رغم الصراعات التي تهدد البلاد، وعدت الكاميرون ومعها رئيس «كاف» بتنظيم نهائيات استثنائية لبطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم في نسختها الثالثة والثلاثين بداية من التاسع من هذا الشهر.
وتستضيف الكاميرون البطولة في ست مدن، غير أن الأمن مهدد فيما يبدو في مدينة ليمبي الواقعة على ساحل المحيط الأطلسي التي تشهد المنطقة المحيطة بها هجمات مسلحة منذ تفجر الحرب في 2017، وتهديدات صريحة ضد نجوم اللعبة الزائرين.
وبدا رئيس الاتحاد القاري الجنوب أفريقي باتريس موتسيبي واثقاً من نجاح البطولة بعد تكهنات بتأجيلها وإلغائها وتهديدات أوروبية بمنع محترفيها الأفارقة من السفر للكاميرون.
ويُعَدّ ثلاثي الدوري الإنجليزي لكرة القدم محمد صلاح وساديو ماني ورياض محرز من أبرز الوجوه المنتظرة في كأس أمم أفريقيا. وتنطلق المباريات الـ36 في دور المجموعات الأحد المقبل، على ملعب أوليمبي الجديد في ياوندي، ويُسدل الستار على المنافسات في السادس من فبراير (شباط) المقبل، على الملعب نفسه الذي يتسع لستين ألف متفرّج.
ورافق الإعداد لهذه البطولة أخبار مستمرة عن إمكانية إلغائها أو تأجيلها لعدم جاهزية الكاميرون، ثم لظهور متحوّرات جديدة لفيروس كورونا. وهذه المرة الثانية التي تستضيف الكاميرون فيها النهائيات بعد 1972، علماً بأن الدولة الواقعة وسط القارة أخفقت في تلبية المواعيد لاستضافة نسخة 2019 التي أنقذتها مصر.
لكن مع مشاركة نجوم ليفربول الإنجليزي المصري محمد صلاح والسنغالي ساديو ماني ومانشستر سيتي الجزائري رياض محرز، بدا موتسيبي رئيس الاتحاد القاري واثقاً من نجاح البطولة، وقال خلال زيارة إلى ياوندي الشهر الماضي: «سنستضيف مع شعب الكاميرون بطولة استثنائية... ستكون أنجح كأس لأمم أفريقيا».
وتابع الملياردير الجنوب أفريقي: «سيشهد العالم على أفضل كرة وضيافة أفريقية. يمكننا استضافة بطولة كرة قدم جيّدة مثل أي بطولة في أوروبا».
وأبدى الرئيس الجديد للاتحاد الكاميروني، النجم السابق صامويل إيتو، غضبه حيال أخبار تكهنت بتأجيل البطولة بسبب الجائحة، وقال في مقابلة مع قناة «كانال بلوس» الفرنسية: «إذا كانت كأس أوروبا أقيمت هذه السنة (2021) وسط الجائحة بحضور جماهيري كامل في بعض المدن، فلماذا لا يمكن إقامة كأس أفريقيا في الكاميرون؟».
وتابع هداف برشلونة الإسباني السابق: «أم أن الناس يحاولون القول، كما الحال دوماً، إن الأفارقة لا يستحقون شيئاً ويجب أن نتأقلم مع ذلك؟».
وفيما سعى المنظمون لإنهاء الأعمال في الملاعب الستة المضيفة للنهائيات، من دوالا على المحيط الأطلسي وصولاً إلى غاروا في شمال غربي البلاد، أشعل يورغن كلوب مدرب ليفربول عاصفة كلامية. ووصف الألماني البطولة القارية المقامة مرّة كل سنتين بأنها «بطولة صغيرة» خلال مؤتمر صحافي، قبل أن يسحب كلامه لاحقاً.
وعبّر مدرب السنغال أليو سيسيه عن غضبه وسأل: «من يعتبر كلوب نفسه؟». وقال النجم السابق: «أحترم ليفربول، لكن ليس كلوب الذي يقلّل من مكانة الكرة الأفريقية. وصل إلى هذه المكانة بفضل لاعبين أفارقة مثل صلاح، وماني، و(الغيني نابي) كيتا و(الكاميروني جويل) ماتيب».
ولطالما يؤدّي ترك اللاعبين الأفارقة أنديتهم الأوروبية منتصف الموسم إلى صراع مع مدربي أندية المقدّمة، فوصف مدرب نابولي الإيطالي لوسيانو سباليتي البطولة بأنها «وحش غير مرئي». وعندما أطلق سباليتي هذا التصريح، كان يخشى فقدان نواة تشكيلته، على غرار الجزائري آدم وناس والكاميروني أندري - فرانك زامبو أنغيسا والنيجيري فيكتور أوسيمهن والسنغالي خاليدو كوليبالي لمدة ستة أسابيع.
بدوره، يرى الفرنسي من جذور سنغالية باتريك فييرا مدرب كريستال بالاس الإنجليزي أنه يجب احترام كأس الأمم الأفريقية أكثر، لأنها مهمة بقدر كأس أوروبا.
وكانت السنغال قد اتهمت نادي واتفورد الإنجليزي بأنه «منع» مهاجمها إسماعيلا سار من الانضمام لمنتخبها في كأس الأمم الأفريقية، وقال في بيان: «نعرب عن إدانتنا العميقة للسلوك الخالي من الاحترام والمضر والتمييزي من قبل مسؤولي واتفورد الذين يسعون بأي ثمن لمنع لاعب من الدفاع عن ألوان منتخب بلاده». وتعلل واتفورد بأن سار مصاب ولن يكون في استطاعته اللحاق بصفوف منتخب بلاده بسبب المدة المحتملة لشفائه.
