القوى السياسية العراقية تدخل البرلمان الجديد اليوم وسط خلافات

القوى السياسية العراقية تدخل البرلمان الجديد اليوم وسط خلافات
TT

القوى السياسية العراقية تدخل البرلمان الجديد اليوم وسط خلافات

القوى السياسية العراقية تدخل البرلمان الجديد اليوم وسط خلافات

جدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر موقفه الثابت من تشكيل حكومة أغلبية وطنية (لا شرقية ولا غربية) في إشارة إلى رفضه التدخل الأميركي - الإيراني في سياقات تشكيلها. وفيما أخفقت القوى السياسية العراقية في تطويق خلافاتها إن كان على صعيد الكتلة الأكبر أو تقسيم المواقع السيادية (الرئاسات الثلاث) فإن زعيم التيار الصدري بإعلانه في تغريدة مساء أول من أمس التوصل إلى اتفاق بشأن الكتلة الأكبر مع تحالفي «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي و«عزم» بزعامة خميس الخنجر والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني وتكتل شيعي يضم 5 نواب تحت عنوان «تصميم» أربك المشهد السياسي، لا سيما على صعيد قوى الإطار التنسيقي (يضم مجموعة كتل شيعية مثل الفتح ودولة القانون والعصائب والحكمة والنصر والعقد الوطني).
وقالت قوى الإطار التنسيقي في بيان بعد تغريدة الصدر إن الإطار «ناقش قضية الكتلة الأكبر ومسار الجلسة الأولى وعبر عن حرصه على التزام السياقات القانونية والدستورية»، مجدداً ما أسماه الدعوة إلى «جميع نواب المكون الاجتماعي الأكبر (في إشارة إلى الأغلبية الشيعية السكانية) وبالخصوص الأخوة في الكتلة الصدرية لتشكيل الكتلة الأكثر عدداً للمحافظة على هذا الاستحقاق الدستوري واستقرار العملية السياسية». واختتمت قوى الإطار بيانها الموجه إلى الشريكين السني والكردي بالشكر إلى «جميع القوى الوطنية التي حرصت على دعم التفاهمات وعدم المساهمة في تأزيم الموقف».
وفيما بدا هذا البيان رداً على تفاهم مفترض مع الكرد والسنة أعلن عنه الصدر فإن الوفد الكردي المشترك بين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والذي يترأسه القياديان في الحزبين عماد أحمد (الاتحاد الوطني) وهوشيار زيباري (الديمقراطي الكردستاني) التقى أمس السبت قادة الإطار التنسيقي. وفيما لم يصدر عن الحزبين الكرديين بيان بشأن هذا اللقاء فإن الإطار التنسيقي أعلن أنه تم خلال اللقاء مع الوفد الكردي استعراض «ملف الانتخابات والملابسات والاعتراضات التي رافقت سير العملية الانتخابية وملف تشكيل الحكومة المقبلة»، مؤكدين «ضرورة التوصل إلى تفاهمات مشتركة تسهم في معالجة الإشكاليات الراهنة والانتقال إلى مرحلة تشكيل الحكومة عبر تعاون جميع الأطراف والقوى الوطنية بعيداً عن الإقصاء والتهميش لأي مكون من مكونات الشعب العراقي». كما تم الاتفاق على «احترام خصوصية المكونات الاجتماعية وعدم الوقوف مع طرف على حساب طرف آخر من أجل ديمومة العملية السياسية والحفاظ عليها».
الوفد الكردي المشترك الذي يواصل زيارته إلى بغداد يحاول من جهته التفاهم على ورقة كردية مشتركة مع الأطراف السياسية المختلفة في العراق في وقت لم يحسم بعد خلافه الداخلي بشأن منصب رئيس الجمهورية. ففي الوقت الذي يتمسك فيه الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل جلال طالباني بمرشحه للمنصب الرئيس الحالي برهم صالح فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، وإن تنازل عن مرشح للمنصب من قبله، لا يزال يصر على أن يرشح الاتحاد الوطني شخصية أخرى بدلاً من صالح. وحول ما إذا كان الموقف الكردي سيبقى موحداً تقول الدكتورة فيان صبري عضو البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزبين الكرديين الرئيسيين في إقليم كردستان متفقان على الخطوط العامة وهو موقف معلن لكليهما وهما يتحركان في ضوء ذلك عبر لقاءاتهما مع القوى السياسية العراقية الأخرى». وحول ما إذا كان تم حسم الخلافات فيما بينهم، تقول فيان صبري إن «الحزبين قطعا شوطاً كبيراً في التفاهم المشترك»، مبينة أنه «سيكون لديهم ورقة عمل مشتركة واحدة للمفاوضات مع الأطراف الأخرى».
إلى ذلك جدد الصدر، الذي جاء تياره أولاً في الانتخابات التي جرت خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2021 التأكيد على تشكيل حكومة من دون تدخلات خارجية (لا شرقية ولا غربية). وقال في تغريدة أمس: «اليوم لا مكان للطائفية ولا مكان للعرقية، بل حكومة أغلبية وطنية يدافع الشيعي فيها عن حقوق الأقليات والسنة والكرد». وأضاف: «سيدافع الكردي عن حقوق الأقليات والسنة والشيعة، وسيدافع السنّي عن حقوق الأقليات والشيعة والكرد». وتابع: «اليوم لا مكان للفساد، فستكون الطوائف أجمع مناصرة للإصلاح»، مشدداً على أنه «اليوم لا مكان للميليشيات، فالكل سيدعم الجيش والشرطة والقوات الأمنية، وسيعلو القانون بقضاء عراقي نزيه». واختتم الصدر تغريدته بالقول: «اليوم سنقول نحن والشعب: كلّا للتبعية قرارنا عراقي شيعي سني كردي تركماني مسيحي فيلي شبكي إيزيدي صابئي: (فسيفساء عراقية وطنية لا شرقية ولا غربية)».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.