مقابر الحوثيين في ذمار تضيق بأعداد القتلى وسط حملات تجنيد جديدة

مقابر الحوثيين في ذمار تضيق بأعداد القتلى وسط حملات تجنيد جديدة
TT

مقابر الحوثيين في ذمار تضيق بأعداد القتلى وسط حملات تجنيد جديدة

مقابر الحوثيين في ذمار تضيق بأعداد القتلى وسط حملات تجنيد جديدة

أفادت مصادر محلية في محافظة ذمار اليمنية (جنوب صنعاء) بأن مقابر الميليشيات في المحافظة باتت تضيق بأعداد قتلى الجماعة الذين جندتهم من المحافظة نفسها، في حين لا تزال الميليشيات تشن حملات للبحث عن مجندين جدد للزج بهم إلى جبهات القتال.
وبحسب ما أفاد به مسؤول محلي موال للحكومة الشرعية في ذمار، فإن الميليشيات خسرت أكثر من 6 آلاف من عناصرها المنتمين إلى المحافظة التي تعد واحدة من أكثر المحافظات التي تراهن عليها الجماعة لرفد جبهاتها بالمقاتلين.
وذكر نائب مدير مكتب الثقافة في ذمار، علي أبو هويدة، أن ما يزيد على 6 آلاف عنصر من المجندين بصفوف الانقلابيين الحوثيين من ذمار قتلوا في معارك مع قوات الجيش اليمني خلال 2021.
وقال هويدة، عبر سلسلة تغريدات له على حسابه بموقع «تويتر» إنه تم تسجيل اختفاء 25 طفلا في مدينة ذمار خلال العام نفسه، إلى جانب 20 مدنيا كانوا قد قتلوا بنيران مسلحي الجماعة في المحافظة نفسها.
وفي السياق ذاته، كشف المسؤول المحلي عن نهب الميليشيات الانقلابية خلال الفترات الماضية لما يزيد على 3 مليارات ريال من أموال المواطنين والتجار في المحافظة ومختلفة قراها ومديرياتها وفق مبررات إقامة مناسبات ودعم المجهود الحربي (الدولار حوالي 600 ريال). وبحسب مصادر محلية في ذمار، فإن المحافظة الخاضعة تحت سيطرة الميليشيات ما تزال تعد لدى قادة الجماعة ضمن المحافظات المهمة ذات المخزون البشري لتعزيز وإسناد مختلف جبهاتهم القتالية.
ولفتت المصادر إلى أن الجماعة عمدت طوال السنوات الماضية وما زالت، إلى شن المئات من حملات التجنيد القسرية بصفوف سكان المحافظة من مختلف الأعمار بهدف الزج بهم تباعا للقتال.
وأشارت المصادر إلى أن الإحصائية الأخيرة ما هي إلا جزء بسيط فقط من أعداد القتلى الفعليين والجرحى ممن سقطوا خلال السنوات الماضية وما زالوا يسقطون تباعا بمختلف الجبهات.
وعلى الرغم من هذه الأرقام المرتفعة لأعداد القتلى، فإن حملات التعبئة والاستقطاب والتحشيد الحوثية ما تزال مستمرة حتى اللحظة بمختلف مناطق المحافظة لرفد جبهات الجماعة في مأرب وشبوة والجوف والساحل الغربي وغيرها.
في غضون ذلك، كشف مصدر محلي بذمار لـ«الشرق الأوسط»، عن أن مقابر المحافظة التي شيدتها الميليشيات في أوقات سابقة لم تعد بالوقت الحالي قادرة على استيعاب قتلى الجماعة.
ووفق تأكيدات المصدر فقد وصلت عشرات الجثث لعناصر حوثية خلال اليومين الماضيين إلى مركز مدينة ذمار بعد أن لقوا حتفهم بجبهتي مأرب وشبوة.
وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن ما يزيد على 27 جثة لقتلى حوثيين ينتمون لمناطق متفرقة في ذمار وصلوا اليومين المنصرمين إلى مشافي المدينة وتم توزيع البعض منها على مستشفى ذمار العام ومشاف أخرى بالمدينة.
وأشار إلى أنه لم تعد هناك قرية ولا عزلة ولا مدينة في محافظة ذمار إلا ودفعت بشكل إجباري بأعداد بشرية في سبيل الدفاع عن الجماعة ومشروعها التدميري.
وسبق للجماعة، أن اعترفت في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عبر القيادي في الجماعة المدعو فاضل الشرقي المكنى «أبو عقيل»، والمعين مشرفا عاما للمحافظة بمقتل نحو 9 آلاف مسلح حوثي خلال السنوات الماضية ينتمون إلى ذمار.
وأعلن المشرف الانقلابي وهو أحد تلامذة مؤسس الجماعة حسين الحوثي، في تغريدة سابقة له على «تويتر»، عن أن عطاء المحافظة لن ينضب ومواكب التشييع لن تتوقف. في إشارة منه إلى استمرار الميليشيات في التغرير على من تبقى من أبناء ذمار بهدف الزج بالمزيد منهم كوقود للجبهات.
وأبدى ناشطون من ذمار سخريتهم مما ورد في تغريدات المشرف الحوثي حين أبدى تفاخره بأن محافظة ذمار تحتفل فرحا وابتهاجا بمقتل 9 آلاف من أبناء هذه المحافظة.
وكان القيادي في الميليشيات المدعو محمد البخيتي المنتحل صفة محافظة ذمار، قد اعترف مطلع العام الماضي عبر تصريحات له بثت حينها عبر وسائل إعلام حوثية بمصرع أكثر من 5 آلاف و400 عنصر حوثي ينتمون للمحافظة نفسها.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.