مؤتمر التعدين الدولي اليوم (الشرق الأوسط)
اجتماعات وزارية عربية ودولية للثروة المعدنية استضافتها الرياض بالتزامن مع انطلاق مؤتمر التعدين الدولي اليوم (الشرق الأوسط)

في وقت تنطلق فيه، اليوم (الأربعاء)، أعمال «مؤتمر التعدين الدولي» الذي تستضيفه الرياض تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، شدد وزراء عرب ودوليون، أمس، على ضرورة تبني خريطة طريق ترتكز على محاور رئيسية تتجسد في تعظيم فوائد قطاعات التعدين وسلاسل التوريد لتحقيق الازدهار الاقتصادي.
جاء ذلك خلال مشاركة الوزراء المعنيين بقطاع التعدين في الدول العربية وعدد من دول العالم، ومنظمات إقليمية ودولية، في اجتماع الطاولة المستديرة والاجتماع التشاوري العربي لشؤون الثروة المعدنية بمشاركة 25 من رؤساء الوفود ومسؤولين من أنحاء المنطقة وخارجها، يمثلون أكثر من 30 دولة.

الوزراء والوفود
وشدد الوزراء ورؤساء الوفود المشاركون أهمية التعاون والتنسيق بين الحكومات وشركائها من القطاع الخاص والمجتمع المدني؛ للعمل معاً وفق مرتكزات تقوم على تحقيق التطورات التعدينية المستدامة والمسؤولة والشاملة لتعزيز المنافع المشتركة، مركّزين على الدور المهم الذي ستلعبه المعادن والفلزات في الانتقال العادل إلى مستقبل طاقة منخفضة الكربون، والدور الذي يمكن أن تلعبه كل دولة في المنطقة في تطوير سلاسل قيمة تعدينية مستدامة ومسؤولة.

تحديات التعدين
وأكد الوزراء المشاركون في اجتماعات أمس أن قطاع التعدين العالمي يمر حالياً بعدة تحديات مع فرص كبرى، حيث تواصل الدول وشركات التعدين التعامل مع آثار جائحة «كوفيد - 19»؛ لافتين إلى أن سلاسل التوريد تشهد تعافياً مع تزايد طلب المستهلكين، وهو ما يضاعف تحدي النمو الكبير في الطلب على المعادن والفلزات اللازمة والحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري، وفقاً لاتفاقية باريس عام 2015 وما تم تأكيده في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2021 الذي عُقِد في غلاسكو.
وشدد الوزراء ورؤساء الوفود على قدرة المنطقة على المساعدة في تلبية الاحتياجات التعدينية العالمية في المستقبل، حيث تمتلك المنطقة بعضاً من أكبر الاحتياطيات والموارد من السلع الأساسية؛ وتتمتّع بإمكانيات عالية لنمو إنتاج المعادن، مشددين على أن التعدين وصناعة المعادن تزيد فاعلية تنمية المجتمعات، وتحسين حياتهم لتمكينهم من المشاركة الفاعلة على المدى الطويل، مع الإشارة إلى أن الحكومات تلعب دوراً مركزياً في التقريب بين قطاع التعدين والمجتمع من أجل تحقيق الفوائد المشتركة.

استدامة المعادن
وناقش المشاركون التحديات الحالية والمستقبلية بشأن مستقبل المعادن المستدامة، مشددين على أهمية إيجاد أرضية مشتركة لتطوير سلاسل إمداد تعدينية مرنة، مؤكدين موقفاً جماعياً بشأن أهمية المعادن للمجتمعات والاقتصادات المستقبلية، داعين لتبنّي خريطة طريق لإحراز تقدّم في حوار أصحاب العلاقة من جميع الأطراف بشأن التعدين والمعادن في المنطقة، لدفع الحوار حول مستقبل المعادن، والاستثمار في التعدين، والتعاون عبر المنطقة الممتدة من أفريقيا إلى آسيا الوسطى.
ونوّه الوزراء والمشاركون إلى أن المعادن والفلزات توفر فرصاً تنموية حيوية لتحقيق اقتصاد منخفض الكربون من خلال التقنيات الجديدة، بما في ذلك السيارات الكهربائية، وتخزين البطاريات، ومصادر الطاقة المتجددة، حيث إن الطلب على المعادن المهمة آخذٌ في التسارع، ومن المتوقع أن يتضاعف في العقود القادمة، حيث يُمثّل نمو الطلب على هذه المعادن فرصة تاريخية للمنطقة.
تزايد الطلب عالمياً

