دائما ما تكون بداية العام الجديد هي أفضل وقت للتفكير والتأمل، وتذكر اللحظات التي مرت وتخيل كيف كان من الممكن أن تحدث بشكل مختلف. ومن المحتمل أن ينطبق هذا على الأمور الشخصية، فمن الممكن أن تسأل نفسك: هل كان يجب أن أترك شعري حتى يصبح أكثر طولا؟ وماذا لو لم أجبر السيارة المستأجرة على الدخول في ساحة انتظار ضيقة بجوار عمود خرساني؟ ومن الممكن أن ينطبق هذا الأمر أيضا على الأحداث الأكبر، وهو ما يجعلنا نطرح السؤال التالي: هل أخطأنا عندما لم نسمح بانطلاق بطولة دوري السوبر الأوروبي؟
وأقصد بـ«ضمير الجمع» هنا هؤلاء الأشخاص الذين يُنسب إليهم الفضل في إيقاف تلك البطولة الانفصالية التي كان من المفترض أن تضم 12 ناديًا. وأعني أيضا على وجه التحديد ذلك التلاحم الإنجليزي في هذا الاحتجاج، لأن ديناميكيات العمل في إسبانيا وإيطاليا مختلفة تماما عنها في إنجلترا. وأخيرًا، أعني ذلك الجزء من تلك المجموعة التي توصف بـ«المشجعين القدماء»، في إشارة إلى أولئك الذين يذهبون خلف أنديتهم في كل مكان للتشجيع من الملعب والذين يدعمون فرقهم بشكل غير مشروط وكأنهم جزء لا يتجزأ من هذه الفرق.
من المحتمل أن يكون مصطلح «المشجعون القدماء» غير محبب أو غير مفضل لمعظم المشجعين القدامى، لكنه في حقيقة الأمر يحمل معنى مهما، وبالتالي فهذا المصطلح يستحق الاستخدام. إنه يختلف بالتأكيد عن مصطلح «المشجع العادي»، الذي يستخدم كثيرًا، لكنه يعني عددًا من الأشياء المختلفة لأشخاص مختلفين. لقد تم إلغاء بطولة دوري السوبر الأوروبي على ما يبدو بسبب اعتراضات المشجعين. لكن تم إلغاؤها أيضًا لأنها، على حد تعبير الدوري الإنجليزي الممتاز، كانت ستلحق الضرر بمفهوم «المنافسة المفتوحة، والتقدم من خلال الجدارة الرياضية وأعلى معايير النزاهة الرياضية». ومع ذلك، من المرجح أن يجد معظم «المشجعين القدماء» صعوبة للعثور على أمثلة واضحة لكل من هذه الظواهر.
أما فيما يتعلق بمفهوم «المنافسة المفتوحة»، فيجب الإشارة إلى أن صدارة الدوري الإنجليزي الممتاز تضم عددا من الأندية التي كان من المفترض أن تشارك في بطولة دوري السوبر الأوروبي، كما أن دوري الدرجة الأولى في إنجلترا يعاني من عدم وجود منافسة نزيهة لأن الأندية التي تهبط من الدوري الإنجليزي الممتاز تحصل على أموال طائلة بعد هبوطها وتنفق بسخاء على التعاقد مع لاعبين جدد على عكس ما يحدث مع باقي أندية المسابقة، كما أن صدارة جدول ترتيب دوري الدرجة الثانية تضم عددا من الأندية التي فعلت ذلك أيضا ولا تزال على وشك الإفلاس.
ويشعر معظم المشجعين خارج تلك المجموعة بأنهم محاصرون ومحبطون بشكل متزايد، ويمنون النفس بأن يأتي ملياردير بوسائل مشبوهة للهبوط بطائرته المروحية ويستحوذ على النادي لإخراجه من أزماته المالية. وفيما يتعلق بمفهوم «الجدارة الرياضية»، فقد يكون ذلك صحيحا لو كان المقصود به القدرة الشرائية في سوق الانتقالات! كما أن «النزاهة الرياضية» لم تعد قضية ذات صلة فقط بالنقاش الدائر حول جدول المباريات الذي يتأثر ويتغير نتيجة تفشي فيروس كورونا، ولكنها قضية متأصلة في معظم مصادر الجدل المنتظمة، بدءا من تقنية حكم الفيديو المساعد (الفار) مرورا بادعاء السقوط للحصول على ركلات جزاء، وارتكاب أخطاء تكتيكية لتعطيل الفريق المنافس، ووصولا مرة أخرى إلى عدم العدالة في توزيع الموارد المالية على الأندية التي تلعب في المسابقة.
