تركيا تواصل مساعيها لتفعيل آلية لحل الخلافات العالقة مع الولايات المتحدة

تراشق حاد بين إردوغان والمعارضة... ومطالبة بإسقاط عضوية 28 نائباً منها

رئيس حزب الشعب كمال أوغلو جدد أمس دعوته للتوجه إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة وعدم الانتظار حتى 2023 (إ.ب.أ)
رئيس حزب الشعب كمال أوغلو جدد أمس دعوته للتوجه إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة وعدم الانتظار حتى 2023 (إ.ب.أ)
TT

تركيا تواصل مساعيها لتفعيل آلية لحل الخلافات العالقة مع الولايات المتحدة

رئيس حزب الشعب كمال أوغلو جدد أمس دعوته للتوجه إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة وعدم الانتظار حتى 2023 (إ.ب.أ)
رئيس حزب الشعب كمال أوغلو جدد أمس دعوته للتوجه إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة وعدم الانتظار حتى 2023 (إ.ب.أ)

تكثف تركيا مساعيها الرامية إلى تشكيل آلية لبحث الملفات الخلافية في علاقاتها مع الولايات المتحدة، وفي مقدمها الخلاف على صفقة منظومة الدفاع الجوي الروسية (إس 400) التي بسببها مُنعت من الحصول على مقاتلات «إف 35» وتعرضت لعقوبات بموجب قانون مكافحة خصوم أميركا بالعقوبات (كاتسا).
من ناحية أخرى تصاعد التوتر بين الرئيس رجب طيب إردوغان وزعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، وسط تبادل لاتهامات بالكذب. في الوقت الذي تلقى فيه البرلمان 40 مذكرة تتضمن طلبات برفع الحصانة عن 28 نائباً بالمعارضة.
وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان، إن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو ناقش مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، في اتصال هاتفي ليل الاثنين - الثلاثاء، العلاقات الثنائية ولا سيما مسألة تفعيل آلية حل الخلافات العالقة بين البلدين، إضافة إلى التوتر القائم بين روسيا وأوكرانيا، والمستجدات في القوقاز والسودان وإثيوبيا.
وبدوره، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، في بيان، إن بلينكن وجاويش أوغلو، بحثا العلاقات الثنائية، والمجالات ذات الاهتمام المشترك للبلدين كحليفين في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وأضاف أن الجانبين تطرقا إلى التوتر القائم بين روسيا وأوكرانيا، وأكدا أهمية التنسيق الثنائي فيما يتعلق بالتهديد الروسي بتصعيد التوتر مع أوكرانيا.
كذلك ناقش الوزيران عملية التطبيع بين تركيا وأرمينيا، ومسألة تعيين مبعوث خاص لبحث عملية تطبيع العلاقات بين البلدين، والتطورات في القرن الأفريقي.
وتسعى تركيا إلى القيام بدور وساطة بين روسيا وأوكرانيا، لكن موسكو لا ترحب بهذا الدور. وأجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اتصالاً هاتفياً قبل يومين مع الرئيس فلاديمير بوتين، ناقش معه خلاله التوتر مع أوكرانيا إلى جانب قضايا أخرى مثل ليبيا وسوريا.
في الإطار، كشف وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، عن أن بلاده والولايات المتحدة تعتزمان مناقشة مسألة مقاتلات «إف 35» الأميركية، خلال لقاء من المحتمل عقده قريباً في العاصمة واشنطن، مشيراً إلى المباحثات التي أجراها وفد أميركي في أنقرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لبحث هذه المسألة، قائلاً إن وفداً تركياً سيتوجه قريباً إلى واشنطن لمواصلة المباحثات. وأضاف: «لقد أوضحنا موقفنا للجانب الأميركي وننتظر النتائج».
وقررت الولايات المتحدة استبعاد تركيا من برنامج مشترك، متعدد الأطراف لإنتاج مقاتلات «إف 35»، بعد تسلمها منظومة «إس 400» الروسية في يوليو (تموز) 2019.
وقال إردوغان، في أكتوبر الماضي، إن تركيا تعمل على استرداد 1.4 مليار دولار دفعتها لمشروع مقاتلات «إف 35»، مشيراً إلى أن الجانب الأميركي عرض تزويد تركيا بـ40 مقاتلة «إف 16» و80 من معدات التطوير لطائرات قديمة من الطراز ذاته تخدم في الجيش التركي، لكن واشنطن أكدت أنها لم تقدم مقترحاً كهذا، لكنها في الوقت ذاته مستعدة لبحث الأمر.
