خلافات تلقي بظلالها على مصير الجلسة الأولى للبرلمان العراقي

المكوّنان السني والكردي تمكنا من ترتيب بيتيهما نسبياً مع استمرار الأزمة الشيعية

مؤتمر صحافي لرئيس الوفد التفاوضي الكردي هوشيار زيباري والقيادي في التيار الصدري نصار الربيعي ببغداد أمس (شبكة رووداو)
مؤتمر صحافي لرئيس الوفد التفاوضي الكردي هوشيار زيباري والقيادي في التيار الصدري نصار الربيعي ببغداد أمس (شبكة رووداو)
TT

خلافات تلقي بظلالها على مصير الجلسة الأولى للبرلمان العراقي

مؤتمر صحافي لرئيس الوفد التفاوضي الكردي هوشيار زيباري والقيادي في التيار الصدري نصار الربيعي ببغداد أمس (شبكة رووداو)
مؤتمر صحافي لرئيس الوفد التفاوضي الكردي هوشيار زيباري والقيادي في التيار الصدري نصار الربيعي ببغداد أمس (شبكة رووداو)

رغم اقتراب العرب السنة والكرد من الوصول إلى اتفاق بشأن كيفية التعامل مع شريكهم الشيعي الأكبر، لكن حتى لحظة دخول الجميع النواب الفائزين الممثلين للبيوت المكوناتية جلسة غد الأحد، فإن شيطان التفاصيل لا يزال قادراً على التسلل إلى أي اتفاق تم الإعلان عنه.
سنياً وقبل يومين من جلسة الأحد، أعلن أكبر تحالفين («تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي و«عزم» بزعامة خميس الخنجر) عن اتفاقهما على الدخول بكتلة سنية واحدة إلى جلسة الأحد، ومعهم مرشحهم لرئاسة البرلمان محمد الحلبوسي. ورغم عدم بروز اعتراضات شيعية - كردية على ما كان قد قيل إنه قرار بعدم التجديد للرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء والبرلمان)، فإن الخلاف ظهر من داخل تحالف «عزم» نفسه. فقد أعلنت مجموعة من نواب هذا التحالف انسحابهم من الصيغة التي تم الاتفاق بموجبها بين الحلبوسي والخنجر، والتي لم تكن تصل من وجهة نظرهم إلى التجديد للحلبوسي بقدر ما كان الاتفاق يقتصر على تقديم رؤية سنية مشتركة للشركاء بشأن وضع المناطق الغربية السنية التي ألحق بها احتلال «داعش» خراباً كبيراً. وفيما حسم الحلبوسي عبر تماسك حزبه وحصوله على أكثر من 14 نائباً من تحالف «عزم» نصف المسافة إلى رئاسة البرلمان، فإن باب المفاجآت يبقى قائماً في ظل خلافات لا تزال كبيرة بين التكتلين الشيعيين البارزين (الكتلة الصدرية) بزعامة مقتدى الصدر و(الإطار التنسيقي) الذي يضم مجموعة من القوى الشيعية التي اعترضت على نتائج الانتخابات، وتضم «تحالف الفتح وائتلاف دولة القانون وعصائب أهل الحق وتيار الحكمة وتحالف النصر وتحالف العقد الوطني».
كردياً، فإن القرار الذي اتخذه الحزبان الرئيسيان في الإقليم (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني) بإرسال وفد مشترك إلى بغداد برئاسة القيادي في «الديمقراطي» هوشيار زيباري، والقيادي في «الاتحاد الوطني» عماد أحمد، يعني أن الكرد بصدد التفاهم كفريق واحد مع شريكهم الشيعي عبر ما يعدونه استحقاقات حاسمة للإقليم. والتقى الوفد في بغداد، أمس، الهيئة السياسية للتيار الصدري. وأكد عضو الكتلة الصدرية نصار الربيعي، في مؤتمر صحافي مشترك مع زيباري، أن «مواقفنا موحدة مع الوفد الكردي فيما يخص تشكيل الحكومة»، فيما أشار رئيس الوفد الكردي المفاوض إلى أن الاستحقاقات الانتخابية «هي الحكم في تقرير المصير في جلسة الأحد».
