شكوك تونسية في جدوى «الاستشارة الشعبية»

{حزب التحرير} يريد مقاضاة «الدستوري الحر» بعدما اتهمه بمحاولة «إسقاط الدولة»

جانب من مظاهرة سابقة نظمها معارضون للرئيس سعيد (رويترز)
جانب من مظاهرة سابقة نظمها معارضون للرئيس سعيد (رويترز)
TT

شكوك تونسية في جدوى «الاستشارة الشعبية»

جانب من مظاهرة سابقة نظمها معارضون للرئيس سعيد (رويترز)
جانب من مظاهرة سابقة نظمها معارضون للرئيس سعيد (رويترز)

كشفت مصادر حكومية في تونس عن فحوى الأسئلة التي تضمنتها المنصة الإلكترونية التي ستبنى عليها الاستشارة الشعبية، التي أطلقها الرئيس قيس سعيد قبل أسابيع بهدف حل الأزمة السياسية، وإحداث انفراجة اجتماعية في البلاد، لكن عدداً من المراقبين السياسيين شككوا في جدواها.
ومن المنتظر أن تنطلق الاستشارة الشعبية بشكل رسمي في الخامس عشر من هذا الشهر، بعد فترة تجربة تدوم أسبوعين، على أن تتواصل إلى غاية العشرين من مارس (آذار) المقبل، في ظل استمرار الانتقادات المتعددة لأهدافها، والدعوات لمقاطعتها باعتبارها لن تحل بأي شكل من الأشكال محل الحوار السياسي الحقيقي، بل إن بعض الأطراف السياسية اعتبرها «مجرد سبر للآراء»، لا يمكن الاعتماد عليه لتحديد مستقبل البلاد، التي تعيش أزمات سياسية واقتصادية بالجملة.
وفي هذا الشأن قال حسان العيادي، المحلل السياسي التونسي، إن الرئاسة «تحرص، باعتبارها الجهة المبادرة، على ألا تفلت من بين يديها الاستشارة، وتصبح حبلاً يقيد حركتها وخطواتها السياسية، الهادفة إلى إرساء نظام ومنظومة جديدين»، معتبراً أن الرئيس سعيد «لا يرغب في أن تنتهى نتائج الاستشارة الشعبية بما يناقض أهدافه السياسية، وهي بذلك تصب في مشروعه السياسي»، على حد تعبيره. وأضاف العيادي موضحاً «نحن أمام توجيه لعملية تقييم الانتقال الديمقراطي في تونس للوصول إلى تقييم سلبي، يدين المسار والطبقة السياسية برمتهما. وبعد إدانة المسار السياسي خلال السنوات العشر الماضية، يطرح سؤال حول الإصلاحات السياسية، التي تشمل تعديل القانون الانتخابي، وتعديل قانون الأحزاب وتعديل الدستور، أو صياغة دستور جديد».
ويرى مراقبون أن الاستشارة الشعبية الإلكترونية، المدعومة بقوة من قبل الرئيس سعيد، تطرح الانتصار لمشروع الرئيس الهادف لإسقاط المنظومة السياسية السابقة، وإحلال منظومة جديدة عبر نظام سياسي ودستور وقوانين جديدة، أو الانتصار في المقابل للعشرية الماضية بمشاكلها المتعددة.
من ناحية أخرى، قال فتحي بن مصطفى الخميري، عن {حزب التحرير - تونس» في تصريح إعلامي، إن قيادات حزبه ستقاضي الحزب الدستوري الحر (معارض) بسبب «تهجمه والدعوة إلى العنف، وإلى اقتحام مقر حزب التحرير» بمدينة أريانة القريبة من العاصمة التونسية، وقال إنه يطالب باستدعاء عون قضائي لمعاينة الوقفة الاحتجاجية، التي نظمها الحزب الدستوري الحر، بزعامة عبير موسي، أمام مقر الحزب. وكان عدد من أنصار الدستوري الحر قد طالبوا في وقفة احتجاجية بتطبيق القانون، واتخاذ قرارات عاجلة لإنهاء نشاط حزب التحرير، الذي وصفوه بـأنه «تنظيم خطير في تونس، يسعى إلى إسقاط الدولة ولا يؤمن بالجمهورية والديمقراطية والدولة المدنية، ويعمل على إسقاطهما»، وفق ما جاء في شعارات رفعها بعض أنصار هذا الحزب المعادي لممثلي الإسلام السياسي في تونس.
وكانت عبير موسي قد طالبت رئيس الجمهورية بتنفيذ ما تعهد به في 25 من يوليو (تموز) الماضي، وتمسكت بمطلب «إنقاذ تونس من الخطر الداهم للإخوان»، والذي يقتضي وفق تقديرها «التصدي لأوكار الدواعش والتكفيريين»، مؤكدة في سياق متصل أن الاعتصام الذي ينفذه حزبها أمام مقر{ اتحاد القرضاوي»، في إشارة إلى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في تونس، لا يزال متواصلاً منذ قرابة شهر.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.