فتح الدورة الاستثنائية يمنع «اجتياح» عون لصلاحيات البرلمان

(تحليل إخباري)

TT

فتح الدورة الاستثنائية يمنع «اجتياح» عون لصلاحيات البرلمان

تفادى رئيس الجمهورية ميشال عون بموافقته على فتح دورة استثنائية للبرلمان تبدأ في العاشر من الشهر الحالي وتختتم في 21 مارس (آذار) المقبل عشية بدء العقد العادي الأول للبرلمان الدخول في «اشتباك» مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي أمل أن يكون فتحها مدخلاً إلى صفحة جديدة مع عون، وهذا ما قاله لرئيس الجمهورية أثناء اجتماعه برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي دعاه إلى التوقيع على مرسوم فتح الدورة لأن البديل بات جاهزاً بتوقيع النواب على العريضة النيابية التي تطالبه بفتح دورة استثنائية.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية أن عون وميقاتي تواصلا أثناء اجتماعهما في بعبدا ببري وأبلغاه موافقتهما على فتح دورة استثنائية للبرلمان، لكن المفاجأة كانت في إصرار عون على أن تفتتح الدورة لمدة شهر تبدأ في العاشر من هذا الشهر وتختتم في العاشر من الشهر المقبل، ما أدى إلى توتر الأجواء بين عون وبري.
وأكدت المصادر النيابية أن ميقاتي دخل على خط التواصل بين عون وبري لقطع الطريق على تظهير الخلاف بينهما إلى العلن مع أنه يتبنى وجهة نظر رئيس المجلس النيابي بأن تختتم الدورة الاستثنائية عشية بدء العقد العادي الأول للبرلمان، وقالت بأن ميقاتي تمكن من تهدئة بري إفساحاً في المجال أمامه لإقناع عون بتعديل موقفه، وهذا ما حصل.
ولفتت المصادر إلى أن تواصل ميقاتي مع عون وبري تلازم مع تحرك صامت لمدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم بين الرئيسين، وقالت بأن كل هذه الجهود أدت إلى نزع فتيل التفجير الذي يستهدف علاقة الرئاسة الأولى بالرئاسة الثانية، وذلك بتخلي عون عن التشاور مع فريقه السياسي لاستمزاج رأيه في فتح الدورة، وقالت بأن عدم تجاوب عون منذ اللحظة الأولى مع ميقاتي كاد أن يؤدي إلى تسعير الاشتباك السياسي بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي على خلفية عدم المساس بصلاحيات الرئاسة الثانية ومنع «اجتياحها» من قبل الرئاسة الأولى.
واعتبرت أن مبادرة عون للتوقيع على مرسوم فتح الدورة من دون المساس بصلاحيات بري ومن خلاله هيئة مكتب المجلس النيابي في إدراج ما لديهما من بنود على جدول أعمال الدورة الاستثنائية أدى إلى تبريد الأجواء في محاولة للإبقاء على حد أدنى من التواصل بين عون وبري بعد أن تجاوز خلافهما «الخطوط الحمر» بدخول رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على خط التصعيد الذي استدعى رزمة من الردود غير المسبوقة عليه من قبل المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل.
وأوضحت المصادر أن تواصل عون وميقاتي مع بري بقي تحت سقف فتح الدورة الاستثنائية التي تتيح للبرلمان مناقشة مشروع الموازنة للعام الحالي الذي سيحال إليه فور دراسته من قبل مجلس الوزراء الذي ينتظر من وزير المالية يوسف الخليل أن يرفعه إليه في اليومين المقبلين، وقالت بأن التواصل بين الرؤساء الثلاثة لم يتطرق إلى دعوة مجلس الوزراء للانعقاد برغم أن ميقاتي ركز عليه فور انتهاء اجتماعه بعون.
وفي هذا السياق، نفت مصادر سياسية نقلاً عن ميقاتي ما يشاع حول تحضير الأجواء للدخول في مقايضة تسمح بمعالجة الأسباب التي كانت وراء قرار الوزراء الشيعة بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء وصولاً إلى إيجاد تسوية تؤمن حصر ملاحقة الرؤساء والوزراء في ملف انفجار مرفأ بيروت بالمجلس الأعلى لمحاكمتهم، وقالت بأن الرهان لا يزال على المخرج القضائي لوضع حد للاستنسابية في ملاحقة المتهمين في ملف الانفجار.
ورأت المصادر نفسها أنه لم يكن من خيار لدى عون سوى التجاوب مع إلحاح ميقاتي بإخراج فتح الدورة من التجاذبات السياسية لأن لا مجال إلا لفتحها طالما أن الخيار البديل جاهز من خلال العريضة النيابية، وقالت بأن عون كان في غنى عن مشكلة جديدة مع بري تعتبر خاسرة ولا تخدمه سياسياً في حال دعا لطاولة الحوار في بعبدا.
وسألت المصادر نفسها عن الأوراق السياسية الضاغطة لدى ميقاتي بإصراره على دعوة مجلس الوزراء للانعقاد لمناقشة مشروع الموازنة وإحالته إلى البرلمان لدراسته وإقراره، وقالت بأن هناك اعتبارين يمليان عليه التمسك بموقفه، الأول دستوري يفرض إنجازها ضمن المهلة الدستورية، والثاني سياسي يراد منه أن تؤكد الحكومة التزامها بالشروط التي يطلبها المجتمع الدولي، والتي من دونها ستبقى عاجزة عن تأمين الدعم لمساعدة لبنان للانتقال إلى مرحلة التعافي المالي.
ويبقى السؤال: هل يدعو ميقاتي لعقد جلسة بمن حضر وبغياب الوزراء الشيعة في محاولة لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم؟ أم أنه يراهن على عامل الوقت لعله يرفع من منسوب التواصل بحثاً عن مخرج؟ خصوصاً أن وزير المالية في حاجة إلى عشرة أيام كحد أدنى لإنجاز مشروع الموازنة، هذا في حال عاد كبار الموظفين في الوزارة عن إضرابهم الذي يعيق إنجازها على وجه السرعة؟
وإلى أن يتبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض مع قرار ميقاتي بالتحرك باتجاه «الثنائي الشيعي» وتحديداً بري، هناك من يقترح إذا تعذر الوصول إلى مخرج نهائي يعيد الوزراء الشيعة إلى طاولة مجلس الوزراء أن يتم الاتفاق على تعليق مقاطعتهم ليتسنى لهم حضور الجلسات المخصصة لإقرار الموازنة لتسريع التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
كما أن هناك من يقترح بأن يقتصر حضور الوزراء الشيعة على وزير المالية لأن هناك استحالة لمناقشة الموازنة بغيابه، مع أن فتح الدورة الاستثنائية يعيد الحصانة إلى النواب نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر التي سيسري مفعولها إلى ما بعد إجراء الانتخابات النيابية في 15 مايو (أيار) المقبل وتنتهي مع انتهاء ولاية البرلمان الحالي في 21 منه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».