كازاخستان... بلاد السهوب والنفط واليورانيوم

كازاخستان هي تاسع أكبر دولة في العالم ومنتج أساسي للنفط
كازاخستان هي تاسع أكبر دولة في العالم ومنتج أساسي للنفط
TT

كازاخستان... بلاد السهوب والنفط واليورانيوم

كازاخستان هي تاسع أكبر دولة في العالم ومنتج أساسي للنفط
كازاخستان هي تاسع أكبر دولة في العالم ومنتج أساسي للنفط

مع سقوط عشرات القتلى في أسوأ أعمال عنف تشهدها كازاخستان الغنية بالطاقة منذ عقود؛ نعرض بعض الحقائق عن هذه الدولة الواقعة في آسيا الوسطى والتي كانت بين جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق الأكثر استقراراً، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية:
https://twitter.com/aawsat_News/status/1479061434759892994
حكم الرئيس السابق للحزب الشيوعي نور سلطان نزارباييف؛ البالغ من العمر الآن 81 عاماً، هذه الجمهورية الشاسعة بقبضة من حديد لسنوات طويلة منذ الاستقلال عام 1991، ويقال إنه لا يزال يدير شؤون البلاد حتى بعد تنحيه عام 2019 لإفساح المجال أمام خليفته المنتخب الرئيس قاسم جومارت توكاييف للحكم.

لم تشهد كازاخستان، الحليفة المقربة من روسيا، تنظيم انتخابات حرة مطلقاً.
استخدم نزارباييف ثروتها النفطية الهائلة لبناء عاصمة جديدة؛ آستانا، وأطلق عليها لاحقاً اسم «نور سلطان» تكريما لنفسه.
كازاخستان معروفة بناطحات السحاب وبالحرارة المتدنية جداً شتاء والتي تهبط عادة إلى ما دون 20 درجة تحت الصفر، وبرج مراقبة في وسطها عليه منصة مشاهدة للمناظر يمكن للزوار من خلالها وضع أيديهم على بصمة ذهبية لراحة يد نزارباييف.
لا تزال العاصمة السابقة ألماتي أكبر مدينة في البلاد ومركزاً تجارياً.
كازاخستان هي تاسع أكبر دولة في العالم مع مساحة تزيد على 2.7 مليون كيلومتر مربع.

السهوب الكازاخستانية الشاسعة هي مركز قاعدة «بايكونور» الفضائية التي استأجرتها روسيا؛ والتي لا تزال أكبر منصة إطلاق للمركبات الفضائية في العالم بعد نحو 60 عاماً من انطلاق رائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين منها ليصبح أول رجل يذهب إلى الفضاء.
يشكل الكازاخ نحو 70 في المائة من السكان (2020)؛ لكن تاريخياً تقيم أقلية روسية كبيرة في البلاد.
شكل الروس أكثر من 40 في المائة من سكان هذه الجمهورية في السبعينات؛ لكن أعدادهم تراجعت منذ ذلك الحين إلى واحد من كل 5 من السكان.
كازاخستان تضم رسمياً 130 جنسية؛ رُحل كثير منهم في الحقبة السوفياتية بوصفهم سجناء سياسيين مع ظهور مجتمعات تركية وألمانية ويونانية وتترية وبولندية وكورية وإنغوشية وجورجية عبر السهوب.
تفتخر كازاخستان بتاريخها الذي ضم مجموعات من الرحل، وقد احتفلت عام 2015 بمرور 550 عاماً على ولادة أول دولة كازاخستانية.
وجاءت الاحتفالات بعد تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقال فيها إن الكازاخ لم تكن لديهم دولة قبل الاستقلال عن موسكو.
في حين تقيم كازاخستان وروسيا تقليدياً علاقات قوية، فإن تاريخهما المشترك يقف عائقاً أمامها في بعض الأحيان؛ فقد انتقدت روسيا في 2019 وثائقياً كازاخستانياً جاء فيه أن التجميع القسري في البلاد أدى إلى إبادة جماعية قضى فيها نحو 40 في المائة من السكان؛ إما بسبب المجاعة، وإما فروا في الثلاثينات من القرن الماضي.
كازاخستان أكبر اقتصاد في آسيا الوسطى، وشهدت في الماضي نمواً كبيراً، لكنها تضررت عام 2014 جراء هبوط أسعار النفط الذي تعتمد عليه كثيراً. وتضررت أيضاً عام 2008 بسبب الأزمة الاقتصادية في روسيا؛ مما أدى إلى انخفاض قيمة العملة الكازاخستانية «تينغ».

شكل النفط 21 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي للبلاد عام 2020؛ بحسب البنك الدولي الذي توقع نمو الاقتصاد بنسبة 3.7 في المائة هذا العام.
ينتج أبرز حقل نفطي في البلاد «تنغيز» ثلث الناتج السنوي لكازاخستان وتسيطر على 50 في المائة منه شركة «شيفرون» الأميركية.
تعدّ كازاخستان أكبر منتج لليورانيوم في العالم؛ وفيها أيضاً كميات كبيرة من المنغنيز والحديد والكروم والفحم.
ربطت كازاخستان مستقبل اقتصادها بالصين المجاورة، واستثمرت بكثافة في شبكة الطرق وسكك الحديد والبنية التحتية للموانئ لتسهيل الروابط التجارية.
مع كل عائدات النفط التي استثمرتها الدولة الغنية بالموارد في الترويج لصورتها، لا تزال تطاردها صورة «بورات»، فيلم الكوميدي البريطاني ساشا بارون كوهين الساخر عام 2006 الذي حقق نجاحاً هائلاً. وقد عاد اسمه للظهور في 2017 حين عرض بارون كوهين تسديد غرامات فرضت على سياح تشيكيين أوقفتهم الشرطة الكازاخستانية حين وقفوا ليتصوروا في العاصمة وهم يرتدون لباس السباحة الرجالي المؤلف من قطعة واحدة «مانكينيز» على طريقة «بورات».

 



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.