والسبت الماضي، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، إن بلاده بعثت برسالة إلى واشنطن بشأن تشكيل وبدء اجتماعات آلية مقترحة، تتعلق بمعالجة القضايا الخلافية العالقة بين البلدين، والتعامل مع المسائل التي اتفق عليها الرئيسان رجب طيب إردوغان، والأميركي جو بايدن، خلال لقائهما على هامش قمة العشرين في روما نهاية أكتوبر الماضي، لافتاً إلى 3 ملفات خلافية رئيسية هي: صفقة «إس 400» وأزمة مقاتلات «إف 35»، والدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا كحليف في الحرب على «داعش»، بينما تعدّها بلاده تنظيماً إرهابياً، ورفض واشنطن تسليم الداعية فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016.
على صعيد آخر، تَواصل التصعيد المتبادل بين إردوغان وزعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، الذي جدد، في كلمة أمام اجتماع نواب حزبه بالبرلمان أمس (الثلاثاء)، دعوته للتوجه إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة وعدم الانتظار حتى يونيو (حزيران) 2023. قائلاً إن «هناك مأساة إنسانية عظيمة يعيشها الشعب التركي بسبب الزيادات الرهيبة في الأسعار، المسؤول عنها إردوغان وحكومته، وهناك من سيُصلح الأمر إذا تم إحضار صناديق الاقتراع»، حسب قوله.
وانتقد كليتشدار أوغلو، إردوغان بسبب تصريحاته المتكررة عن خفض أسعار الفائدة، قائلاً: «ارتفعت أسعار الفائدة على القروض الاستهلاكية إلى 25%، وارتفعت الفائدة على القروض التجارية إلى 23%، وارتفعت أسعار الفائدة على قروض السيارات إلى 26%... يقول إنه سيخفض أسعار الفائدة، ويستخدمون الدين كأداة سياسية لخداع المواطنين، ويسرقون الكنز من الباب الخلفي ويخدمون المقرضين، الشخص الذي قدم أعظم خدمة للمرابين في تاريخ الجمهورية التركية هو الشخص الذي يعيش في القصر، واسمه إردوغان».
بدوره اتهم إردوغان، في كلمة أمام اجتماع لرؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم أمس، كليتشدار أوغلو، بالفاشية وبأنه لا يجيد إلا الكذب، بينما لا يملك ومعه باقي أحزاب المعارضة أي حلول للمشكلات التي يتحدثون عنها ليل نهار.
في سياق متصل، توقع رئيس مجلس إدارة شركة «ماك» للأبحاث واستطلاعات الرأي محمد علي كولات، أن يصبح حزب «الشعب الجمهوري» أكثر الأحزاب شعبية بحلول شهر مارس (آذار) المقبل، لافتاً إلى أن نسبة أصوات حزب «العدالة والتنمية»، الذي يتزعمه إردوغان، انخفضت إلى أقل من 30% بسبب الزيادات المتتالية في الأسعار، حيث سجل التضخم النقدي في تركيا خلال الشهر الماضي أكثر من 36%.
وأضاف كولات أنه بسبب تراجع شعبية حزب «العدالة والتنمية»، بسبب الوضع الاقتصادي، سيصبح «الشعب الجمهوري» هو الحزب الأول في تركيا في مارس، لافتاً إلى أن حزب «الجيد» برئاسة ميرال أكشينار، هو أكثر الأحزاب التركية استقراراً، حيث زاد من شعبيته تصاعدياً كل شهر تقريباً في العاميين الماضيين، وأن من يفضلون الانفصال عن حزب «العدالة والتنمية» يذهبون مباشرةً إلى حزب «الجيد».
وأشار كولات، في تصريحات أمس، إلى أن قوة تأثير أحزاب «الديمقراطية والتقدم» برئاسة علي باباجان، و«المستقبل» برئاسة أحمد داود أوغلو، و«الرفاه من جديد» برئاسة فاتح أربكان، نجل رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، و«تركيا المستقلة»، و«الحزب الديمقراطي»، ستظهر خلال الأشهر الأولى من عام 2022.
إلى ذلك، تسلم البرلمان التركي 40 مذكرة لرفع الحصانة عن 28 نائباً معارضاً، منهم 24 من حزب «الشعوب الديمقراطية»، المؤيد للأكراد، ونائب واحد من كلٍّ من أحزاب «الشعب الجمهوري» و«العمال» و«السلام والديمقراطية» المؤيد للأكراد، بالإضافة إلى نائب مستقل، بدعوى التحقيق معهم في قضايا متهمين فيها غالبيتها تتعلق بدعم الإرهاب.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».