بريطانيا.. أضواء جديدة على حياة أربعة أدباء

أدب السيرة أصبح من أهم مجالات البحث النقدي

(من اليمين الى اليسار) تي إس إليوت، فيليب لاركين، ديفيد لودج، أنطونيا فريزر
(من اليمين الى اليسار) تي إس إليوت، فيليب لاركين، ديفيد لودج، أنطونيا فريزر
TT

بريطانيا.. أضواء جديدة على حياة أربعة أدباء

(من اليمين الى اليسار) تي إس إليوت، فيليب لاركين، ديفيد لودج، أنطونيا فريزر
(من اليمين الى اليسار) تي إس إليوت، فيليب لاركين، ديفيد لودج، أنطونيا فريزر

شهدت الشهور الأخيرة ازدهارًا ملحوظًا لفن السير والتراجم في المكتبة الإنجليزية، وهو ما يتجلى في صدور أربعة كتب جديدة موضوعها: ت س إليوت، وفيليب لاركين، وديفيد لودج، وأنطونيا فريزر.
الكتاب الأول عنوانه: «إليوت في شبابه: من سان لويس إلى الأرض الخراب» من تأليف روبرت كروفورد (494 صفحة، الناشر: جوناثان كيب).
ويتزامن صدوره في هذه الأيام مع مرور خمسين عامًا على وفاة إليوت في يناير (كانون الثاني) 1965. والكتاب هو الجزء الأول من سيرة كاملة لإليوت سوف تليها أجزاء؛ فهو يبدأ بمولد الشاعر في مدينة سان لويس بولاية ميسوري الأميركية ويتوقف عند عام 1922 عام صدور قصيدة «الأرض الخراب» متزامنة في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية. ومن المفارقات المأسوية أن زواج إليوت من فيفيان هي وود في 1915 - وكان زواجًا تعيسًا لكلا الطرفين - هو صاحب الفضل في إبداع هذه القصيدة؛ ففي غمرة شقائه ومعاناته من انهيار عصبي لجأ إليوت إلى سويسرا حيث كتبها (في فترة التماس علاج بدني ونفسي) وكانت فيفيان هي مشجعته على إكمال القصيدة، بل إنها ساهمت في تأليفها ببيت واحد وبالمشورة وإبداء الرأي. وهكذا ولدت القصيدة بفضل زواجهما، وبفضل زوجته، وبفضل صديقه الشاعر الأميركي إزرا باوند الذي راجع القصيدة ونصح إليوت بحذف أجزاء كبيرة منها، رآها لا ترقى إلى مستوى البقية، حتى خرجت القصيدة بالشكل الذي نعرفه اليوم. ويقول روان ويليامز في مقالة له بمجلة «ذا نيو ستيتسمان» (5 فبراير/ شباط 2015) إن من الجوانب التي يلقي كتاب روبرت كروفورد الضوء عليها: العلاقة بين شعر إليوت وفن السينما. لقد قرأ إليوت كتاب «شعر اليوم» (1921) من تأليف المخرج السينمائي والناقد جان إبستاين، ومن المحتمل أن يكون ذلك قد وجهه إلى اكتشاف الصلات بين الحساسية الشعرية وجماليات الفيلم (فيما بعد ذهب الناقد الألماني فالتر بنيامين إلى أن الفيلم هو الشكل المميز للحداثة في طورها الأخير). وقصائد إليوت الأولى كثيرًا ما تستخدم تقنيات الفيلم: لقطات ساكنة، ولقطات مكبرة، وتصوير بطيء، وجوه تظهر تدريجيًّا وأخرى تختفي تدريجيًّا، قطع، مراوحة بين القريب والبعيد. وعالم إليوت الشعري الذي يتميز بالشذرية والانقطاع والنقلات المكانية والزمانية - مع إغفال الترتيب المنطقي العادي - إنما هو عالم من اللقطات السينمائية المتتابعة، وهو بمثابة حفز للقارئ على محاولة إعمال ذهنه واكتشاف الصلات بين هذه الجزيئات التي تبدو لأول وهلة منفصلة، ومنقطعة الصلة.
وإن كان إليوت (إلي جانب و.ب. ييتس) هو أبرز شعراء اللغة الإنجليزية في النصف الأول من القرن العشرين فإن فيليب لاركين (1922 - 1985) كان أبرزهم في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية. ولاركين هو موضوع كتاب عنوانه «فيليب لاركين» من تأليف جيمز بوث (الناشر بلومزبري).
وتقول مجلة «ذا نيويوركر» الأميركية (26 يناير 2015) عن الكتاب: إنه سيرة تهدف إلى تحسين صورة لاركين في الأذهان، بعد أن أساءت إليها مراسلاته المنشورة بعد موته، التي تكشف عن أنه كان ينطوي على بعض جوانب التعصب القومي والتحيز العرقي. لقد كان قادرًا في شعره على أن يتقمص وجدان الآخرين، وأن يتحدث بلسانهم، على نحو يناقض ما نجده في هذه الرسائل. وهذا ما يجعل جيمز بوث يتساءل: أيمكن أن يكون هناك مثل هذا الصدع بين حياة الشاعر وفنه؟
