سياسيون يحمّلون مؤسساتهم «إفشال الانتخابات» الليبية

ليبيون يحتجون على تأجيل الانتخابات وسط العاصمة طرابلس (أ.ب)
ليبيون يحتجون على تأجيل الانتخابات وسط العاصمة طرابلس (أ.ب)
TT

سياسيون يحمّلون مؤسساتهم «إفشال الانتخابات» الليبية

ليبيون يحتجون على تأجيل الانتخابات وسط العاصمة طرابلس (أ.ب)
ليبيون يحتجون على تأجيل الانتخابات وسط العاصمة طرابلس (أ.ب)

أعقب فشل إجراء انتخابات رئاسية في ليبيا وفقاً للموعد الأممي المحدد، توجيه اتهامات إلى السلطات التشريعية بالبلاد، وسط حالة من «اليأس وخيبة أمل»، دفعت بعض السياسيين إلى السخرية والتندر من عدم قدرة السلطات على إجراء الاستحقاق في موعده، بل والتورط في إفشاله.
وفيما رأت السيدة اليعقوبي، عضو مجلس النواب، أنه «تم تشييع صندوق الاقتراع إلى مثواه الأخير»، قال آخرون إن مجلس النواب «قد يؤجل الانتخابات إلى يوم القيامة».
لكن عضو مجلس النواب، صالح أفحيمة، رفض تحميل مجلسه مسؤولية فشل إجراء الانتخابات، مدللاً على ذلك بجدية الجميع في التعامل مع هذا الاستحقاق، وبخوض رئيس البرلمان عقيلة صالح، وعدد من النواب للسباق الذي لم يكتمل.
وأشار أفحيمة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مجلس النواب «تحمل مسؤوليته، وأصدر القوانين المنظمة لهذا الاستحقاق بعد فشل ملتقى الحوار السياسي في الوصول إلى قاعدة دستورية لتنظيم العملية الانتخابية».
وفي رده على الانتقادات التي وُجهت لتلك القوانين ووصفها البعض بـ«المعيبة»، قال أفيحمة إنه «لا توجد قوانين بشرية كاملة، وأياً كان حجم القصور بها فهي بالتأكيد لم تكن العائق، الذي منع المفوضية من استكمال مراحل العملية الانتخابية».
وتابع أفيحمة موضحا: «نعم المفوضية الوطنية للانتخابات أصدرت بيانا، ألمحت فيه إلى حدوث قصور تشريعي، لكن هذا الأمر لم تتطرق إليه في تقريرها، الذي قدمته لمجلس النواب في جلسته الأخيرة، مما يعني أن بيانها الأول كان للاستهلاك الإعلامي».
وذهب أفحيمة إلى أن السبب الحقيقي لفشل الانتخابات، يتمثل في ترشح بعض الشخصيات، «التي يرى البعض في الداخل والخارج، أن فوزها برئاسة ليبيا سيتعارض مع مصالحهم في البلاد».
أما عضو مجلس الأعلى للدولة، عبد القادر أحويلي، ورغم إقراره بمسؤولية كل من البرلمان والحكومة والمفوضية ومجلسه في عدم استكمال الاستحقاق الانتخابي، فقد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن تصحيح ما أشار إليه تقارير المفوضية أمام البرلمان من تجاوزات تسببت في تعطيل الانتخابات، «سيتطلب وقتاً ليس بالقصير، لكن لا ينبغي اعتبار ذلك سبباً في إطلاق الاتهامات للسياسيين بعرقلة المسار».
وكانت مفوضية الانتخابات قد أعلنت عن وجود مرشحين للبرلمان مدانين في جرائم جنائية، كما أن مرشحين آخرين على منصب الرئاسة زوروا مستندات وتزكيات، فضلاً عن وجود مخاطر أمنية تستهدف العملية الانتخابية. ودعا أحويلي إلى أن تكون معالجة القوانين والتوافق حولها أولوية، بقوله: «نستبشر خيراً بتوصيات اللجنة البرلمانية، التي دعت إلى إشراك المجلس الأعلى للدولة في تعديل الدستور، لكن المهم هو التطبيق».
وفيما يتعلق بالاتهامات التي توجه لمجلسه بـ«التعنت» في الموافقة على بنود القوانين التي يصدرها البرلمان، مما يطيل أمد الفترة الانتقالية، ومن ثم البقاء في سدة المشهد التشريعي إلى أجل غير مسمى، دافع أحويلي قائلاً: «طرحنا إجراء انتخابات برلمانية لإنهاء هذا الوضع، لكن البرلمان رفض». مضيفا أن البنود التي «كانت محل اعتراضنا تتمثل في السماح للعسكريين بالترشح، دون النص على استقالتهم من مناصبهم، وكذلك ترشح مزدوجي الجنسية، وتخلي أصحاب المناصب العامة عن مناصبهم، ومعظم تلك البنود التي لم تتضمنها القوانين الصادرة عن البرلمان، هي التي سمحت للشخصيات الجدلية من الشرق والغرب بالترشح، وأفسدت المشهد، لكن ليبيا أكبر منهم جميعا».
وتوقع أحويلي تفعيل دور «ملتقى الحوار السياسي» من قبل مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني ويليامز، في القريب العاجل، «مما قد يسرع وتيرة عمل كافة المؤسسات في إكمال المسار الانتخابي»، وفي مقدمتهم مجلس النواب، الذي قال إنه «يخشى كثيراً من دور (الملتقى) لإمكانية مصادرة صلاحياته».
في سياق ذلك، عبر عدد من رواد «الشوشيال ميديا» في ليبيا، وبعض السياسيين والكتاب والإعلاميين عن خوفهم من تحركات الطبقة السياسية الحاكمة خلال الأيام القليلة، التي أعقبت تجاوز موعد الانتخابات في الـ24 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ورأوا أنها «لم تكن في المستوى المطلوب، بما يتلاءم وحالة الاستياء وخيبة الأمل، التي يستشعرها الليبيون عموما»، بسبب عدم انعقاد الاستحقاق الانتخابي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».