أميركا تسحب دعمها لخط نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا

بعد شكوك حول جدواه وتحذيرات تركيا من تجاوزها

TT

أميركا تسحب دعمها لخط نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا

أفادت تقارير صحافية بأن الولايات المتحدة قررت سحب دعمها المالي والسياسي لمشروع خط أنابيب غاز شرق المتوسط «إيست ميد» لنقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا عبر اليونان وقبرص.
وذكر تقرير يوناني أن وزارة الخارجية الأميركية بعثت برسالة إلى كل من اليونان وإسرائيل وتركيا تفيد بأن واشنطن لن تدعم مشروع خط «إيست ميد»، الذي يعبر تركيا وينقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا.
ونقلت وسائل إعلام تركية، أمس (الاثنين)، عن المجلة العسكرية اليونانية «ميليتاير» أن الولايات المتحدة أبلغت الدول الثلاث بأنها لن تدعم المشروع سياسياً ومالياً، معتبرة أن الموضوع انتهى، والولايات المتحدة تغير البيانات في شرق المتوسط، وتضع حداً لمشروع خط الأنابيب، معتبرة أن «السياسة التركية انتصرت وننتظر عواقب ذلك».
وأضاف التقرير: «ما يثير الدهشة ليس فشل المشروع الذي واجه مشكلات في الاستدامة المالية منذ البداية، بل في إشارة الولايات المتحدة إلى أنه بخلاف العوامل الاقتصادية والتجارية، فإن مشروع خط الأنابيب مصدر توتر في شرق المتوسط، متبنية الموقف التركي» على حساب الموقف اليوناني.
وتابع تقرير المجلة العسكرية اليونانية أن «(السرد الوطني) لأثينا، الذي تضمن خطة لزيادة النفوذ الجيوسياسي للبلاد، لتصبح مركزاً للطاقة، والتحالف التاريخي مع إسرائيل، الذي أدى إلى تهميش تركيا وتحقيق أهداف أخرى، انهار تماماً... والأمر ذاته ينطبق على قانون مانياتيس، الذي يعين الحدود الخارجية للجرف القاري اليوناني... انهار كلا الهدفين وحطمت تركيا قانون مانياتيس بعقيدة الوطن الأزرق (البحار التي تطل عليها تركيا)»، وعززت تفوقها على المواقف اليونانية مع الاتفاق التركي الليبي (مذكرة التفاهم الموقعة مع حكومة الوفاق الوطني السابقة، برئاسة فائز السراج في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019)، والآن جاء موقف واشنطن ليعطيها الفرصة».
ولفت التقرير إلى أن السياسة الخارجية لليونان استندت على القانون الدولي، وقبل كل شيء على خطط التعاون الثلاثي مع قبرص ومصر وإسرائيل، ثم مع دولة الإمارات، من أجل إنشاء محور يعزز سياستها الخارجية ويعزل تركيا، لكن ما جرى هو أن ذلك يتفكك الآن، ولذلك يتعين على أثينا إعادة هيكلة سياستها في شرق المتوسط إذا أرادت الحفاظ على تحالفاتها.
وواصل التقرير: «نستنتج من هنا أن الحكومة اليونانية وصلت إلى طريق مسدود، لا يريد رئيس الوزراء، كيرياكوس ميتسوتاكيس، إجراء حوار مع تركيا، لأن اليمين المتطرف يمنعه من ذلك، كم أنه لم يتفاوض مع الولايات المتحدة، وتخلى عن سياسة البلقان، والعلاقات مع روسيا باردة وتنزلق الأوضاع من تحت قدميه».
وعدّ التقرير أن الموقف الأوروبي الآن مهم للغاية، محذراً من أنه إذا اتبع الاتحاد الأوروبي ذات الموقف الأميركي، فإن اليونان ستتعرض بشكل خطير لـ«السياسة الحازمة التي تنتهجها تركيا»، مشيرة إلى أن التفاهم البحري بين تركيا وليبيا قوي لا يتزعزع.
وكشف التقرير عن أن الولايات المتحدة عملت، عبر ألمانيا، على منع فرض عقوبات على تركيا بسبب أزمة التنقيب في شرق المتوسط العام الماضي، مضيفاً أن «ما ستفعله الحكومة اليونانية هو لغز لم يحل بعد، فواشنطن منحت الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هدية، لأن ذلك يتحول لانتصار تركي وهزيمة لليونان، كما أن الموقف الإسرائيلي غير واضح».
