بن غفير يحاول اقتحام غرفة الأسير أبو هواش في المستشفى

بعد وعد إسرائيل بالإفراج عنه في فبراير

الأسير هشام أبو هواش في المستشفى وتحاول زوجته إطعامه السوائل بعد فك إضرابه (أ.ف.ب)
الأسير هشام أبو هواش في المستشفى وتحاول زوجته إطعامه السوائل بعد فك إضرابه (أ.ف.ب)
TT

بن غفير يحاول اقتحام غرفة الأسير أبو هواش في المستشفى

الأسير هشام أبو هواش في المستشفى وتحاول زوجته إطعامه السوائل بعد فك إضرابه (أ.ف.ب)
الأسير هشام أبو هواش في المستشفى وتحاول زوجته إطعامه السوائل بعد فك إضرابه (أ.ف.ب)

بعد رضوخ الحكومة الإسرائيلية للحملة الفلسطينية والعالمية، والتعهد بإطلاق سراح الأسير الفلسطيني هشام أبو هواش، الذي أضرب عن الطعام 141 يوماً، طالب اليمين المتطرف بـ«تعويض»، بأن يفرض حكم الإعدام على من يقتل يهودياً، بينما اقتحم قائد صهيوني متطرف غرفة أبو هواش في المستشفى الذي يرقد فيه.
وكشف رئيس منظمة الماغور، مئير اندور، وهو ضابط برتبة مقدم في جيش الاحتياط، بأن وزير المالية، أفيغدور ليبرمان، كان قد وعده بسن قانون كهذا قبيل الانتخابات. وقال: «نحن ضحايا الإرهاب نخشى أن نرى قتلة أبنائنا طلقاء مثل أبو هواش هذا. ونعتقد بأن الحل الوحيد لمنع حالات رضوخ للإرهاب هو في حكم الإعدام، فهكذا لا نرى قتلة يتمتعون بسجن خمسة نجوم». وقال نشطاء في اليمين المتطرف إنهم سيديرون حملة ضد تحرير أبو هواش.
في هذه الأثناء، قام النائب إيتمار بن غفير، من حزب «الصهيونية الدينية» المعارض، ومعه ثلة من مؤيديه، بمحاولة اقتحام الغرفة التي يرقد فيها أبو هواش في مستشفى «أساف هروفي» قرب تل أبيب. وقال بن غفير: «نحن نعتاد على حقيقة أن سلاح الإضراب عن الطعام ناجح. إنها معادلة. يُضربون عن الطعام ونستسلم»، وفق تعبيره.
ولكن مجموعة من النشطاء السياسيين الوطنيين من عرب فلسطينيي 48، بقيادة النائب أيمن عودة، كانوا في المستشفى للتضامن مع الأسير، فتصدوا للنائب بن غفير، ومنعوه من الاقتراب من الأسير.
وقال عودة إن زوجة الأسير استدعته، عندما أبلغها أحد المسؤولين بأن بن غفير في الطريق. وعقب بالقول: «هذه هي نوعية القادة السياسيين في اليمين؛ شخص متطرف فاشي يفرض نفسه على إنسان في حالة صحية رهيبة بعد 141 من الإضراب عن الطعام والشراب، ومعه زوجته وطفلاه. ويعتبر ذلك (حقاً ديمقراطياً). هذا ليس مجرد أخرق في التفكير. إنه يؤمن بما يفعل. يعتبره جزءاً من العقيدة والآيديولوجيا. إنه تدهور خلقي فظيع».
يُذكر أن الحكومة الإسرائيلية، وافقت، بعد مفاوضات طويلة، على التعهد بالامتناع عن تجديد أمر الاعتقال الإداري للأسير أبو هواش، عندما تنتهي مدته، وإطلاق سراحه في 26 فبراير (شباط) المقبل؛ فوافق الأسير عندها على إنهاء إضرابه، وقبل بشرب السوائل.
