مع بداية عام جديد... الليبيون يتطلعون للسلام والاستقرار

البعثة الأممية وعدت بمساندتهم لترسيخ «المصالحة الوطنية»

ليبيون يتسوقون في مركز تجاري بطرابلس استعداداً للاحتفال بالعام الجديد (أ.ف.ب)
ليبيون يتسوقون في مركز تجاري بطرابلس استعداداً للاحتفال بالعام الجديد (أ.ف.ب)
TT

مع بداية عام جديد... الليبيون يتطلعون للسلام والاستقرار

ليبيون يتسوقون في مركز تجاري بطرابلس استعداداً للاحتفال بالعام الجديد (أ.ف.ب)
ليبيون يتسوقون في مركز تجاري بطرابلس استعداداً للاحتفال بالعام الجديد (أ.ف.ب)

مع بداية العام الميلادي الجديد، يأمل الليبيون في حياة مستقرة بعيدة عن المنغصات اليومية، والحسابات السياسية، التي قالوا إنها جرّت عليهم «ويلات من الحروب والاشتباكات، والانقسامات طيلة عقد مضى».
وقال عمير عبد القادر، المقيم في أحياء طرابلس القديمة، لـ«الشرق الأوسط» إن الأوضاع المعيشية لجل الشرائح المجتمعية في ليبيا «تضررت كثيراً في السنوات الماضية، لكن فئات أخرى استفادت من التقلبات السياسية، وأصبحت تمتلك عشرات الملايين».
من جانبه، رأى عمير (52 عاماً)، وهو أحد المترددين على «سوق المشير» لبيع وشراء الدولار في العاصمة، إن «الشريحة الأكبر من الليبيين التي تعمل في وظائف حكومية، تعاني الكثير لأن رواتبها أصبحت غير كافية لتغطية مصاريف أسرهم، نظراً لارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، كما أنهم لا يحصلون عليها في موعدها، علماً بأن بلادنا غنية بالنفط والغاز، لكن كثيراً من هذه العائدات يتم إهدارها».
وقال عمير إنه يأمل في أن يشهد بداية العام الجديد توافقاً بين الساسة في البلاد حول حلول «تضمن استقرار ليبيا، وتمنع العودة إلى الاقتتال، وتعوض المواطنين عن الآلام، التي عانوها على مدار عشر سنوات».
وشهدت ليبيا حالات عديدة من الاقتتال الأهلي بين القبائل المتجاورة على خلفيات سياسية وثأرية. لكن تظل الحرب التي شنها «الجيش الوطني» على طرابلس العاصمة في الرابع من أبريل (نيسان) 2019. والتي دامت قرابة 14 شهراً، هي الأبرز في ملف العداوات السياسية بين معسكري شرق وغرب ليبيا.
وتقول حكومة الوحدة الوطنية الليبية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إنها تعمل على تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، وإزالة أي معوقات تحول دون ذلك، وفي مقدمتها صرف رواتب الموظفين بانتظام.
ومع بداية أول أيام العام الجديد، أعلنت وزارة التعليم التقني والفني بالحكومة، أمس، صرف رواتب شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) الماضيين للموظفين بالمعاهد الفنية والمتوسطة، متضمنة زيادة جديدة، وشكر الوزير يخلف سعيد السيفاو، وزارة المالية، وكذلك العاملين في الوزارة لتحملهم الفترة الماضية.
وأمام هذه الشهادات المليئة بالتطلعات والتفاؤل، قالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، من جهتها، إنها لن تدخر جهداً في مساندة الشعب الليبي، ومساعيه لتحقيق الاستقرار والازدهار، وترسيخ الوحدة من خلال العملية الديمقراطية، التي يتطلع إليها الليبيون.
وعبرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في بيان لها عن أمنياتها أن يجلب العام الجديد معه الخير والسلام لليبيين، ويعزز التوافق والمصالحة الوطنية بين جميع أفراد الشعب.
بدورها، تمنت ستيفاني ويليامز، مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، أن «تُعزز الثقة بين الليبيين في العام الجديد، وتتحقق فيه إرادتهم بإجراء انتخابات وطنية شاملة ونزيهة، وذات مصداقية، وأن تستعيد بلادهم مكانتها وتُصان سيادتها وتُحمى مقدراتها».
وتأتي هذه التمنيات بعام جديد وأخبار جميلة، تزامناً مع خبر مفرح لليبيين، جاء بعد لقاء رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، يوسف العقوري، مع سفير اليونان لدى ليبيا إيوانيس ستاماتيكوس، تطرق لتسهيل إجراءات سفر المواطنين الليبيين إلى اليونان، وفتح خطوط جوية وملاحية مباشرة بين البلدين. إضافة إلى بحث سُبل تعزيز العلاقات بين البلدين.
وأكد العقوري في تصريحات صحافية أمس، على حرص مجلس النواب على العلاقات التاريخية والجغرافية بين البلدين في جميع المجالات، لافتاً إلى أن اللقاء تناول المنطقة الاقتصادية الخالصة بين ليبيا واليونان، بالإضافة للاتفاقيات البحرية التي أبرمتها حكومة «الوفاق» السابقة مع تركيا.
وأوضح العقوري في اللقاء المرئي مع السفير اليوناني أن مجلس النواب، وبالإضافة إلى حرصه على المصالح الوطنية للبلاد، فإنه يضع في اعتباره أيضاً استقرار منطقة شرق المتوسط، والتوصل لاتفاق عادل وشامل بشأن تقاسم موارد شرق المتوسط، ورأى أن الاتفاقية البحرية بين ليبيا وتركيا لم تتم إحالتها من قبل الحكومة في ذلك الوقت إلى مجلس النواب للاطلاع عليها ومناقشتها.
وانتهى العقوري قائلاً إنه اتفق مع السفير اليوناني على مواصلة اللقاءات، وتبادل الزيارات من أجل مزيد من التنسيق والمباحثات في القضايا التي تهم البلدين.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.