وهو يحاول إلقاء الضوء على حياة لاركين من خلال قراءة أعماله بترتيبها الزمني. الكتاب مزيج من السيرة والتحليل الشكلي للقصائد والروايات، مما قد يربك القارئ أحيانا؛ إذ ينتقل بوث - دون توقع - من مناقشة عروض قصيدة إلى مناقشة أفكار لاركين عن الخيانة الزوجية. لكن بوث ينجح في إبراز مزايا لاركين الإنسان، ويثبت أن حياته كانت أغنى كثيرًا من أن تكون «في البداية الملل، ثم الخوف» على حد تعبيره في إحدى قصائده.
ومن لاركين ننتقل إلى الروائي والناقد الإنجليزي المعاصر ديفيد لودج الذي صدرت له سيرة ذاتية بعنوان: «زمن طيب يولد المرء فيه: مذكرات 1935 - 1975» (496 صفحة، الناشر: هارفيل)
والكتاب هو الجزء الأول من مذكرات لودج، يبدأ في 1935 - وهو عام مولده - وينتهي بصدور روايته المسماة «تغيير الأماكن» في 1975. أربعون عامًا يغطيها الكتاب.
نغمة الكتاب - كما يلاحظ الناقد جون سذرلاند - أقرب إلى التواضع، تعكس شخصية مؤلفه الذي لم يسع قط - رغم كل قدراته - إلى أن يغدو أستاذًا في كبرى الجامعات البريطانية: أوكسفورد وكمبردج، وإنما قنع بما هو دونهما. لقد ولد في إيست دلوتش وهي منطقة أغلب سكانها من طبقة العمال، وكان أبواه ينتميان إلى الشريحة العليا من هذه الطبقة. كان أبوه موسيقيًّا يعزف في الشوارع، وأمه ضاربة على الآلة الكاتبة ومختزلة. وأتاح له قانون صادر في 1944 فرصة الحصول على منحة دراسية مكنته من إكمال تعليمه. تشرب مبادئ المذهب الكاثوليكي في طفولته، وكان مولعًا بمشاهدة الأفلام السينمائية. التحق بكلية الجامعة في لندن، وفيما بعد رسم لها صورة ساخرة في روايته المسماة «المتحف البريطاني يتداعى».
وفي أول حفلة أقيمت للطلاب الجامعيين الجدد وقعت عيناه على شقراء حلوة، تدعى ماري جيكوب، وهي كاثوليكية آيرلندية. وقبل أن تنتهي أول محاضرة حضراها معًا كانا قد صارا أصدقاء لا يفترقان. وظلت علاقتهما بعيدة عن أي اتصال جسدي حتى ليلة زفافهما، فقد ظل كل منهما محتفظًا بعذريته حتى تلك الليلة. وهو يهدي كتابه هذا إلى زوجته التي أصبح اسمها بعد الزواج ماري لودج. إن الكتاب أشبه برسالة غرامية، من خمسمائة صفحة، إليها.
كتب لودج روايته الأولى «الشيطان والعالم والجسد» وهو ما زال طالبًا جامعيا. قال الناشرون الذين عرض عليهم الرواية إنه يحسن الكتابة ولكنه يفتقر إلى الخبرة بالعالم وبالجسد. ومضى لأداء الخدمة العسكرية في الجيش. حصلت ماري على دبلوم في التربية، بينما عكف هو على كتابة أطروحة جامعية عن القصة الكاثوليكية. وأخيرًا تزوجا. تقدم لودج لشغل عدد من الوظائف الجامعية، وكثيرًا ما كان طلبه يلاقي الرفض. وأخيرًا لاقت رواياته قبولاً من الناشرين، وأمدته بدخل معقول. وعين محاضرًا في الأدب الإنجليزي بجامعة برمنغهام، وكان من زملائه المحاضرين ريتشارد هوجارت ومالكولم برادبري اللذان أصبحا من أصدقائه وأثرا في فكره. وغدا لودج واحدًا من أوائل الأكاديميين البريطانيين الذين قدموا «النظرية» الأوروبية للقارئ الإنجليزي، مثلما فعل فرانك كيرمود الذي صار - هو الآخر - من أصدقائه.
برع لودج في تحليل الأساليب الأدبية، كما برع في المحاكاة الساخرة لأساليب سواه من الكتاب. لكن عثار الحظ عاد يطارده حين تبين أن طفله الثالث، كريستوفر، قد ولد مريضًا بـ«متلازمة داون»، وهي مرض خلقي يعرف باسم المنغولية، ويتسم بالتخلف العقلي وتسطح الملامح.
على أن مكانته في عالم النقد أخذت ترتفع، وتلقى دعوات لكي يحاضر في جامعات أميركية، مما مكنه من كتابة روايات تدور أحداثها بين بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، كما فعل الروائي هنري جيمس من قبل. ورواياته التي تدور أحداثها في أوساط جامعية تخفي، وراء طابعها الملهوي، نقدًا عميقًا لأساليب التربية والتعليم في عصرنا. وما لبث لودج أن آثر التقاعد في سن مبكرة لكي يتفرغ للكتابة.
لقد كان لودج - بخلاف كثير من الأدباء - رجلاً صالحًا، متواضعًا، إلى جانب كونه دارسًا مبرزًا وناقدًا قديرًا وروائيًّا من أفضل الروائيين اليوم. وما زال ينتظر التقدير الذي يستحقه، رغم أنه لم يسع أبدًا إلى نيل هذا التقدير.
ومن أدب السيرة الذاتية أيضًا نتوقف عند كتاب «تاريخي: ذكريات شبوبي عن الطوق» (304 صفحات، الناشر «ويدنفيلد ونيكلسون») من تأليف أنطونيا فريزر الأديبة الإنجليزية وزوجة الكاتب المسرحي الراحل هارولد بنتر.
ومن الشائق - كما يقول جون مالان في مجلة «ذا نيو ستيتسمان» (5 فبراير 2015) - أن نقارن سيرتها الذاتية بسيرة لودج. لقد ولدت فريزر لأسرة أرستقراطية (كان أبوها هو لورد لونغفورد). وفي سن الرابعة والعشرين تزوجت من سير هيو فريزر (ومن هنا جاء اسمها) وهو نائب برلماني من حزب المحافظين. كانت من مواليد لندن في 1932، ومكنها ثراء أسرتها من أن تقضي إجازاتها في إيطاليا. وعلى حين كان لودج لا يعدو أن يقرأ قصائد إليوت من بعيد، فإن فريزر كانت تختلط بكبار الأدباء، وقد رقصت مع إليوت ذاته في إحدى الحفلات الراقصة. أصبحت اشتراكية «أرستقراطية»، إن جاز التعبير، وكانت تدلي بصوتها في الانتخابات لصالح حزب العمال. وهي تبدو واثقة من أن كل التفاصيل التي توردها في كتابها هذا سوف تشوق القارئ؛ فهي تذكر مثلاً بالتفصيل كل أسماء وصفات مدرسيها في المدرسة الإعدادية التي التحقت بها، وكل أساتذتها في جامعة أوكسفورد. وتذكر أنها تفوقت في لعبة الرجبي. ونغمة كتابها عمومًا نغمة مبهجة، لا تكاد تقطعها أحداث محزنة أو مأسوية، وربما كان الاستثناء الوحيد لذلك هو التحاق أبيها بالجيش في 1940 وإصابته بانهيار عصبي لا تحدد طبيعته، ولكنه ربما كان راجعًا إلى صدمة الحرب العالمية الثانية وفظائعها. وفيما بعد اقترنت بهارولد بنتر (الذي حصل على جائزة نوبل للأدب في 2005) وأصدرت كتابًا عنوانه «أينبغي أن نذهب؟» روت فيه قصة حياتها مع بنتر.
ويتزامن صدور الكتب المذكورة أعلاه مع صدور كتاب عنوانه «الحداثة والسيرة الذاتية» حررته ماريا دي باتيستا وإميلي ويتمان، عن مطبعة جامعة كمبردج في 223 صفحة، وهو يضم مجموعة مقالات، بأقلام مختلفة، عن عنصر السيرة الذاتية في أدب القرن العشرين وذلك من خلال أدباء مثل ت س إليوت، والكاتبة الأميركية غرترود ستاين، وصمويل بكيت. يشترك هؤلاء الأدباء الطليعيون في نظرتهم إلى الحداثة على أنها، في المحل الأول، سعي إلى تحديد هوية الذات ووضعها على الورق. فرسائل ت س إليوت مثلاً (وقد صدر منها أربعة أجزاء حتى الآن) تنم عن وعي كاتبها بما يفعله، وبأنه في الحقيقة يريد أن يمهد الطريق لنظريته النقدية المعادية للرومانتيكية، والداعية إلى كلاسيكية جديدة، والمؤمنة بأن العمل الفني إبداع موضوعي وليس تعبيرًا مباشرًا عن نفسية الكاتب أو ظروف المجتمع.
وإذ يصدر هذا الكتاب الأكاديمي يدعم ما ذكرناه في بداية هذا المقال من أن أدب السيرة (سواء أكانت سيرة ذاتية Autobiography أو سيرة غيرية Biography) قد أصبح من أهم مجالات البحث النقدي حاليا؛ وذلك لارتباطه بمسائل جوهرية من نوع من أنا؟ من الآخر؟ ما علاقتي به؟ كيف يمكن نقل خبرات الحياة إلى الصفحة؟ ما الضوء الذي تلقيه سير الكتّاب وحياتهم الفعلية على أعمالهم الأدبية؟ وكلها اهتمامات تبرز بدرجات متفاوتة في أعمال إليوت، ولاركين، وديفيد لودج، وأنطونيا فريزر.



مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.