سوريون موالون للنظام يتهربون من التجنيد الإجباري.. وتململ في أوساط الجيش

أكاديمي أميركي: النظام يلجأ إلى ممارسة الإكراه لسد النقص في صفوف قواته

مدنيون يهربون من بلدة سرمين بريف إدلب بعد قصفها قبل أيام بغارات من طيران النظام السوري  (رويترز)
مدنيون يهربون من بلدة سرمين بريف إدلب بعد قصفها قبل أيام بغارات من طيران النظام السوري (رويترز)
TT

سوريون موالون للنظام يتهربون من التجنيد الإجباري.. وتململ في أوساط الجيش

مدنيون يهربون من بلدة سرمين بريف إدلب بعد قصفها قبل أيام بغارات من طيران النظام السوري  (رويترز)
مدنيون يهربون من بلدة سرمين بريف إدلب بعد قصفها قبل أيام بغارات من طيران النظام السوري (رويترز)

كشفت تقارير ميدانية عن وجود حالة من الارتباك والانهيار في جيش النظام بمحافظة حماة وخصوصا عقب سيطرة المعارضة على مدينة إدلب الفترة الماضية. وذكر «مركز حماة الإعلامي»، أن معظم الميليشيات التي خرجت للقتال بجانب نظام الأسد لاستعادة مدينة إدلب والذين تم حشدهم من القرى والبلدات المؤيدة في ريف حماة، «كانوا يعيشون حالة من الخوف والانهيار والاستياء من قيادات النظام». وأضاف المركز، أن هناك مجموعات كثيرة من الميليشيات عادت إلى مراكزها ومقارها في مناطق مصياف وقرى الغاب الموالية، رافضين القتال بجانب قوات الأسد. وأكد المصدر أن أكثر من مائتَي عنصر بعتادهم وآلياتهم بعضهم من ميليشيا صقور الصحراء، عادوا إلى مقارهم رافضين القتال بجانب قوات الأسد متذرعين بالعودة لحماية مناطقهم بريف حماة الغربي.
وتتقاطع هذه الأنباء مع تقارير صحافية تشير إلى تهرب الكثير من الشبان السوريين القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام من التجنيد الإجباري مستخدمين شتى الوسائل الممكنة للحؤول دون التحاقهم بالخدمة العسكرية.
ومنيت قوات النظام بعد 4 أعوام من الحرب ضد مقاتلي المعارضة بخسائر كبيرة. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قتل أكثر من 80 ألف عنصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم 47 ألف عسكري، في النزاع الذي أدى إلى مقتل أكثر من 220 ألف شخص.
ويقول جورج وهو طالب مسيحي من دمشق «أؤيد النظام لكنني فار من التجنيد لأن الخدمة العسكرية في سوريا تعني الموت».
ويضيف «قلة من الشبان يقبلون على التجنيد لأن من هم في عمرنا لا يريدون الموت».
ويعمد النظام بشكل خاص إلى تجنيد الشبان الدروز والمسيحيين والعلويين والإسماعيليين، انطلاقا من كون المناطق التي خرجت عن سيطرته منذ بدء النزاع بمعظمها ذات غالبية سنية. وتشعر هذه المكونات اليوم بأنها تدفع ثمنا باهظا لدعم بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة.
وتقول سما نصار الناشطة الحقوقية في محافظة اللاذقية (شمال غرب) معقل الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد لـ«الصحافة الفرنسية»: «حتى لو كان الناس في المناطق الموالية يؤيدون النظام والجيش، لكن أقلية منهم تريد الالتحاق بخدمة العلم».
ويرى مدير مركز الأبحاث للشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما الأميركية جوشوا لانديس، أنه في موازاة «حرب الاستنزاف» التي تغرق فيها سوريا «لا بد للنظام من أن يلجأ إلى ممارسة المزيد من الإكراه» لسد النقص في صفوف الجيش.
ويقول «يؤكد مقاتلو المعارضة قدرتهم على الصمود أكثر من العلويين. وهم على الأرجح سينجحون إذا طالت الحرب بما فيه الكفاية». ويشكل السنة نحو 80 في المائة من سكان سوريا فيما لا يتجاوز العلويون نسبة العشرة في المائة. ويشير الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أرام نرغيزيان، إلى أن الجيش السوري خسر نصف عناصره خلال 4 أعوام بعدما كان 300 ألف جندي قبل بدء النزاع. وتدوم فترة الخدمة العسكرية عامين من حيث المبدأ، لكن يمكن أن تطول لمدة أكثر إذا تطلب الوضع ذلك. وتضاعف قوات الأمن جهودها للقبض على الفارين من التجنيد. ويقول المقاتل في بلدة جبلة (جنوب اللاذقية) عمر الجبلاوي: «أقامت قوات الأمن حواجز على مداخل المدن وهي تخضع الباصات لتفتيش دقيق بحثا عن الشبان. كما يوجد عناصر منها على أبواب الجامعات يدققون في هويات الطلاب والأساتذة».
وفي اللاذقية، يتقاسم الشبان الحراسة حول منازلهم للحؤول دون اعتقالهم من قوات الأمن. أما في دمشق، فيلتحق الشبان وفق جورج «بالجامعات لكسب الوقت. وفي حال رسوبهم ليس أمامهم إلا الاختباء والحد من تنقلاتهم في المدينة وتجنب الحواجز».
وبما أنه لا يمكن توقيف كل واحد منهم، يقول جورج إن «قوات الأمن تنتظر إقدام أحدهم على السفر أو الزواج أو الحصول على وثيقة رسمية لإلقاء القبض عليه».
وشهدت محافظة السويداء (جنوب) ذات الغالبية الدرزية في 11 أبريل (نيسان) الحالي أحدث مظاهر الاحتجاج على الخدمة العسكرية. فبعد خلاف مع جاره في مدينة صلخد، وجد عبد الله أبو منصور نفسه محتجزا في مركز لقوات الأمن المحلية التي اكتشفت تهربه من الخدمة العسكرية. ويقول أحد سكان المدينة لـ«الصحافة الفرنسية» أقدمت عائلة أبو منصور وأقاربه على كسر زجاج 3 سيارات وتدمير الإشارات، مما دفع قوات الأمن بعد ردود الفعل هذه إلى إطلاق سراحه.
كما منع رجال دين دروز جنودا من اعتقال شاب مطلوب للخدمة العسكرية في قرية المزرعة الصيف الماضي. ويقول المصدر المحلي ذاته «لا تجرؤ الحكومة على الرد بقسوة، خشية من تغيير الدروز لموقفهم (الحيادي) والانضمام إلى صفوف المعارضة».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.