لكن شيطان التفاصيل يتربص بالأكراد، خصوصاً لجهة منصب رئيس الجمهورية الذي لا يزال «الاتحاد الوطني الكردستاني» يتمسك بمرشحه الرئيس الحالي برهم صالح، بينما يرفض «الديمقراطي الكردستاني» ذلك، ويطالب بأن يقدم الاتحاد مرشحاً بديلاً. وطبقاً للمعلومات المتداولة في كواليس اللقاءات بين الحزبين الكرديين الرئيسيين اللذين يتقاسمان السلطة في إقليم كردستان مع توزيع للأدوار بينهما في بغداد وأربيل، فإنهما باتا يقتربان من التفاهم على الخطوط العريضة التي لا خلاف كردياً - كردياً حولها وتتعلق بالقضايا العالقة بين بغداد وأربيل، وأهمية تسويتها مثل رواتب الموظفين والموازنة المالية العامة للبلاد وقانون النفط والغاز والمادة 140 من الدستور والمجلس الاتحادي وغيرها.
ومع بقاء الخلاف قائماً حول المرشح لمنصب رئيس الجمهورية، في ظل تمسك «الاتحاد» بصالح، فإن «الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، بات يلين من موقفه المتشدد حيال أهمية إسناد منصب الرئاسة إلى مرشح من قبله، بحيث بات يقبل بأي مرشح للمنصب من داخل «الاتحاد الوطني»، عدا صالح، كما أنه لا يريد تكرار سيناريو 2018 الذي ربما سيبقى أحد الخيارات المطروحة، خصوصاً أن القوى السياسية الأخرى ليست في وارد التدخل في خيارات المكونات في اختيار ممثليها للمناصب الرئيسية.
ورغم التقاربين السني - السني والكردي - الكردي، فإن مصير اتفاقهما أو اختلافهما يبقى مرهوناً بطبيعة العلاقة التي لا تزال شائكة داخل البيت الشيعي، لا سيما على صعيد تحديد التحالفات المقبلة، بدءاً من الكتلة الأكبر التي تحدد المرشح لتشكيل الحكومة المقبلة. وفي ظل إصرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، على الأغلبية الوطنية والإطار التنسيقي على التوافقية، فإن كل المؤشرات باتت تذهب إلى أنه من الصعب حسم أي من الخيارات خلال جلسة البرلمان غداً. وفي هذا السياق، يقول الدكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجلسة الأولى تتضمن العديد من الالتزامات الدستورية وقرارات للمحكمة الاتحادية التي ومثلما يعرف الجميع قراراتها ملزمة لكل السلطات»، مبيناً أنه «من الناحية الدستورية هي يجب أن تعقد، ولا فرصة أو تأويل لإعادة إصدار مرسوم جمهوري آخر من قبل رئيس الجمهورية باختيار موعد جديد، فضلاً عن أن هناك أمراً آخر، وهو المادة 76 من الدستور، التي تنص على تسجيل الكتلة الأكبر خلال تلك الجلسة، وبالتالي فإن عدم وجود كتلة أكبر خلال انتخابات 2018 كانت لها تداعياتها الخطيرة، ولا يمكن تكراره تحت أي ذريعة». ويرى الشمري أنه «بموجب الدستور لا بد من تقديم طلبات لرئيس السن لتسجيل الكتلة الأكبر من قبل مجموعة من الكتل التي يمكن أن تتحالف فيما بينها مع أننا سوف نكون حيال إشكالية قانونية هذه المرة، وليست دستورية، كون قانون الانتخابات الجديد نص على أنه لا يجوز التحالف ما بعد الانتخابات».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.