بعد جلسة «العراك»... البرلمان الأردني يمرر تعديلات دستورية

رفض أن يترأس الملك مجلس «الأمن القومي»

جانب من جلسة أمس في «النواب الأردني» (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة أمس في «النواب الأردني» (الشرق الأوسط)
TT

بعد جلسة «العراك»... البرلمان الأردني يمرر تعديلات دستورية

جانب من جلسة أمس في «النواب الأردني» (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة أمس في «النواب الأردني» (الشرق الأوسط)

في الوقت الذي رفض فيه مجلس النواب الأردني تعديلاً دستورياً يقضي بأن يترأس الملك مجلساً مستحدثاً يُعنى بالسياسات الخارجية والدفاعية تحت مسمى «مجلس الأمن الوطني»، وافق في جلستي أمس الأحد، على إضافة كلمة «الأردنيات» في مطلع الفصل الثاني من الدستور.
وعلى بعد أيام قليلة من جلسة برلمانية صاخبة تخللها شجار عنيف بين أعضاء من مجلس النواب الأردني، شهدت جلستا أمس (الأحد) الصباحية والمسائية، هدوءاً لافتاً في مناقشة فاتحة التعديلات الدستورية التي أثارت مروحة انتقادات شعبية.
ووافق في الجلسة الصباحية ليوم أمس الأحد، 94 نائباً، على إضافة كلمة «الأردنيات» لعنوان الفصل الثاني من الدستور، مقابل معارضة 26 نائباً معظمهم من نواب المعارضة وكتلة الإصلاح الذراع النيابية لحزب جبهة العمل الإسلامي، وهي الكلمة التي احتج على إضافتها نواب تحت القبة ونخب سياسية خارجها، على أن هذا البند لم يكن سبب الشجار الذي اندلع الأسبوع الماضي تحت القبة.
وفيما اعتذر رئيس مجلس النواب عبد الكريم الدغمي، عن «أحداث النواب يوم الثلاثاء الماضي التي وصفها بالمؤسفة، بالقول: «أعتذر للشعب الأردني عما جرى»، متوجهاً بالاعتذار من النائب رائد سميرات، الذي قبل الاعتذار، ليقدم النائب سليمان أبو يحيى أحد أطراف المشاجرة اعتذاره عن أحداث الجلسة الماضية، وسط غياب النائب حسن الرياطي، وهو الذي انهال بالضرب على أربعة نواب وينتظر العقوبة التي ستقررها اللجنة القانونية بحقه.
وكانت فاتحة جلسات مشروع التعديلات الدستورية الذي ضم نحو 30 تعديلاً على مواده، قد شهدت الثلاثاء الماضي أحداث عنف، بعد اتهام رئيس مجلس النواب السابق رئيس اللجنة القانونية الحالي، عبد المنعم العودات «بالفوقية والتعالي» في شرحه الأسباب الموجبة لإضافة كلمة «الأردنيات» على مطلع الفصل الثاني من الدستور. وتبع ذلك احتجاجات نيابية ليدخل الرئيس الدغمي على خط الأزمة، بعد قوله لأحد النواب: «اخرس»، ويلي ذلك عراك نيابي على خلفية مواقف نيابية واصطفافات سابقة.
واتخذت حالة الاشتباك تحت قبة البرلمان الأردني، في حينها، منحى تصاعدياً، تخلله توجيه شتائم وضرب ولكم بالأيادي بين عدد من النواب، وخرجت إدارة الجلسة الأولى لمناقشة هذه التعديلات عن السيطرة، ليتم تعليق الجلسات منذ الثلاثاء الماضي حتى صباح الأحد (أمس).
في الجلسة النيابية المسائية المخصصة لاستكمال مناقشة وإقرار مشروع التعديلات الدستورية، رفض المجلس، تعديلاً حكومياً مقترحاً يقضي بتسلم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، رئاسة مجلس الأمن الوطني «الأمن القومي»، وهو التعديل الذي اقترحته الحكومة في وقت سابق ورفضه أمس 113 نائباً، صوتوا لصالح شطب الفقرة المضافة من الحكومة على الدستور، والتي تنص على أن «الملك هو رئيس مجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية». وبرر المجلس رفضه، بالحفاظ على «موقع الحكم» من المحاسبة والمسؤولية أمام مجلس النواب. ومر مشروع التعديلات الدستورية حتى الآن، بثلاث مراحل، حيث صاغت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، حزمة تعديلات دستورية تنص على تمكين المرأة والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة، وهي التعديلات التي أقرها النواب، أمس، دون تعديل على صياغاتها، في حين من المنتظر أن يستكمل النواب خلال هذا للأسبوع باقي التعديلات المتعلقة بمشروعي قانون انتخاب وأحزاب، ومواد أخرى.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.