وأبو هواش (41 عاماً) عضو في «تنظيم الجهاد الإسلامي»، لكن نشاطه يقتصر على العمل السياسي. وقد اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي من بيته في بلدة دورا، قضاء الخليل، يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، على ذمة التحقيق. وبعد عدة أسابيع، وعندما فشلت في إيجاد تهمة تجعلها تقدمه إلى محاكمة بسببها، قررت إبقاءه في الاعتقال وفق أمر عسكري إداري. وضمته بذلك إلى مجموعة من 500 فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال بأوامر إدارية من دون أن تكون عليهم تهمة. وراحت تجدد الأمر مرة كل ثلاثة شهور، فاختار الاحتجاج على ذلك بسلاح الإضراب عن الطعام.
وفي الأسابيع الأخيرة أجريت معه مفاوضات لوقف إضرابه، مقابل إطلاق سراحه في شهر أبريل (نيسان) المقبل، أي تمديد اعتقاله شهرين آخرين، فرفض. وصمد في الإضراب طيلة 141 يوماً، رغم أن حالته الصحية تدهورت. وقد حذر الفلسطينيون من أن وفاته ستعتبر عملية إعدام سيكون في مقابلها رد شديد. وأخذ الإضراب يستقطب حملات تضامن واسعة، في صفوف الفلسطينيين من جميع الفصائل في الضفة الغربية وقطاع غزة والخارج، وتدخلت مصر من جهة وأعضاء الكنيست العرب من «القائمة المشتركة»، أحمد الطيبي وأسامة السعدي، إضافة إلى عودة.
وحذرت السلطة الفلسطينية، خلال اتصالاتها مع إسرائيل، من تبعات وفاة الأسير. وتوجه مسؤولون في الولايات المتحدة وأوروبا، إلى رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، ووزيري الدفاع والخارجية، بيني غانتس ويائير لبيد، داعين إلى نزع هذا الفتيل. وقد أسفرت هذه الجهود عن قرار إسرائيلي بألا يجدد أمر الاعتقال مقابل وقف الإضراب.
يُذكر أن صحيفة «هآرتس» العبرية في تل أبيب، خرجت بمقال افتتاحي، أمس، دعت فيه إلى إلغاء سياسة فرض أمر الاعتقال الإداري بتاتاً، جاء فيه: «لقد حان الوقت أن تفهم إسرائيل أن الاعتقالات الإدارية هي شيء حقير وغير ديمقراطي. لقد تم أمس التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح أبو هواش، بعد 141 يوماً من الإضراب وتعرُّض حياته للخطر؛ خسارة أن الاتفاق تم بعد أربعة أشهر ونصف الشهر للإضراب عن الطعام احتجاجاً على اعتقاله دون محاكمة، وفي أعقاب الغليان في الأوساط الفلسطينية». وأضافت: «بعد العشرات من سنوات الاحتلال، يبدو أن لا أحد في إسرائيل يمتلك القوة أو لديه الاهتمام بأن يرفع صوت صرخة من أجل فلسطيني مظلوم. بالنسبة للإسرائيليين فإن كلمتي (فلسطيني) و(مخرب)، مترادفتان، والجمهور يفضل على ما يبدو تصديق أن ما تقوم به الدولة هو الأمر الصحيح، لكن لو كان فعلاً هناك شيء ما؛ فلماذا لم تقدم ضده لائحة اتهام بعد 14 شهراً من اعتقاله؟ إذا كانت هنالك أدلة وجب عليها تقديمها للمحكمة، أو إطلاق سراحه فوراً.
إصرار إسرائيل على مواصلة اعتقاله دون محاكمة، كادت تكبد إسرائيل ثمناً، وسط تصعيد أمني في غزة، وحالة من الغليان الشعبي في الشارع الفلسطيني. خسارة أن الحكومة الحالية وبها شركاء أحزاب من المركز واليسار تسير على درب الحكومة السابقة».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.