وكان واتفورد رفض أيضاً تسريح جناحه النيجيري إيمانويل دنيس، متعللاً بأن الأخير تلقى دعوة متأخرة من منتخب بلاده.
ومن المدربين الذين سيتأثرون كثيراً بسبب كأس الأمم، الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني، إذ سيدفع ناديه الأهلي المصري ثمناً باهظاً لتضارب مواعيد البطولة مع مونديال الأندية، حيث يمثل النادي القاهرة القارة الأفريقية في الإمارات بين 3 و12 فبراير.
وعلى المستوى الأمني، على الكاميرون إظهار وجه مخالف للصراع الدائر بالبلاد، خصوصاً مدينة ليمبي الجنوبية الغربية التي هدد انفصاليون بتعطيل منافسات البطولة وربما خطف نجوم اللعبة.
وتستضيف الكاميرون البطولة في ست مدن، غير أن الأمن مهدد فيما يبدو في مدينة ليمبي الواقعة على ساحل المحيط الأطلسي التي تشهد هجمات مسلحة منذ تفجر الحرب في 2017.
ومن المقرر أن يستضيف ملعب أومنيسبورت في مدينة ليمبي مباريات المجموعة السادسة التي تضم تونس ومالي وموريتانيا وغامبيا. وتقام أولى مباريات المجموعة بين تونس ومالي في 12 يناير (كانون الثاني).
وأدى الصراع الذي تحاول فيه جماعات مسلحة إقامة دولة منشقة تسمى أمبازونيا إلى سقوط ما لا يقل عن ثلاثة آلاف قتيل وأرغم قرابة المليون على النزوح عن بيوتهم.
وتفاقم العنف في العام الأخير بعد أن زاد الانفصاليون من استخدامهم للعبوات الناسفة.
وقال الصحافي المحلي أونور كوما: «أخاف... أن تصبح ظاهرة تفجيرات القنابل الأخيرة التي تحدث في مناطق أخرى... شائعة خلال فترة كأس الأمم الأفريقية».
ولا يعد انعدام الأمن سوى مشكلة واحدة من المشاكل التي تواجه البطولة. فقد احتلت المخاوف من مدى استعداد الملاعب الرياضية ومن انتشار سلالة أوميكرون المتحورة من فيروس كورونا العناوين في الأسابيع الأخيرة. وشهدت مدينة بو عاصمة الإقليم التي ستشهد بعض تدريبات فرق المجموعة انفجارين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقع أحدهما في جامعة وأسفر عن إصابة 11 طالباً بجروح. وقد أحاطت السلطات الخطط الأمنية بالسرية، لكنها وعدت بألا تتعطل مباريات المجموعة السادسة.
ويرابط بالفعل رجال شرطة مسلحون وجنود من الجيش عند التقاطعات الرئيسية. كما أقيمت حواجز أمنية على الطرق المؤدية إلى المدينة. وقال إيمانويل ليدو إنجامبا وهو من كبار المسؤولين في منطقة فاكو التي تضم مدينتي ليمبي وبو: «بطولة كأس الأمم الأفريقية ستقام في ظروف جيدة للغاية. لا يوجد ما يدعو للقلق». وكان الصراع الانفصالي قد بدأ في إقليمي الشمال الغربي والجنوب الغربي الناطقين بالإنجليزية في عام 2016 عندما احتج مدرسون ومحامون على ما وصفوه بتهميشهم من جانب الحكومة الوطنية التي تستخدم اللغة الفرنسية كلغة أساسية. وأدت حملة أمنية عنيفة من جانب قوات الأمن إلى تطرف الحركة.
وقال مواطن يدعى رولاند (33 عاماً) ويعيش بالقرب من ملعب ليمبي: «كيف أستمتع بها بينما يعاني إخوتي وأخواتي بسبب أزمة اللغة الإنجليزية. إنهم يموتون كل يوم».
وعلى صعيد المنافسات تتقدّم الجزائر، حاملة اللقب، 24 منتخباً يبحثون عن لقب النسخة الثالثة والثلاثين من مسابقة انطلقت عام 1957 في السودان. وإلى الجزائر، تضمّ لائحة المتوجين باللقب والمشاركين راهناً منتخبات الكاميرون ومصر وإثيوبيا وغانا وكوت ديفوار والمغرب ونيجيريا والسودان وتونس.
وفيما تبرز مصر، حاملة اللقب سبع مرات (رقم قياسي)، بمشاركتها القياسية الخامسة والعشرين، ستختبر كلّ من غامبيا وجزر القمر البطولة القارية للمرة الأولى. وتبدو الجزائر مرشحة قوية للحفاظ على لقبها، إذ نجح لاعبو المدرب جمال بلماضي بخوض 33 مباراة دون خسارة منذ نهاية عام 2018. لكن «محاربي الصحراء» قد يواجهون منافسة من أمثال الكاميرون المضيفة، ومصر وكوت ديفوار والمغرب ونيجيريا والسنغال وتونس، فيما تحاول بوركينا فاسو، وغانا ومالي لعب دور الحصان الأسود.
في المقابل، أبلغ قائد المجلس العسكري في غينيا مامادي دومبويا منتخب بلاده بالعودة إلى كوناكري مع اللقب، وإلا سيتعين عليهم سداد تكاليف الإعداد المموّلة من الدولة.
«الأمم الأفريقية» بنجومها تستعد للانطلاق متحدية {عناد الأوروبيين»
الكاميرون تعد بتنظيم نهائيات استثنائية رغم صراعات تهدد البلاد ومخاوف «كورونا»
«الأمم الأفريقية» بنجومها تستعد للانطلاق متحدية {عناد الأوروبيين»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة