تباين ردود الفعل السودانية تجاه مبادرة «يونيتامس»

«التعاون الإسلامي» ترحب بالحوار بين الفرقاء

TT

تباين ردود الفعل السودانية تجاه مبادرة «يونيتامس»

تباينت ردود الفعل بين القوى السياسية والمدنية في السودان تجاه مبادرة الوساطة التي ستبدأها اليوم بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم «يونيتامس» لحل الأزمة السياسية بين العسكريين والمدنيين. ففيما أبدت بعض الأحزاب ترحيباً بالمبادرة واستعداداً للتعاون معها، رفضت أحزاب أخرى وتجمعات مدنية فكرة مشاركة السلطة مع الجيش، وطالبت بسلطة مدنية كاملة.
وأهم المجموعات الرافضة هي «تجمع المهنيين السودانيين»، الذي قاد الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس السابق عمر البشير بعد 30 عاماً في السلطة، وذلك في أبريل (نيسان) 2019، وأعلن التجمع أمس الأحد رفضه المبادرة الأممية لحل الأزمة في البلاد، مؤكدا أن الحل هو «إسقاط سلطة المجلس العسكري وانتزاع سلطة الشعب المدنية الكاملة».
وقال تجمع المهنيين، في بيان عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أمس: «اطلعنا على بيان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة (يونيتامس) فولكر بريتس، الذي يعلن فيه عما سماه مشاورات الحوار وعملية سياسية بين أصحاب المصلحة السودانيين، ونؤكد رفضنا التام لهذه الدعوة التي تسعى للدفع تجاه التطبيع مع المجلس العسكري». وأضاف أن «شعبنا الأبي أعلن بوضوح أن الطريق لحل الأزمة السودانية يبدأ بإسقاط المجلس العسكري الانقلابي بشكل تام، وتقديم عضويته للعدالة الناجزة على ما اقترفوه من مذابح ومجازر بحق الشعب السوداني المسالم الأعزل في محاكم خاصة».
وأشار إلى أن تحركات فولكر ظلت منذ فترة مثيرة للجدل ومفارقة للمهام الموكلة للبعثة التي يقودها، فسعى سابقاً لتثبيت وحشد الدعم للاتفاق بين قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك، وباءت مساعيه بالفشل.
ولفت تجمع المهنيين إلى أن «ممارسات فولكر تخالف أسس ورسالة المنظمة الدولية في دعم تطلعات الشعوب في الحرية والسلام والعيش الكريم، وحري به الآن الإصغاء جيداً لأهداف شعبنا وقواه الثورية في الحكم المدني الكامل وهزيمة آخر معاقل الشمولية». وأكد تجمع المهنيين السودانيين تمسكه الصميم باللاءات الثلاث المعلنة، وهي لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية.
من جهة أخرى، أعلن المتحدث باسم تحالف «الحرية والتغيير» وجدي صالح، أن التحالف لم يتسلم بعد أي دعوة رسمية أو فكرة مبدئية عن فحوى المبادرة، مؤكداً أن التحالف ينظر فيها حين يتسلمها ويقرر موقفه منها بعض دراستها والتشاور بين جميع الأحزاب المنضوية تحت لواء التحالف. وفي المقابل، يرفض كل من الحزب الشيوعي وتنسيقية اللجان الشعبية، التي تقود الاحتجاجات الشعبية المتكررة، وغالبية من الشباب، فكرة المشاركة مع الجيش في حكم الفترة الانتقالية، وهو موقف مطابق لموقف تجمع المهنيين.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت مساء السبت إطلاق مشاورات أولية لعملية سياسية شاملة بين الأطراف السودانية، وهو ما وجد ترحيباً إقليمياً ودولياً واسعاً، إذ أيدته كل من السعودية والإمارات ومصر والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الترويكا وجامعة الدول العربية. كما رحبت منظمة التعاون الإسلامي بإعلان الأمم المتحدة تسهيل عملية الحوار بين الأطراف السياسية السودانية بهدف التوصل إلى اتفاق للخروج من الأزمة الحالية وإرساء مسار مستدام نحو الديمقراطية والسلام.
وأكدت الأمانة العامة للمنظمة الإسلامية، دعمها لكافة الجهود الإقليمية والدولية الداعمة للحوار والوفاق بين الأطراف السودانية وتغليب المصلحة العليا للشعب السوداني، ومساندة تطلعاته في السلام والديمقراطية والأمن والتنمية، والتزام منظمة التعاون الإسلامي بتسخير جميع إمكانياتها لدعم الحوار في الفترة الانتقالية اتساقا مع قرارات القمة الإسلامية ومجلس وزراء الخارجية. وعبر الأمين العام للمنظمة حسين إبراهيم طه، عن وقوف المنظمة إلى جانب السودان لضمان أمنه واستقراره ووحدته الوطنية وازدهاره.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.