فلنفترض إذن أن إلغاء بطولة دوري السوبر الأوروبي لا يعني أن كل شيء على ما يرام. فهل يمكن أن نسمح بإقامتها بشكل أفضل؟ لإجراء هذه التجربة الفكرية، يجب أن أقدم شرطًا واحدًا: أنه عندما ترحل الأندية الستة الكبرى في الدوري الإنجليزي الممتاز للمشاركة في بطولة دوري السوبر الأوروبي، فيتعين عليها حينئذ أن تنسحب من المشاركة في الدوري الإنجليزي الممتاز تمامًا.
لقد كانت الخطة الأساسية هي أن تُلعب مباريات دوري السوبر الأوروبي في منتصف الأسبوع ثم تلعب مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز في عطلات نهاية الأسبوع. لكن في هذا لافتراض، يتعين على الأندية الإنجليزية أن ترحل عن الدوري الإنجليزي الممتاز تماما وأن تذهب بأموالها وشبكات التوظيف العالمية وفرق إنتاج المحتوى الداخلية معها، على أن تدفع بعض الرسوم المالية للسماح لها بالرحيل، وحتى يمكنها التركيز على الرحلات البرية الطويلة التي تصل مدتها إلى ستة أسابيع إلى الصين للعب في دورة رباعية أمام نادي بكين غوان (نعم، هناك شرط آخر هو أن يتحول دوري السوبر الأوروبي بعد ذلك إلى دوري السوبر العالمي).
ونظرا لأن تلك الأندية ستترك وراءها فوضى كبيرة، فيجب على رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز أن تستخدم الرسوم المالية التي دفعتها هذه الأندية للسماح لها بالخروج من أجل إغراء جهات بث المباريات الغاضبة وإبرام صفقات جيدة معها. وبعد ذلك، ستبدأ أندية دوري الدرجة الأولى أيضا في البحث عن طريق للرحيل من أجل الحصول على مزيد من الأموال.
لكن وسط كل هذه الفوضى، قد تتحول الأمور التي كان يُنظر إليها في الماضي على أنها مستحيلة إلى أشياء ممكنة، فقد يتم وضع قيود على استثمارات المالكين ووضع حد أقصى للأجور يكون عبارة عن نسبة مئوية محددة من عائدات الأندية. ومع تضاؤل الاهتمام التلفزيوني بنقل المباريات، قد تصبح جهات البث العامة فجأة قادرة على تحمل تكلفة نقل المباريات مرة أخرى، لكنها لن تنقل الكثير من المباريات لأنها بحاجة إلى بعض الوقت أيضا لبث البرامج والمسلسلات الدرامية. وعندئذ، لن تكون الأندية قادرة على دفع الرواتب الفلكية التي تدفعها للاعبين حاليا، وبالتالي ستضطر إلى التوجه نحو تطوير المواهب الشابة في أكاديميات الناشئين. وسيتعين عليها أيضًا تدعيم علاقاتها بمصدر دخل الموثوق لديها، وهو الجمهور الحريص على مشاهدة المباريات من الملعب.
لن يتوقف الأمر على ذلك، بل سيتعين على بعض «المشجعين القدامى» الذين كانوا يشجعون الأندية الستة الكبرى في الدوري الإنجليزي الممتاز، والذين تم تجاهلهم مثل أي شخص آخر، أن يشجعوا أنديتهم في بطولة دوري السوبر العالمي. أما الجماهير المتبقية – هؤلاء الأشخاص الذين يتحملون مشاق السفر في الأمطار وعبر خدمات السكك الحديدية لدعم أنديتهم – فسوف يستمتعون أيضا بمشاهدة مباريات دوري السوبر العالمي. وكما كان الحال مع الدوري الإنجليزي الممتاز من قبل، سيتم تصوير دوري السوبر العالمي على أنه متعة لا تضاهى بأي شيء آخر على وجه الأرض!
هل كان يجب السماح بإقامة دوري السوبر الأوروبي من أجل مصلحة كرة القدم؟
الاقتراح كان يمكن أن يؤدي إلى أن تصبح اللعبة أكثر إنصافاً واستدامة
هل كان يجب السماح بإقامة دوري السوبر الأوروبي من أجل مصلحة كرة القدم؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة