انقسامات حادة تعصف بالجلسة الأولى للبرلمان العراقي

«الإطار» الشيعي فاجأ الصدريين بـ«كتلة أكبر»... واعتداء على «رئيس السن»

«رئيس السن» محمود المشهداني يخاطب النواب في أولى جلسات البرلمان العراقي الجديد أمس (رويترز)
«رئيس السن» محمود المشهداني يخاطب النواب في أولى جلسات البرلمان العراقي الجديد أمس (رويترز)
TT

انقسامات حادة تعصف بالجلسة الأولى للبرلمان العراقي

«رئيس السن» محمود المشهداني يخاطب النواب في أولى جلسات البرلمان العراقي الجديد أمس (رويترز)
«رئيس السن» محمود المشهداني يخاطب النواب في أولى جلسات البرلمان العراقي الجديد أمس (رويترز)

في الوقت الذي كان مقرراً عقد الجلسة الأولى للبرلمان العراقي في دورته الخامسة، الساعة الحادية عشرة، أمس الأحد، إلا أن الخلافات بين الكتل السياسية أدت إلى تأجيل انعقادها حتى الساعة الرابعة. وفيما هيمن جو من التوتر على الجلسة بسبب ارتداء الصدريين الأكفان، فقد تم ترديد القسم للنواب الحاضرين، وعددهم 325 نائباً. لكنه بعد أن سارع النائب عن الإطار التنسيقي أحمد الأسدي، بتقديم الإطار بوصفه الكتلة الأكبر بواقع 88 نائباً، حصلت مشادة حادة بين نواب الإطار والتيار الصدري أدت برئيس السن محمود المشهداني، إلى رفع الجلسة، الأمر الذي عرضه إلى اعتداء نقل على أثره إلى المستشفى.
ورغم اضطرار الجميع إلى القبول بقرار المحكمة الاتحادية المصادقة على نتائج الانتخابات، فإنه ورغم صدور المرسوم الجمهوري بتحديد أمس الأحد (9/1/2022) موعداً لعقد الجلسة الأولى، فإن الخلافات الحادة بين المكونات الرئيسية الثلاث (الشيعة والسنة والكرد) ألقت بظلالها على الجلسة الأولى. ففيما يفترض طبقاً للدستور أن يتم خلال الجلسة الأولى التي يترأسها أكبر الأعضاء سناً تأدية النواب الـ329 اليمين الدستورية، ومن ثم انتخاب رئيس جديد للبرلمان ونائبين، فضلاً عن تسجيل الكتلة الأكثر عدداً، فإن أجواء الخلافات حالت دون حسم تلك القضايا؛ الأمر الذي اضطر رئاسة السن للجوء إلى الحيل الدستورية، بجعل الجلسة مستمرة، لكن غير مفتوحة بسبب قرار سابق للمحكمة الاتحادية برفض الجلسة المفتوحة.
ويعد الخلاف الشيعي - الشيعي بين التيار الصدري والإطار التنسيقي هو الأكبر منذ إعلان نتائج الانتخابات. وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع، فإن «هناك ضغوطاً كبيرة تمارس على الكتلتين الشيعيتين الكبيرتين بعدم انفراد إحداهما بتسجيل نفسها بوصفها الكتلة الأكبر، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى توسيع مساحة الخلاف الشيعي - الشيعي». وأضاف المصدر المطلع أن «الصدر لا يزال متمسكاً برأيه، سواء على صعيد عد كتلته هي الأكبر كونها الفائزة الأولى، لكن الإطار التنسيقي يلوح بجمعه مقاعد أكبر من الصدر، لكنه لا ينوي المضي باتجاه واحد لتشكيل الحكومة المقبلة، مفضلاً حكومة توافقية بدلاً من حكومة الأغلبية التي ينادي بها الصدر». وطبقاً للمصدر المطلع، فإن «هذه الخلافات بين الكتل الشيعية امتدت إلى الخلافات داخل البيتين السني والكردي، وذلك لجهة عدم حسم مرشحيهم لمنصبي رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية»، مؤكداً أنه «في الوقت الذي حسم فيه التحالف السني الأكبر (عزم وتقدم) خيارهما بترشيح محمد الحلبوسي لرئاسة البرلمان، فإن ما تبقى من (عزم) مدعوماً من الإطار التنسيقي يؤيد ترشيح رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني (استقال عام 2009) للمنصب، بينما لم يتفق بعد الحزبان الكرديان على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، بسبب تردد أي من الحزبين الذهاب مع طرف شيعي دون آخر».
من جانب آخر، وبسبب عدم وضوح الرؤية لجهة المستقلين والكتل المعارضة بشأن إمكانية المشاركة في الحكومة القادمة من عدمها، فإنه في الوقت الذي أعلنت حركات «امتداد» و«إشراقة كانون» و«الجيل الجديد» عدم مشاركتها في الحكومة، فإن تحالف «العراق المستقل» أكد مشاركته. وقال منسق التحالف النائب حسين عرب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «تحالفنا سوف يشارك في الحكومة القادمة بناء على ثقله الانتخابي ورؤيته للمرحلة المقبلة». ورداً على سؤال بشأن الجهة التي يمكن أن يتحالفوا معها في الحكومة، يقول عرب إن «تحالف (العراق المستقل) سيتحالف مع أي طرف يمنحنا الحق في تسمية رئيس الوزراء المقبل».
في السياق نفسه، يرى السياسي المستقل والنائب السابق حيدر الملا، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الدورة البرلمانية الخامسة خرجت مثلما يعرف الجميع من مخاض تشرين، ولذلك فإن العراقيين ينتظرون ما يلبي مطالب الناس الذين خرجوا في تلك المظاهرات الكبرى». وأوضح أن «العراقيين ينتظرون الخدمات والنهوض بالواقع الاقتصادي واستكمال السيادة والقضاء على البطالة، وهو ما يحتاج إلى تعاون الجميع من كل الأطراف والنواب والكتل».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.