جونسون يحذر إيران من نفاد الوقت لإنقاذ الاتفاق النووي

وصول وفد كوري جنوبي يثير تساؤلات في محادثات فيينا

صورة نشرها أوليانوف على «تويتر» من مباحثاته مع مورا في فيينا أمس
صورة نشرها أوليانوف على «تويتر» من مباحثاته مع مورا في فيينا أمس
TT

جونسون يحذر إيران من نفاد الوقت لإنقاذ الاتفاق النووي

صورة نشرها أوليانوف على «تويتر» من مباحثاته مع مورا في فيينا أمس
صورة نشرها أوليانوف على «تويتر» من مباحثاته مع مورا في فيينا أمس

حذّر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أمس، إيران من أن الوقت ينفد أمام إنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع القوى الكبرى، في وقت أثار وصول وفد كوري جنوبي إلى العاصمة النمساوية فيينا تساؤلات كثيرة حول توقيت وسبب قدومه، بينما تتواصل مفاوضات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة لإعادة إحياء الاتفاق النووي.
وفي اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت، بحث جونسون المحادثات الجارية في فيينا بشأن الاتفاق النووي الإيراني، على ما أفادت وكالة رويترز.
وقال متحدث باسم داوننغ ستريت: «قال رئيس الوزراء إن المملكة المتحدة تريد أن ترى المفاوضات في فيينا تؤدي إلى الاستعادة الكاملة لخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، لكننا نحتاج إلى أن تشارك إيران بحسن نية... باب الدبلوماسية مفتوح، لكن الوقت ينفد أمام التوصل إلى اتفاق».
وتخشى الأطراف الغربية أن تكون إيران تفاوض بهدف كسب الوقت لتطوير برنامجها النووي، ويقول دبلوماسيون غربيون إنه إذا لم يتم التوصل لاتفاق بحلول نهاية شهر يناير (كانون الثاني) أو مطلع فبراير (شباط) فلن تكون للاتفاق أي قيمة. إلا أن إيران ترفض السقف الزمني الذي يتحدث عنه الغربيون. ومرة أخرى، نقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، أمس، عن مصدر مقرب من الوفد الإيراني المفاوض في فيينا، قوله إنه «ليست هناك مهل زمنية للتوصل لاتفاق» أو لإنهاء المحادثات. وأول من أمس، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن بلاده «لن تقبل بمواعيد نهائية مصطنعة»، لكنه حذر من أن منافذ المباحثات «لن تبقى مفتوحة إلى الأبد».
وفي سيول، أعلنت وزارة الخارجية عن زيارة نائب وزير الخارجية تشوي جونغ كون إلى فيينا لمدة 6 أيام، بهدف «استكشاف سبل لمعالجة مسألة الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا على هامش مفاوضات» الاتفاق النووي. وأضافت أن الوفد «سيعقد مشاورات مع الإيرانيين، وينخرط في تنسيق وثيق وحوار مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الثلاث؛ فرنسا وبريطانيا وألمانيا».
وذكرت وكالة يونهاب للأنباء الكورية أن سيول «تأمل أن تخلق زيارة تشوي إلى فيينا فرصة لإيجاد حلّ لقضية الأصول الإيرانية المجمدة لدى سيول». وبعد فرض إدارة ترمب السابقة عقوبات على إيران عام 2018 إثر انسحابها من الاتفاق النووي، جمدت كوريا الجنوبية حسابين بنكيين لإيران كانت فتحتهما لتلقي تحويلات بالعملات الأجنبة مقابل بيع نفطها، بقيمة ٧ مليارات دولار أميركي.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الوفد الكوري الجنوبي سيلتقي بالمنسق الأوروبي أنريكي مورا، وأنه طلب أيضاً الاجتماع بالسفير الروسي لدى المنظمات الدولية، ميخائيل أوليانوف، الذي يترأس وفد بلاده. وبحسب المعلومات، فإن الوفد الكوري يبدو أنه نسّق زيارته مع الطرف الإيراني، وهو ما يشير إليه بيان الخارجية الكورية الذي تحدث عن مشاورات سيعقدها مع إيران في فيينا.
وكتب أوليانوف على «تويتر»، أمس، إن التقى كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني. وأضاف: «ناقشنا القضايا التي لم تحل، وتجب تسويتها في سياق محادثات فيينا». وفي تغريدة أخرى، أفاد أوليانوف أنه التقى المنسق الأوروبي إنريكي مورا. وقال: «ناقشنا الوضع الحالي والخطوات الممكنة».
وتبدو زيارة المسؤول الكوري الجنوبي محاولة من إيران لزيادة الضغوط على الأطراف الغربية، لمحاولة دفعهم إلى اتخاذ خطوة أولى، من خلال رفع الحظر عن بعض الأموال المجمدة لإيران في الخارج.
وكان وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبد اللهيان قال، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قبل انطلاق أعمال الجولة السابعة من المفاوضات، إن على الولايات المتحدة الإفراج عن 10 مليارات دولار من الأرصدة المجمدة لإيران في الخارج لإظهار «نوايا حقيقية» في المفاوضات الجارية. ونقلت أمس مجلة «بوليتيكو» عن مصادر غربية القول إن «الولايات المتحدة سيكون عليها على الأرجح اتخاذ الخطوة الأولى»، كونها هي من خرجت من الاتفاق.
ورغم إصرار الدول الغربية على إعطاء الأولوية لمسألة الالتزامات النووية في الأيام المقبلة، فإن السفير الروسي أوليانوف قال إن على المتفاوضين إعطاء أولوية لمناقشة مسألة العقوبات الأميركية، «لأنها ما زالت تشكل عقبة مهمة». وعبّر أوليانوف عن استغرابه من استمرار دبلوماسيين غربيين في التشكيك بجدية الوفد الإيراني، وقال: «لا أفهم صراحة هذا الكلام، لأن الوفد الإيراني يفاوض بجدية كبيرة بهدف التوصل لاتفاق»، مضيفاً أن «لا احد قال بان المفاوضات ستكون سهلة». في إشارة إلى أن التعقيدات الحاصلة هي جزء طبيعي من عملية التفاوض.



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.