وأكد بدر الخريف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، في الاجتماع التشاوري الثامن للوزراء العرب المعنيين بالثروة المعدنية أمس (الثلاثاء)، أن أهمية تطوير قطاع التعدين تأتي من خلال برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية، لتحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة في هذا المجال، وأن يكون القطاع الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية، استناداً لتوفر الثروات الطبيعية التي تقدر بنحو 13 تريليون دولار في ظل تزايد الطلب عليها عالمياً.
ولفت إلى إطلاق استراتيجية شاملة للصناعات التعدينية، تتضمن 42 مبادرة بغية رفع إسهام القطاع في الناتج المحلي وزيادة الفرص الاستثمارية، في ظل إصدار نظام الاستثمار التعديني الجديد وتدشين منصة «تعدين» الإلكترونية، مشيراً إلى البدء في تنفيذ مبادرة مشروع المسح الجيولوجي العام لتغطية 600 ألف كيلومتر مربع بمنطقة الدرع العربي.
وأوضح الخريف أن عدد الرخص التعدينية المستخرجة حتى الآن للاستطلاع والكشف والاستغلال لمختلف الخامات المعدنية والمجمعات المحجوزة ومناطق الاحتياطي التعديني، 431 موقعاً، في وقت تم فيه إطلاق مبادرة الاستكشاف المسرع لإجراء المسوح وتقييم مواقع المعادن التي تشمل ما يزيد على 50 موقعاً معتمداً، مشدداً على ضرورة التغلب على التحديات التي تواجه تنمية القطاع، وإيجاد بيئة جاذبة للاستثمار، ما يتطلب شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص، وتدفق رؤوس أموال كثيرة ونظرة استثمارية طويلة الأمد.
استقطاب المستثمرين

قال مستثمرون لـ«الشرق الأوسط» إن إعادة ترتيب قطاع التعدين محلياً وإقليمياً ودولياً ستكون فرصة لاستقطاب الاستثمارات، حيث لفت المهندس عبد الله بصفر رئيس مجلس إدارة شركه «إيفي ميتال»، إلى أن مؤتمر التعدين يوفر فرصة استقطاب للمستثمرين من الداخل والخارج، مع إيضاح عوائد القطاع المجزية، مع إطلاق دعم أكبر واهتمام بالمشرعين لتسهيل إجراءات منح الرخص التعدينية والتراخيص الصناعية اللازمة لتسريع تنفيذ هذه المشاريع، خصوصاً أن المعادن أصبحت في دائرة اهتمام الدول وليس فقط الشركات والمستثمرين.
وأشار بصفر في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التعدين استثمار طويل الأجل ويتضمن مخاطر تساعد في دعم صناعة التعدين كونها أساس معظم الصناعات الأخرى، مفيداً بأن القطاع مر بمرحلة ركود عالمي، غير أنه حالياً في حالة طلب متزايد على كثير من المعادن وقليل من الاستثمار والتوسعات، بسبب الطلب الكبير والتوجه العالمي على الطاقة النظيفة وتوفير تقنيات تقليل انبعاث الكربون.
وأضاف بصفر: «عوائق التعدين في منطقتنا تتمحور في عدم وجود ثقافه وفهم الاستثمار طويل الأمد في التعدين، في ظل عدم وجود بيانات ومعلومات عن مخزون المعادن وكمياتها والتي تتطلب من الدول القيام بالاستكشافات الأولية وتوفير البيانات للشركات والمستثمرين، ما يستدعي أن تروّج المؤسسات الحكومية المعنية لهذه الصناعة».
وشدد على ضرورة تسهيل وتسريع إصدار رخص الاستكشاف وصكوك التعدين، خصوصاً أن هناك سباقاً محموماً حالياً، لتوفير المعادن المطلوبة لصناعه الطاقة النظيفة مثل الليثيوم والنيكل، في ظل توقع شح الإنتاج وزيادة الطلب على هذه المعادن المصنعة لكيماويات معدنية.

