عبّارات مائية سريعة بخلايا الوقود وقوارب آلية مطورة

ستغيّر مشهد النقل العمومي

عبّارة «بيلوغا»
عبّارة «بيلوغا»
TT

عبّارات مائية سريعة بخلايا الوقود وقوارب آلية مطورة

عبّارة «بيلوغا»
عبّارة «بيلوغا»

تُعدّ العبّارات السريعة بديلاً ممتازاً للتنقل في المدن التي تملك ممرّات مائية داخليّة، ولكنّ المشكلة في هذا النّوع من المركبات هو حرقها لكميّات كبيرة من الوقود، مما يؤدّي إلى الإضرار بالبيئة وارتفاع تكلفتها. ولحلّ هذه المشكلة، وحدّت شركتان سويديّتان جهودهما لتطوير قطمران سريع خال من الانبعاثات. وعلى صعيد آخر يتوقع أن يحدث قاربٌ آلي طوره باحثون أميركيون وهولنديون تحوّلاً كبيراً في الممرّات المائية في مدينة أمستردام المشهورة بقنواتها لقدرته على نقل المسافرين وجمع النفايات وأداء دور جسرٍ مؤقّت أو منصّة عائمة للعروض.

عبّارة سريعة
أطلقت الشركتان السويديتان على ابتكارهما الجديد اسم «بيلوغا 24» (Beluga24) وتزعمان أنّه قد يكون أوّل «قطمران» سريع خال من الانبعاثات يستخدم للنقل العمومي في العالم. وتسعى مؤسسة «غرين سيتي فيريز» للعبارات المائية، المسؤولة عن دمج أنظمة النقل المائية في ستوكهولم، إلى إحداث ثورة في النقل البحري بواسطة هذه العبّارة الكهربائية عالية الأداء ومنخفضة الكلفة.
وقد وُلدت عبّارة «بيلوغا 24» بتصميم من شركة «تكنيكرافت» في نيوزيلندا وبالتعاون مع ستوديو «سكولّي» في إيطاليا. وبنى مهندسو «غرين سيتي فريز» هيكل هذا القطمران المدعوم بالقصدير باستخدام ألياف الكربون المعروفة بخفّتها وفعّاليتها، ويهدف هذا التصميم إلى تقديم عبّارة مريحة بمساحة كافية لنقل 150 شخصاً و28 دراجة هوائية. ويأتي هذا القطمران بحجمٍ أصغر ووزنٍ أخفّ من العبّارات التقليديّة، مما يقلّل تكلفة تشغيله ويتيح زيادة عدد رحلاته.
صُمم قالب «بيلوغا 24» ليكون «مضيئاً ودافئاً» ويقدّم لركّابه مقصفاً بخدمة ذاتية بالإضافة إلى اتصال بالواي - فاي ومنافذ شحن USB. ويضمّ القطمران أيضاً حمّامين، وشاشات لعرض المعلومات للركّاب على متنه، بالإضافة إلى منفذ لمستخدمي الكراسي المدولبة ومساحة لعربات الأطفال.
وستتوّلى شركة «إيسكانديا»، أحد الشركاء الأساسيّن في المشروع، تجهيز العبّارة المبتكرة ببطارية ونظام خلايا وقود الهيدروجين اللذان طوّرتهما. تدّعي الشركة أنّ بطّاريتها أخفّ وزناً من شبيهاتها المتوفّرة في الأسواق، فضلاً عن أنّ نظامها العالي الفعّالية في الطاقة يحتاج إلى كميّات أقلّ من الهيدروجين، الأمر الذي يتيح اعتماد تصميم أخفّ وزناً للمركبة. وكشف ماغنوس إريكسون، الرئيس التنفيذي للشركة في حديث لموقع «أوتو إيفولوشن»، أنّ «العبّارة ستكون مجهّزة بنظام متكامل يستمدّ طاقته من البطاريات أو من الهيدروجين، يضمن فعّالية أكبر في الطّاقة مقارنة بالحلول الأخرى التي تأتي في أنظمة منفصلة». وتبحر «بيلوغا 24» بسرعة 30 عقدة (أي أكثر من 340 ميلاً/ ساعة أو 54 كام/ الساعة) وسيكون بمثابة قطمران سريع وصديق للبيئة. وأخيراً، ينتهي تجهيز القطمران المبتكر بنظام «إيسكانديا» في خريف 2022 وهو مصمم للرحلات البحرية التجارية في مدينة ستوكهولم.

قاربٌ آلي
يبحر «روبووت» Roboat)) اليوم في قنوات أمستردام لأداء وظائف عدّة تخيّلها مطوّروه، كجمع النفايات وأداء دور جسرٍ مؤقّت أو منصّة عائمة للعروض.
تبحر هذه القوارب الكهربائية الآلية الجديدة في شبكة القنوات الواسعة في أمستردام، وهي جاهزة دائماً للعمل كقوارب أجرة لنقل الركّاب ولجمع النفايات في إطار نظام إدارة المهملات، وفي توصيل الطرود، وحتّى التحوّل إلى جسر أو منصّة مؤقّتة. وهي نوعٌ من البنى التحتية الديناميكيّة القادرة على التكيّف مع حاجات المدينة المتغيّرة، وعلى مساعدة العاصمة الهولندية في تخفيف زحمة شوارعها وتحسين استخدام ممرّاتها المائيّة.
«روبووت» هو مشروعٌ بحثي استغرق ستّ سنوات، قدّمه مختبر علوم الكومبيوتر والذكاء الصناعي ومختبر «سينسيبل سيتي» التابعين لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالتعاون مع معهد أمستردام للحلول العاصميّة المتقدّمة، ويعمل اليوم نموذجان منه في المياه الهولنديّة لخدمة النّاس.
يتنقّل هذا القارب الآلي بين وظائف مختلفة بمجرّد التبديل بين طبقاته - ليصبح قارب أجرة، ويجمع النفايات، أو يتحوّل إلى جسرٍ. وأطلق الفريق البحثي عليه اسم «راوند أراوند» (جولة حول) لأنّه يتألّف من عدّة قوارب تتواصل مع بعضها باستمرار للإبحار بشكلٍ دائري ونقل النّاس من ضفّة إلى أخرى في القنوات المائية. صُمم هذا القارب الآلي بهيكلٍ أساسي ثابت تخرج منه طبقات متعدّدة تعمل كعربة أجرة تتسع لخمسة أشخاص أو كحاوية لجمع النفايات.
وفيما يتعلّق بإدارة المهملات، يساعد «روبووت» في تخفيف زحمة الشوارع التي تتسبب بها أحياناً شاحنات جمع النفايات على طرقات أمستردام الضيّقة.
وبدل شاحنات نقل النفايات (التي تعمل غالباً بمحرّكات احتراق)، يستطيع «روبووت» إنزال حاويات نفايات عائمة في القنوات المائية ليسهّل على النّاس رمي نفاياتهم فيها، ثمّ يرفعها بسهولة ويفرغها. يقول كارلو راتّي مدير مختبر «سينسيبل سيتي»، التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في حديث نقله موقع «فاست كومباني»، إنّ هذا القارب المتطوّر يعمل لمدّة عشر ساعات متواصلة ومن ثمّ يتلقّى شحنه لاسلكياً.
للإبحار في القنوات، يستخدم «روبووت» ليداراً وكاميرات للحصول على رؤية بانورامية لمحيطه. تتيح أجهزة الاستشعار هذه للقارب مسح البيئات المختلفة وتفادي المجموعات وجمع البيانات حول المدينة في نفس الوقت. يمكن استخدامه أيضاً لمراقبة جدران القناة السّاندة، المعرّضة لخطر الانهيار. وإذا رغبت المدينة بإقامة حفلة ما، يمكن تحويل «روبووت» إلى منصّة عائمة مؤقّتة، فضلاً عن استخدامه كجسر «راوند أراوند».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»