واشنطن تتمسك بـ«الوثيقة الدستورية» لحلّ أزمة السودان

اختلاف وجهات نظر داخل الإدارة الأميركية قد يدفع باستقالة فيلتمان

جيفري فيلتمان قد يفقد منصبه مبعوثاً أميركياً خاصاً للسودان والقرن الأفريقي (رويترز)
جيفري فيلتمان قد يفقد منصبه مبعوثاً أميركياً خاصاً للسودان والقرن الأفريقي (رويترز)
TT

واشنطن تتمسك بـ«الوثيقة الدستورية» لحلّ أزمة السودان

جيفري فيلتمان قد يفقد منصبه مبعوثاً أميركياً خاصاً للسودان والقرن الأفريقي (رويترز)
جيفري فيلتمان قد يفقد منصبه مبعوثاً أميركياً خاصاً للسودان والقرن الأفريقي (رويترز)

لا تزال الولايات المتحدة داعمة للمظاهرات المدنية السودانية، وحق الشعب السوداني في «تقرير المصير»، وذلك بالتأكيد على الوثيقة الدستورية التي تم الإعلان عنها في 2019، بأنها «الحل الجامع» للفصائل المتعارضة كافة، وذلك وسط أخبار عن خلافات داخل إدارة الرئيس جو بايدن حول الموقف من السودان قد تدفع بالمبعوث الخاص إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتمان إلى الاستقالة.
وأكد المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أن واشنطن ترفض استخدام العنف ضد المتظاهرين السودانيين في الشوارع، وتدعو إلى «تنحية الخلافات جانباً»، والاتفاق على «طريقة توافقية» للمضي قدماً في الدفع بعملية الانتقال الديمقراطي في البلاد تحت «قيادة مدنية»، بما يتفق مع الإعلان الدستوري لعام 2019، «وتطلعات الشعب السوداني»، والدعوة إلى حوار مدني شامل يجمع أبناء السودان كافة تحت مظلته.
وأشار برايس، في مؤتمر صحافي، إلى الدعم الأميركي - الأوروبي للانتقال الديمقراطي في السودان، الذي يتحقق «بالعمل على أساس الإعلان الدستوري لعام 2019، والتغلب على الأزمة السياسية الحالية في البلاد، واختيار قيادة مدنية جديدة، وتحديد جداول زمنية وعمليات واضحة للمهام الانتقالية المتبقية، ويشمل ذلك إنشاء الفرعين التشريعي والقضائي للحكومة، وخلق آليات المساءلة، وتمهيد الطريق للانتخابات».
وعدّ برايس تصرفات الجيش السوداني في الشهرين الماضيين «مقلقة للغاية وندينها»، مؤكداً أن الانتقال الديمقراطي في البلاد يجب أن يكون بقيادة مدنية، ويحتاج رئيس الوزراء المقبل مرة أخرى إلى التمتع بالمصداقية مع الشعب السوداني، «وهذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا تم تحديد الفرد من خلال عملية استشارية، بقيادة مدنية تتسق مع الإعلان الدستوري لعام 2019».
وإذا كان الموقف الأميركي ظهر منذ البداية متماسكاً في موقفه تجاه السودان، والوقوف خلف رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك، فإن مراقبين يرون خلافات داخلية، ربما تظهر على السطح خلال الأيام المقبلة، وذلك يعود إلى رفض تسمية ما حدث من أزمة سياسية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بـ«الانقلاب العسكري»، والاستعاضة عن ذلك بتسميته «سيطرة عسكرية»، وانقسام وزارة الخارجية إلى فريقين في فرض العقوبات على القيادات العسكرية المسؤولة عن الانقلاب والاعتداء على المتظاهرين.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نقلت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية خبراً عن وجود خلافات جوهرية بين القيادات في وزارة الخارجية تجاه «الانقلاب العسكري»، وذلك بانقسامها إلى فريقين؛ الأول، بقيادة فيلتمان الذي كان يؤيد فرض عقوبات على المسؤولين العسكريين في السودان، وتحميلهم مسؤولية «عرقلة المسار الديمقراطي» في البلاد؛ خصوصاً أنه اتهمهم في مؤتمرات صحافية بـ«الكذب عليه»، بعدما التقى بهم عند ظهور بوادر الخلاف العسكري والمدني إلى السطح في أكتوبر الماضي.
الفريق الثاني، بقيادة مساعدة وزير الخارجية لشؤون القارة الأفريقية مولي فيي، يدعو إلى الصبر وعدم التسرع في فرض العقوبات على البلد الذي بدأ يأخذ مساره الديمقراطي بعد المظاهرات والإطاحة بنظام البشير في 2019، والدعوة إلى الانخراط مع الأطراف كافة للتغلب على المشكلات والعمل معاً للخروج من هذه الأزمة. وكانت مولي فيي زارت الخرطوم في 16 نوفمبر الماضي، والتقت رئيس المجلس السيادي العسكري الفريق عبد الفتاح البرهان، وكذلك حمدوك رئيس مجلس الوزراء المستقيل أخيراً من منصبه.
وتأكيداً على «الاختلافات» في وجهات النظر داخل وزارة الخارجية، التي بدأت تظهر على السطح، نشرت وكالة «رويترز» للأنباء أمس خبراً عن نية فيلتمان التنحي عن منصبه قريباً، على الرغم من جدولة زيارته إلى إثيوبيا يوم الخميس المقبل، للقاء كبار المسؤولين الحكوميين بشأن محادثات السلام كجزء من مسعى واشنطن الأخير لإنهاء الصراع.
ووفقاً لـ«رويترز» التي استندت في خبرها على 3 مصادر دبلوماسية أميركية مطلعة، فإن فيلتمان سيتنحى هذا الشهر، بعد أكثر من 9 أشهر في منصبه، ليخلفه ديفيد ساترفيلد، السفير المنتهية ولايته لدى تركيا.
وحاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع وزارة الخارجية للتأكد من صحة الأنباء عن استقالة فيلتمان، إلا أنها لم تجد الرد، فتواصلت مع مصادر دبلوماسية في واشنطن، فضّلت عدم الإفصاح عن هويتها، أكدت وجود خلافات داخلية فيما يخص التعامل مع الأزمة في السودان، إلا أنها لم تؤكد خبر تنحي فيلتمان عن منصبه.
يذكر أن فيلتمان، الدبلوماسي المخضرم، تولى منصبه في أبريل (نيسان) العام الماضي، وسرعان ما وجد نفسه وسط أزمتين رئيسيتين؛ الأولى هي الحرب الأهلية المتفاقمة في إثيوبيا؛ والثانية هي الانقلاب العسكري في السودان في أكتوبر الماضي.
وتعاملت الولايات المتحدة منذ 2019 في عهد ولاية الرئيس دونالد ترمب، مع السودان بشكل إيجابي لمساعدته في المسار الديمقراطي، ورفعه من قائمة البلدان الراعية للإرهاب، وكذلك دعمه اقتصادياً بمبالغ تصل إلى مليار دولار، والتأكيد على الشركات الأميركية الصناعية والزراعية للاستثمار في السودان، وهو ما واصلت السير عليه إدارة الرئيس بايدن.



بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.