الأمم المتحدة تدعو الغرب إلى إيواء 130 ألف لاجئ سوري على مدار عامين

أكثر من 11 ألف شخص بانتظار التدقيق في طلباتهم من قبل السلطات الأميركية

الأمم المتحدة تدعو الغرب إلى إيواء 130 ألف لاجئ سوري على مدار عامين
TT

الأمم المتحدة تدعو الغرب إلى إيواء 130 ألف لاجئ سوري على مدار عامين

الأمم المتحدة تدعو الغرب إلى إيواء 130 ألف لاجئ سوري على مدار عامين

تخلف الحرب في سوريا أسوأ كارثة لاجئين على مستوى العالم منذ عقود، مما يزيد من الضغوط الواقعة على الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى كي تفتح أبوابها أمام اللاجئين، ومما يعني في المقابل إثارة انتقادات حادة على الصعيد السياسي الداخلي.
ومن المقرر أن تمنح الولايات المتحدة حق اللجوء لأكبر مجموعة من اللاجئين السوريين حتى هذه اللحظة والمقدرة بألفي لاجئ بحلول خريف هذا العام، مقارنة بنحو 700 سوري هم مجموع اللاجئين الذين دخلوا الولايات المتحدة منذ اندلاع الحرب في سوريا منذ أربع سنوات، حسبما ذكرت وزارة الخارجية الأميركية.
وكان النائب الجمهوري عن ولاية تكساس ورئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب، مايكل ماكول، قد صرح بأنه «بالنسبة لقضية اللاجئين السوريين، فاستخباراتنا على أرض الواقع ضعيفة لدرجة مثيرة للقلق مما يصعب علينا التعرف على المتشددين (بين اللاجئين)».
وصعد مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس، من دعواته للدول الصناعية، بما فيها الولايات المتحدة، لكي تقوم بإيواء 130 ألف لاجئ سوري على مدار العامين المقبلين.
ويعد هذا الرقم جزءًا من مجموع نحو 4 ملايين لاجئ انهالوا على الدول المجاورة لسوريا، وخصوصا الأردن ولبنان وتركيا، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الضغوط على موارد تلك البلدان لينتهي الأمر بالكثير من اللاجئين إلى السقوط في هوة الفقر.
وحتى وقتنا هذا، لم تلق أي من الدول الكبرى بالاً لمناشدات المفوض السامي، فالحكومات حول العالم وعدت بمنح حق اللجوء لأقل من ثلثي العدد الذي تطالب به الأمم المتحدة، فيما اختارت أعداد أكبر من السوريين خوض رحلات تحفها مخاطر كبيرة عبر البر والبحر بحثًا عن ملجأ في أوروبا.
ويقول ألكساندر بتز، الأستاذ المساعد لدراسات اللاجئين في جامعة أكسفورد: «وصلت أزمة النزوح لدرجة تفوق التصور، كما أنها آخذة في التفاقم. الأزمة السورية تضع نظام المساعدات الإنسانية بأكمله على المحك، الأمر يستلزم منا إعادة التفكير جذريا في كيفية تقديم المساعدات لتلك الأعداد الهائلة من النازحين وحمايتهم».
ويعكس القرار الأميركي بقبول المزيد من اللاجئين مدى السرعة التي تحولت فيها الحرب في سوريا لتكون من أكثر الأزمات الإنسانية إلحاحًا في السنوات الأخيرة.
وبصفة عامة، تعد إعادة توطين أعداد كبيرة من اللاجئين المرحلة الأخيرة التي يمكن اللجوء إليها قبل استنفاد خيارات أخرى، مثل احتمال عودة النازحين إلى ديارهم في نهاية المطاف.
وعلى الرغم من أن الجمهوريين لم يدعوا لفرض حظر تام على قبول اللاجئين السوريين، فإنهم دعوا إدارة أوباما إلى التروي في منح حق اللجوء حتى يتسنى للولايات المتحدة ضمان اجتياز جميع طالبي اللجوء لعملية الفحص. ومن المقرر عقد جلسة استماع في الكونغرس في الأسابيع المقبلة حول هذا الشأن.
وكان ماكول قد كتب في فبراير (شباط) رسالة إلى وزير الخارجية جون كيري يطالبه فيها بالكشف عن تفاصيل بخصوص اللاجئين الذين منحتهم الولايات المتحدة بالفعل حق اللجوء أو الذين لا تزال تدرس طلبات اللجوء الخاصة بهم، بالإضافة إلى الكشف عن أعمارهم وأعراقهم وديانتهم، كما عبر عن رغبته في معرفة الكيفية التي يستخدمها المسؤولون الأميركيون في عملية فحص السوريين.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية إن اللاجئين الذين قدموا طلبات من أجل إعادة توطينهم في الولايات المتحدة، هم بالفعل «من أكثر المسافرين للولايات المتحدة الذين خضعوا لفحوص دقيقة»، تتضمن إخضاعهم لفحص أمني من قبل الكثير من الوكالات الأميركية، من بينها المركز الوطني لمكافحة الإرهاب ووزارة الدفاع.
وقال سيمون هينشاو، النائب الأول المساعد لوزير الخارجية: «قبول اللاجئين يعد تقليدًا أميركيًا يحظى بتأييد كلا الحزبين في الكونغرس، لكن المسألة لا تتعلق بما إذا كنا سنمنحهم اللجوء أم لا، ولكنها تتعلق بضمان منحهم اللجوء بطريقة سليمة تتوافق مع مصالح الأمن الوطني الأميركي».
ولدى الأمم المتحدة في الوقت الحالي قائمة تحتوي على أكثر من 11 ألف شخص في انتظار التدقيق في طلباتهم من قبل المسؤولين الأميركيين لاحتمال منحهم حق اللجوء.
