«داعش» يتمدد حول العاصمة السورية بإيقاظ «خلايا نائمة» و«شراء الولاءات»

ظهر في مناطق مجردة من أسلحتها الثقيلة بفعل اتفاقات بين النظام والمعارضة

مواطنان يعاينان الدمار الذي أحدثته البراميل المتفجرة التي اسقطتها طائرات النظام السوري في حلب أمس (رويترز)
مواطنان يعاينان الدمار الذي أحدثته البراميل المتفجرة التي اسقطتها طائرات النظام السوري في حلب أمس (رويترز)
TT

«داعش» يتمدد حول العاصمة السورية بإيقاظ «خلايا نائمة» و«شراء الولاءات»

مواطنان يعاينان الدمار الذي أحدثته البراميل المتفجرة التي اسقطتها طائرات النظام السوري في حلب أمس (رويترز)
مواطنان يعاينان الدمار الذي أحدثته البراميل المتفجرة التي اسقطتها طائرات النظام السوري في حلب أمس (رويترز)

طرح تمدد تنظيم داعش في المناطق المجردة من أسلحتها الثقيلة في جنوب وشمال العاصمة السورية دمشق، أسئلة عن قدرته على التمدد حول المدينة فجأة، وأهدافه منه، وانعكاس ذلك على واقع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يقول نظامه بأنه يقفل مسارب العاصمة وعزلها عن محيطها، منعًا لأي تدهور أمني في داخلها.
التقديرات تتفاوت حول كيفية وصول «داعش» فجأة إلى المناطق المتاخمة للعاصمة السورية؛ إذ تتراوح بين فرضية «الخلايا النائمة»، وفرضية «شراء الولاءات» بين المعارضين في داخل تلك المناطق التي اختبرت اتفاقات وهدنات مع النظام السوري، تقضي بتسليم المعارضين أسلحتهم الثقيلة مقابل فك الحصار عنها، فضلاً عن فرضية التمدّد من القلمون في ريف دمشق إلى الأحياء الملاصقة للعاصمة.
رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أفاد لـ«الشرق الأوسط» بأن التنظيم المتطرف بعد هزيمته في عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشمالي، بدأ يبحث عن انتصار له يسجله في «مناطق رخوة لا تستدعي حشدًا كبيرًا لقواته ولا تستنزفه»، سواء أكانت خاضعة لسيطرة النظام السوري، أو للجيش السوري الحر.
ويرجّح عبد الرحمن أن هذا التمدّد «يعود إلى إيقاظ (داعش) خلايا نائمة تابعة له، حققت نصرًا معنويًا مزعومًا له، عبر إعلان وجودها في تلك المناطق»، وتابع أنها موجودة الآن «في مخيم اليرموك وضاحية الحجر الأسود في جنوب دمشق، وفي ضاحية القابون شمال العاصمة فقط». وإذ يؤكد عبد الرحمن طرده الدواعش من مناطق واسعة من شرق العاصمة، يشير إلى أن خلاياهم النائمة «لا تزال موجودة في القابون، وقادرة على التحرك في أي لحظة».
غير أن هذه الفرضية ليست الوحيدة بين الترجيحات حول تمدّد التنظيم المتطرف، إذ يؤكد القيادي السوري المعارض والخبير في الجماعات المتشددة عبد الرحمن الحاج، وجود فرضيتين لتمدّده، موضحًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «داعش» «موجود في (جبال) القلمون وقريب من دمشق، ما يعني سهولة تحركه لوجيستيًا إلى أحياء العاصمة، نظرًا إلى محاولات سابقة لإيجاد موطئ قدم له على تخوم العاصمة». وعليه، فإن الفرضية الثانية تتمثل في شراء الولاءات، إذ يوضح الحاج أن قوات المعارضة وجدت نفسها، في ظل النقص في التسليح، مضطرة للاندماج في تنظيمات متشددة «تمتلك القدرة المالية والعسكرية، خصوصًا أن الجيش السوري الحر بقي وضعه حرجًا في ظل النقص بالإمدادات». وأمام هذا الواقع «اتجه مقاتلو الجيش الحر، تحت الضغط، إلى كيانات أكثر تسليحًا وتنظيمًا وقدرة، ووجدوا الحل في الاندماج».