تحالف سعودي
من جهته، كشف عبد الله المليحي، مستثمر سعودي في قطاع التعدين، لـ«الشرق الأوسط»، عن تحالفات القطاع الخاص السعودي للدخول في قطاع التعدين بالمملكة، مبيناً أن عدداً من رجال أعمال سعوديين وشركات أجنبية، يتجهون لإطلاق تحالفات كبرى في الاستثمار بقطاع التعدين في ظل توفر فرص كبيرة للمشاريع الضخمة في القطاع.
وأوضح المليحي، رئيس مجلس إدارة «التميز السعودية القابضة»، أن الشركة دخلت المراحل الأخيرة في التوقيع مع شركات سعودية وصناديق استثمارية عالمية للدخول في الاستثمار بمشاريع التعدين، في ظل طرح أكبر المواقع التي تحتوي على النحاس والزنك في البلاد على القطاع الخاص بنظام المنافسة للمرة الأولى، والدخول في المناقصة المطروحة من وزارة الصناعة.
وأكد أن هناك فرصاً كبيرة في مجال الكشف والاستخراج في القطاع، إلى جانب تصنيع المواد الخام وقطاع المختبرات المتخصصة في مجال التعدين، مبيناً أن شركة «التميز» تخطط لجلب التقنيات الحديثة واستخدام الذكاء الصناعي في مجال التعدين، مع العمل على تدريب المهارات السعودية، حيث بلغ حجم الاستثمار في القطاع بالسعودية 28 مليار ريال (7.4 مليار دولار) في عام 2020.
وذكر ناصر العقل، رئيس شركة «أركان المعادن القابضة» السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، أن إطلاق أول تحالف مع شركة «التميز القابضة»، للاستثمار في أنشطة الكشف والتعدين لخامات الطاقة المتجددة، سيسهم في طرح الحلول التي طالب بها مؤتمر التعدين أمس، لتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، سعودياً وعالمياً، من خلال برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية وتنفيذ خريطة الطريق التي أطلقتها «رؤية المملكة 2030».



ولاية جديدة لرئيسة منظمة التجارة العالمية وسط شبح «حروب ترمب»

رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)
رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)
TT

ولاية جديدة لرئيسة منظمة التجارة العالمية وسط شبح «حروب ترمب»

رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)
رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)

قالت منظمة التجارة العالمية، في بيان، إن رئيسة المنظمة نغوزي أوكونجو - إيويالا أُعيد تعيينها لفترة ثانية في اجتماع خاص، يوم الجمعة، مما يعني أن ولايتها الثانية ستتزامن مع ولاية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وتتوقع مصادر تجارية أن يكون الطريق أمام المنظمة، التي يبلغ عمرها 30 عاماً، مليئاً بالتحديات، ومن المرجح أن يتسم بالحروب التجارية، إذ هدد ترمب بفرض رسوم جمركية باهظة على السلع من المكسيك وكندا والصين.

وتحظى أوكونجو - إيويالا، وزيرة المالية النيجيرية السابقة التي صنعت التاريخ في عام 2021 عندما أصبحت أول امرأة وأول أفريقية تتولى منصب المدير العام للمنظمة، بدعم واسع النطاق بين أعضاء منظمة التجارة العالمية. وأعلنت في سبتمبر (أيلول) الماضي أنها ستترشح مرة أخرى، بهدف استكمال «الأعمال غير المكتملة».

ولم يترشح أي مرشح آخر أمام أوكونجو - إيويالا. وقالت مصادر تجارية إن الاجتماع أوجد وسيلة لتسريع عملية تعيينها لتجنب أي خطر من عرقلتها من قبل ترمب، الذي انتقد فريق عمله وحلفاؤه كلاً من أوكونجو - إيويالا ومنظمة التجارة العالمية خلال الفترات الماضية. وفي عام 2020، قدمت إدارة ترمب دعمها لمرشح منافس، وسعت إلى منع ولايتها الأولى. ولم تحصل أوكونجو - إيويالا على دعم الولايات المتحدة إلا عندما خلف الرئيس جو بايدن، ترمب، في البيت الأبيض.

وفي غضون ذلك، حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، من الإضرار بالعلاقات مع كندا والمكسيك، وذلك بعد تصريحات لخليفته المنتخب دونالد ترمب بشأن فرض رسوم جمركية على البلدين الجارين للولايات المتحدة.

وقال بايدن للصحافيين رداً على سؤال بشأن خطة ترمب: «أعتقد أنه أمر سيأتي بنتائج عكسية... آخر ما نحتاج إليه هو البدء بإفساد تلك العلاقات». وأعرب الرئيس الديمقراطي عن أمله في أن يعيد خليفته الجمهوري «النظر» في تعهّده فرض رسوم تجارية باهظة على البلدين «الحليفين» للولايات المتحدة.

وأثار ترمب قلق الأسواق العالمية، الاثنين، بإعلانه عبر منصات التواصل الاجتماعي، أنّ من أول إجراءاته بعد تسلّمه مهامه في يناير (كانون الثاني) المقبل ستكون فرض رسوم جمركية نسبتها 25 بالمائة على المكسيك وكندا اللتين تربطهما بالولايات المتحدة اتفاقية للتجارة الحرة، إضافة إلى رسوم نسبتها 10 بالمائة على الصين.

وتعهّد ترمب عدم رفع هذه الرسوم عن البلدين الجارين للولايات المتحدة قبل توقف الهجرة غير النظامية وتهريب المخدرات، مؤكداً أن التجارة ستكون من أساليب الضغط على الحلفاء والخصوم.

وبعدما أعربت عن معارضتها لتهديدات ترمب، أجرت رئيسة المكسيك، كلاوديا شينباوم، محادثة هاتفية مع الرئيس الأميركي المنتخب، الأربعاء، تطرقت إلى تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى الولايات المتحدة عبر حدود البلدين ومكافحة تهريب المخدرات... وأعلن ترمب أنّ شينباوم «وافقت» على «وقف الهجرة» غير الشرعية، بينما سارعت الزعيمة اليسارية إلى التوضيح بأنّ موقف بلادها «ليس إغلاق الحدود».

ورداً على سؤال بشأن التباين في الموقفين، قالت الرئيسة المكسيكية في مؤتمرها الصحافي اليومي الخميس: «يمكنني أن أؤكد لكم... أننا لن نقوم أبداً، ولن نكون قادرين أبداً، على اقتراح أن نغلق الحدود».

وحذّر وزير الاقتصاد المكسيكي مارسيلو إبرار، الأربعاء، من أنّ مضيّ ترمب في فرض الرسوم التجارية على المكسيك سيؤدي إلى فقدان نحو 400 ألف وظيفة. وأكدت شينباوم، الخميس، أنّ أيّ «حرب رسوم تجارية» بين البلدين لن تحصل، وأوضحت أنّ «المهم كان التعامل مع النهج الذي اعتمده» ترمب، معربة عن اعتقادها بأن الحوار مع الرئيس الجمهوري سيكون بنّاء.

إلى ذلك، شدّد بايدن في تصريحاته للصحافيين في نانتاكت، إذ يمضي عطلة عيد الشكر مع عائلته، على أهمية الإبقاء على خطوط تواصل مع الصين. وقال: «لقد أقمت خط تواصل ساخناً مع الرئيس شي جينبينغ، إضافة إلى خط مباشر بين جيشينا»، معرباً عن ثقته بأنّ نظيره الصيني لا «يريد ارتكاب أيّ خطأ» في العلاقة مع الولايات المتحدة. وتابع: «لا أقول إنه أفضل أصدقائنا، لكنه يدرك ما هو على المحك».