وأعطت الحكومة الإسرائيلية موافقتها على بناء خط أنابيب الغاز «إيست ميد» في يوليو (تموز) 2020 بعد 6 أشهر من توقيع الاتفاق الخاص بتنفيذه بعد سنوات من طرحه. ومن المخطط أن يمتد الخط قبالة سواحل إسرائيل وقبرص واليونان، ليصل إلى جنوب إيطاليا، وجاءت الموافقة عليه في الوقت الذي كانت تشهد فيه منطقة شرق المتوسط توتراً كبيراً بين تركيا واليونان وقبرص، فيما يتعلق بموضوع الغاز المكتشف هناك، وسعي الدول للحصول على مكاسب أكبر من الثروات التي تقبع في أعماق البحار.
وتواجه عملية مدّ خط الأنابيب مشكلة تكنولوجية لكونه سيمتد في قاع البحر، ولكون هناك كثير من الشروط الفنية الصعبة، بالإضافة إلى كونه سيمرّ في الأراضي اللبنانية، حيث توجد مشكلات حول حقوق المنطقة البحرية.
وشكّك خبير الطاقة اليوناني إيوانيس ميشاليتوش بإمكانية تنفيذ المشروع بالأساس، ويقول إن مشروع «إيست ميد» قطع شوطاً طويلاً جداً للموافقة عليه، ومن المشكوك في النهاية إن كان سيتم تنفيذ المشروع، مشيراً إلى أنه حتى لو تم تنفيذ المشروع بالكامل، فإن حجم الغاز الذي سيتوجه إلى أوروبا يبلغ نحو 10 مليارات متر مكعب، ويشكل نسبة 1.5 إلى 2 في المائة من احتياجات الاتحاد الأوروبي، وهو أقل 10 مرات من توريدات الغاز الروسي.
وذكرت صحيفة «أيدنليك» التركية، أمس، أن تقارير الجدوى الأولية للخط أشارت إلى أن المشروع غير منطقي، وأن الخط الذي يصل طوله إلى نحو 2000 متر، ينخفض إلى عمق 3.3 كيلومتر في البحر ببعض الأماكن، كما أن تكلفة المشروع تقدر بـ7 مليارات دولار، إلا أن الخبراء يقدرون أنها قد تصل إلى 15 ملياراً.
وأضافت الصحيفة أن بناء خط أنابيب «إيست ميد»، المعروف بتكلفته التي تزيد بـ5 إلى 6 مرات عن الخط القبرصي - التركي، كان هدفه الوحيد تهميش تركيا، وأن عدم تجاوز تركيا، يعني تقليل طول الخط تحت سطح البحر إلى 500 كيلومتر عند نقل الغاز مباشرة إلى أوروبا، وما يصل إلى 200 كيلومتر عند نقله عبر الشطر الشمالي من قبرص، ما يقلل تكلفة المشروع من 15 مليار دولار إلى نحو 2.5 مليار دولار.
وأشارت إلى أن الخط، الذي يقال إنه سيلبي 10 في المائة من احتياجات الغاز الطبيعي لأوروبا، لن يصل أبداً إلى هذا الرقم، لأن احتياجات أوروبا، التي تستهلك 560 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، من المتوقع أن تزيد بنسبة 40 في المائة عام 2040. موضحة أنه لا يوجد مثل هذه المقدار من الغاز في حقلي ليفياثان وتمار في إسرائيل، وحقل أفروديت جنوب قبرص.
ونبّهت الصحيفة إلى أن المسار الذي من المقرر أن يعبره الخط يقع داخل «الجرف القاري التركي»، وعليه فإن مشروع ينتهك حقوق ما يعرف بـ«جمهورية شمال قبرص التركية» والولاية البحرية لتركيا، ويتطلب موافقتهما أولاً. وشددت على أن تركيا، التي دعت إسرائيل إلى إعادة التفكير في المشروع، أكدت أنها لن تسمح لهذا الخط بالمرور عبر جرفها القاري من دون إذن.
إلى ذلك، عدّ خبراء أن عودة إسرائيل للتفكير في هذا المشروع «غير المنطقي» وإحيائه كان نوعاً من الضغط على مصر، حتى لا تغالي في مطالباتها المتعلقة بحق المرور واستخدام البنية التحتية المصرية، التي من دونها لا يمكن للغاز أن يمر إلى أوروبا، إلا إذا كان سيتم تمرير الغاز عبر الأنابيب بقوة الدفع الموجودة إلى أنحاء أوروبا، وهذا صعب جداً من الناحية الفنية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».