تونس: معارضون يدعون إلى مقاطعة {استشارة الكترونية} اقترحها سعيّد لحل الأزمة

مصادر حكومية قالت إن عدد المشاركين فيها لم يتجاوز 600 شخص

الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
TT

تونس: معارضون يدعون إلى مقاطعة {استشارة الكترونية} اقترحها سعيّد لحل الأزمة

الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)

تزايد عدد الرافضين للاستشارة الإلكترونية التي اقترحها الرئيس التونسي قيس سعيد لإصلاح المنظومة السياسية والاجتماعية في تونس، حيث انضمت حركة النهضة إلى الأحزاب، التي عبرت عن رفضها لهذه الاستشارة، ودعت إلى مقاطعتها.
وأعلنت «النهضة»، التي يرأسها راشد الغنوشي، عن دعمها لمواقف «الحزب الجمهوري»، وحزب «التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات» و«حزب التيار الديمقراطي»، على وجه الخصوص، بعد أن عبرت هذه الأحزاب عن رفضها القوي لهذه الاستشارة، واعتبرتها «خطوة إضافية لتعطيل المسار الديمقراطي».
ودعا المكتب التنفيذي لحركة النهضة، خلال انعقاده مساء أول من أمس بمقره المركزي بالعاصمة، إلى مقاطعة الاستشارة الإلكترونية، التي ستستمر إلى غاية العشرين من مارس (آذار) المقبل، واعتبر هذه الخطوة، التي تباينت حولها مواقف الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية، «مواصلة للانحراف بالسلطة، وتركيزاً للحكم الفردي، وضرباً لآليات العمل الديمقراطي»، على حد تعبيره.
وقالت حركة النهضة إن الاستشارة الإلكترونية «تندرج في إطار مشروع أشمل لتفكيك مؤسسات الدولة التونسية، وضمن إرادة واضحة لقطع الطريق أمام أي فرصة لإدارة الأزمة السياسية المستفحلة في تونس، عبر الحوار والتفاوض، باعتبارهما آلية ناجعة لتحقيق التوافق والاستقرار السياسي المنشود»، حول الإصلاحات والبدائل الضرورية لتجاوز الأزمة.
وبهذا الخصوص، أفاد شوقي الشيحي، مدير عام تكنولوجيات الاتصال في تونس، بأن عدد الذين شاركوا في الاستشارة الإلكترونية المعروضة على التونسيين منذ الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي، لم يتجاوز حدود 600 شخص فقط. وقال إن البوابة الإلكترونية الخاصة بالاستشارة تم تجهيزها في الوقت المناسب، موضحاً أن العملية التي تم تنفيذها بدور الشباب ولا تزال متواصلة إلى منتصف هذا الشهر «كانت من باب التجربة لا غير».
في سياق ذلك، دعا أعضاء المكتب التنفيذي لحركة النهضة، خلال الاجتماع، المناضلين وكل القوى الوطنية السياسية والاجتماعية التونسية للمشاركة بقوة في التظاهرات، المزمع تنظيمها في 14 من يناير الحالي للتعبير عن «الرفض للانتهاكات الجسيمة للحقوق والحريات، والإعلان عن التمسك بالخيار الديمقراطي، وإحياءً لروح ثورة الحرية ووفاءً لأرواح الشهداء».
في السياق ذاته، عبرت قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) عن تحفظاتها من الاستشارة الإلكترونية التي دعا إليها الرئيس سعيد، بهدف جمع اقتراحات المواطنين بشأن الإصلاحات السياسية والاجتماعية المقبلة، واعتبرت أن هذه الاستشارة «لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحل محل الحوار الحقيقي، لكونها لا تمثل شرائح المجتمع التونسي وقواه الوطنية برمتها»، على حد تعبيرها. كما انتقد «الاتحاد» خريطة الطريق، التي اقترحها الرئيس سعيد للخروج من الأزمة التي تعصف بالبلاد، وقال إنها «لا تنفصل عن التفرد بالحكم والإقصاء».
وبخصوص ملف نور الدين البحيري، نائب رئيس «النهضة»، الذي يخضع للإقامة الإجبارية، طالبت الحركة بإطلاق سراحه، وسراح فتحي البلدي، القيادي الأمني السابق، مؤكدة أنهما «محتجزان قسرياً خارج إطار القانون، وفي غياب أي إذن قضائي، خلافاً لما أعلنه المكلف بتسيير وزارة الداخلية التونسية».
على صعيد آخر، دعت قيادات مبادرة «تونسيون من أجل قضاء عادل»، إلى تنظيم مظاهرة شعبية في 14 من يناير الحالي أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء للمطالبة بحله. وقالت هندة بالحاج علي، إحدى مؤسسات هذه المبادرة في تصريح إعلامي إن الوقفة الاحتجاجية قد تتطور إلى اعتصام مفتوح إلى حين حل المجلس الأعلى للقضاء. واعتبرت أن تونس «تقود اليوم معركة تحرير القضاء، ولا يمكن التقدم خطوة واحدة دون قضاء عادل»، على حد تعبيرها.
وأشار المصدر ذاته إلى أن المجلس الأعلى للقضاء «أصبح يمثل عثرة في طريق إصلاح المنظومة القضائية»، مؤكداً أن جميع التونسيين معنيون بمعركة تحرير القضاء.
وكانت حركة النهضة قد استنكرت استمرار ما سمته «حملات التشويه ومحاولات تطويع السلطة القضائية عبر ضرب الثقة في هذا المرفق الأساسي للدولة»، وأعلنت رفض الدعوات الرامية إلى حل المجلس الأعلى للقضاء، واستغلال الحالة الاستثنائية للسيطرة على السلطة القضائية بالمراسيم الرئاسية، بدعوى إصلاح القضاء وضمن خلفية تركيز حكم كطلق على حد تعبيرها.
يذكر أن المجلس التونسي الأعلى للقضاء جدد يوم الأربعاء الماضي رفضه لمراجعة وإصلاح المنظومة القضائية في تونس بمراسيم رئاسية، في إطار التدابير الاستثنائية المتعلقة حصراً بمجابهة «خطر داهم». ونبه إلى «خطورة تواصل عمليات التشويه والضغط التي تطال القضاة»، محذراً من تبعات زعزعة الثقة في القضاء وفي عموم القضاة. في إشارة إلى الضغوط الرئاسية المسلطة على القضاة وتصنيفهم إلى «شرفاء وفاسدين».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.