وتقول مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة التي تقوم بأول خطوة من خطوات الفحص، بأن المذكورة أسماؤهم في القائمة، من بين أكثر الأشخاص المعرضين للمخاطر، فمن بينهم أمهات وحيدات وأطفالهن وضحايا التعذيب وأصحاب الاحتياجات الطبية الخاصة. ولكن القليل من هؤلاء سيمنح حق اللجوء في القريب العاجل.
وتمثل الإجراءات الأمنية جزءًا كبيرًا وراء البطء الشديد الذي لحق بعملية إعادة توطين السوريين في الولايات المتحدة، فعملية فحص كل حالة لجوء تستغرق عادة أكثر من عام.
واستغرقت وزارة الأمن الداخلي شهورًا لإصدار خطوات إرشادية واضحة حول من يحق له الدخول للولايات المتحدة من مناطق النزاعات المسلحة، مما أدى إلى البطء في نظر بعض طلبات اللجوء.
ومنذ بداية هذا العام وبسبب الأوضاع الأمنية في بيروت، أعلن المسؤولون الأميركيون تعليقًا مؤقتًا للمقابلات التي تتم مع اللاجئين المحتمل قبول طلباتهم والذين يعيشون في لبنان حاليًا، فيما قال مسؤول في وزارة الخارجية بأنهم قد يواصلون إجراء المقابلات في وقت لاحق من هذا العام.
وفي الوقت نفسه، تواجه الإدارة الأميركية ضغوطًا من الجماعات الناشطة في مجال المساعدات الإنسانية التي ترغب في زيادة الولايات المتحدة لأعداد اللاجئين على أراضيها بمعدل أكبر مما هو عليه الآن، بالإضافة إلى السماح لهم بدخول البلاد في وقت أسرع بكثير.
وتقول تلك الجماعات إن الولايات المتحدة يجب أن تسمح على الأقل بدخول نصف عدد اللاجئين الذين تدعو الأمم المتحدة لإعادة توطينهم في دول الغرب أي ما يعادل نحو 65 ألف سوري في خلال العامين المقبلين. ويمثل هذا الرقم تقريبًا عدد جميع اللاجئين من جميع دول العالم، الذين تسمح لهم الولايات المتحدة بدخول أراضيها في المتوسط سنويًا.
وتقول آنا غرين، مديرة السياسات والدعم في اللجنة الدولية للإنقاذ، إن «هذه أزمة لم تحدث من قبل، وإذا لم تبادر الولايات المتحدة بالتصدي لهذه الأزمة، فإن الدول الأخرى لن تحرك ساكنًا أيضًا».
ويأتي المعدل المنخفض لمنح طالبي اللجوء من السوريين حق إعادة التوطين في الولايات المتحدة، في وقت تسعى فيه الدول المجاورة لسوريا والتي تمتلئ بالفعل باللاجئين إلى إغلاق حدودها وفرض الكثير من القيود على دخول السوريين، مثل تركيا التي بادرت مؤخرًا بفرض قيود جديدة، والأردن ولبنان اللذين عملا منذ شهور على إغلاق الحدود في وجه اللاجئين السوريين.
وفي الغرب، تعهدت ألمانيا بإعادة توطين أكبر مجموعة من اللاجئين السوريين، حيث بلغ عددهم نحو 30 ألف لاجئ، فيما أعلنت كندا أنها ستكتفي بمنح نحو 11 ألف لاجئ فقط حق اللجوء حسبما ذكرت الأمم المتحدة.
ولم تذكر الولايات المتحدة عدد اللاجئين الذين ستقبلهم على وجه التحديد إلا أن مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية ذكروا تقديرات تتراوح بين ألف وألفي لاجئ سيتم قبولهم بحلول أكتوبر (تشرين الأول) وأعداد أكبر من ذلك على مدار السنوات المقبلة. ودفعت الظروف البالغة الصعوبة التي يمر بها السوريون في المنطقة، أعدادا كبيرة منهم إلى محاولة عبور البحر المتوسط إلى أوروبا، مما أدى إلى وضع يشابه وصول النظام العالمي إلى نقطة حرجة في تعامله مع مدنيين فارين من الحرب.
وتقول كاثلين نيولاند، مديرة معهد سياسات الهجرة في واشنطن: «إن النظام الذي أقيم في نهاية الحرب العالمية الثانية لا يعمل بالطريقة المرجوة منه، فهو لا يوفر السلامة للاجئين ولا يوفر الأمن للدول المعنية بالأمر، لقد أدى هذا النظام إلى رواج هائل في تجارة تهريب البشر، هذا النظام جعل من البحر مقبرة (للفارين من الحرب)».
وكان نحو 150 ألف سوري بالخارج قد قدموا طلبات للجوء في 2014 بحجة الخوف من التعرض للاضطهاد في موطنهم، فيما تعد أكبر مجموعة من طالبي اللجوء في العام الماضي، وفق وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وسعى معظم هؤلاء نحو اللجوء إلى أوروبا. وحسب المكان الذي وصلوا إليه، تم احتجاز جزء منهم في مراكز الهجرة إلى أن يتم البت في حالتهم. وذكرت منظمة «أطباء بلا حدود» هذا الأسبوع أن من بين نحو 100 شخص يصلون كل يوم بالقوارب إلى جزر دوديكانيزي اليونانية، يمثل السوريون النسبة الغالبة بينهم.
وقالت المنظمة إنه على جزيرة واحدة أمضى نحو 200 شخص، بينهم أطفال ونساء حوامل، أسبوعًا «محشورين في مركز شرطة»، حيث اضطر بعضهم إلى النوم في فناء المركز.
* خدمة «نيويورك تايمز»



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».