ويلفت الحاج إلى أن إفراغ المنطقة من سلاحها، بموجب الاتفاقات مع النظام، وضع النظام على أطراف تلك المناطق، لكن «في ظل تراجع النظام ستبقى المناطق التي قدمت تنازلات بالاتفاقات، مكشوفة وعرضة لإعادة تموضع كيانات أكثر تنظيمًا في داخلها بينها جيش الإسلام أو داعش أو جبهة النصرة».
وكانت فصائل سورية معارضة أعلنت أول من أمس أنها تمكنت من إخراج تنظيم داعش من معظم مواقعه في ضواحي القابون وتشرين وبرزة، في شمال العاصمة، في حين حافظ التنظيم على وجوده في جنوب العاصمة، حيث تقاتل «جبهة النصرة» إلى جانبه في مخيم اليرموك وضاحية الحجر الأسود.
عودة إلى رامي عبد الرحمن، فإنه يرى أن وجود التنظيم على أطراف دمشق «يهدّد النظام السوري»؛ لأن «عشرة انتحاريين يمكن أن يهدّدوا أمن العاصمة». لكن الحاج، مع ذلك، يستبعد أن يلجأ النظام إلى قصفه بالبراميل المتفجرة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن النظام «سيستثمر وجود التنظيم على أطرافه في أي حوار مرتقب مع المجتمع الدولي، لأن وجود (داعش) يمثل تهديدًا للمجتمع الدولي في حال سيطرته على أسلحة استراتيجية يحتفظ بها النظام في دمشق وريفها»، وبالتالي، يعرب الحاج عن اعتقاده أن النظام «سيسهِّل انتشار التنظيم وتمدده، لأنه يشكّل طوق حماية له في محادثاته مع المجتمع الدولي».
ويوم أمس، أعلن «جيش الإسلام» وفصائل عسكرية أخرى تطهير أحياء برزة والقابون وتشرين من مقاتلي «داعش»، بعد أقل من يومين على شن حملة لطرد التنظيم من تلك الأحياء التي تشهد هدنات متفرقة بين الكتائب المقاتلة وقوات النظام. وقال ناشطون إن «جيش الإسلام» تمكن من أسر أربعين عنصرا من «داعش»، بينهم منذر سلف أمير التنظيم في القابون وحي تشرين، ومعه 13 آخرين، في حين هرب «أبو الحسن» من أمراء «داعش» باتجاه قوات النظام المتمركزة في حرستا غرب الأوتوستراد. وعلم أنه لحقت خسائر كبيرة بالتنظيم بعد مقتل القيادي العسكري فيه الملقب بـ«كسار» والمسؤول المالي الملقب بـ«أبو باسل»، وذلك في معارك عنيفة تمركزت في مقرات «داعش»، التي تم الاستيلاء عليها من قبل الكتائب المعارضة. ولقد بث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا تظهر رجالاً ملتحين عراة الصدور ومقيدي الأيدي قيل إنهم أسرى من «داعش» لدى «جيش الإسلام».
وخلافًا لذلك، سقطت الهدنة في مخيم اليرموك في جنوب دمشق، منذ تمدد تنظيم داعش إليه، حيث بدأت القوات النظامية قصف المخيم بالبراميل المتفجرة. وأفاد «المرصد السوري» أمس بسقوط 10 براميل متفجرة على مناطق في أطراف منطقتي مخيم اليرموك والحجر الأسود، فيما قصفت قوات النظام بعد منتصف ليل أمس مناطق في حي الحجر الأسود ومخيم اليرموك.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.