الطاقة الشمسية في 2021... الأسرع نمواً والأدنى تكلفةً لتوليد الكهرباء

الطاقة الشمسية في 2021... الأسرع نمواً والأدنى تكلفةً لتوليد الكهرباء
TT

الطاقة الشمسية في 2021... الأسرع نمواً والأدنى تكلفةً لتوليد الكهرباء

الطاقة الشمسية في 2021... الأسرع نمواً والأدنى تكلفةً لتوليد الكهرباء

كان العام الماضي حافلاً بالأحداث بالنسبة للطاقة الشمسية، حيث شهد استمرار إجراءات الإغلاق بسبب جائحة «كوفيد - 19»، وما نتج عنها من انقطاع في سلاسل التوريد. وفي قمة المناخ العالمية (كوب 26) توافقت الدول على السعي إلى تحسين التزاماتها المناخية، وما يمثله ذلك من دفع للتحول باتجاه الطاقة النظيفة. كما تصاعدت الأحداث المناخية العنيفة في 2021، وتسببت في تعطيل إمدادات الطاقة عن الملايين. ورغم حالة الاضطراب التي سيطرت على الأسواق في 2021، استمر قطاع الطاقة المتجددة بقيادة الطاقة الشمسية في النمو على نحو مطرد.
تحطيم الأرقام القياسية
خلال سنة 2021، ووفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية، بلغت استطاعة الطاقة المتجددة المضافة نحو 290 غيغاواط، بزيادة مقدارها 3 في المائة على 2020. وتتوقع الوكالة أن تشكل مصادر الطاقة المتجددة نحو 95 في المائة من الزيادة في قدرة توليد الطاقة العالمية من الآن وحتى نهاية سنة 2026. وستوفر الطاقة الشمسية وحدها نصف هذه الزيادة، حيث سترتفع استطاعتها المضافة سنوياً من 160 غيغاواط في 2021 إلى 200 غيغاواط في 2026.
وفي معظم البلدان، كانت مرافق الطاقة الشمسية الكهرضوئية في 2021 هي الأقل كلفة لتأمين الطاقة الكهربائية، رغم ارتفاع أسعار مكوِّناتها بسبب قيود «كورونا»، لكنها بقيت أقل من الزيادة المضاعفة التي شهدتها أسعار الغاز الطبيعي. ومن المتوقع أن تتضاعف استطاعة الطاقة الشمسية الكهرضوئية خلال السنوات الخمس المقبلة بالمقارنة مع السنوات الخمس الماضية، كما ستستمر مشاريع المرافق في توفير 60 في المائة من تركيبات الألواح الكهرضوئية، فيما تسهم المنازل والفعاليات الصغيرة في باقي التركيبات.
وتزداد الإضافات السنوية من الألواح الكهرضوئية للاستعمالات الخاصة بفضل مبادرات مثل تلك التي تشجعها الصين والاتحاد الأوروبي والهند، عبر تحفيز مشاريع الطاقة المتجددة على المستويين التجاري والسكني. ووفقاً لشركة «ريستاد إنيرجي» الاستشارية النرويجية، تجاوزت تركيبات الطاقة الشمسية الكهرضوئية السكنية في 2021 لأول مرة تركيبات المرافق. وتعزو ذلك إلى تأجيل تركيب 20 غيغاواط من مشاريع الطاقة الشمسية الكبرى بسبب ارتفاع كلفة المكونات وأجور الشحن.
وكانت تكاليف الوحدة الكهرضوئية ارتفعت بنسبة 57 في المائة، من 0.21 دولار لكل واط ذروة خلال 2020 إلى 0.33 دولار في 2021. ومن المتوقع أن ترتفع أسعار الوحدة لتبلغ ذروتها عند 0.41 دولار في الربع الثالث من 2022.
فرص نمو الطاقة الشمسية
استمرت السياسات الداعمة للطاقة المتجددة خلال سنة 2021، بما فيها الطاقة الشمسية. ففي قمة المناخ (كوب 26)، جرى التوصل إلى اتفاقية حول قواعد تجارة الكربون العالمية، ما يمهد الطريق لإنفاق تريليونات الدولارات من أجل بناء مرافق للطاقة المتجددة ومشاريع أخرى لمكافحة تغيُّر المناخ. ووافقت أكثر من 40 دولة، بما فيها الولايات المتحدة والصين والهند والاتحاد الأوروبي وأستراليا وتركيا، على خطة تقودها المملكة المتحدة لتسريع تبني التقنيات النظيفة بأسعار معقولة في جميع أنحاء العالم بحلول 2030.
وتفتح التعهدات التي أطلقتها الدول مؤخراً بالحياد كربونياً الباب واسعاً أمام تطوير وتنامي أسواق الطاقات النظيفة والمتجددة حول العالم. فالولايات المتحدة، التي تُعد ثاني أكبر مصدر للانبعاثات الكربونية عالمياً بعد الصين، تخطط لخفض الانبعاثات بحلول 2030 بنسبة 50 في المائة مقارنة بمستوى 2005، على أن تكون نصف سياراتها الجديدة في تلك السنة تعمل على الكهرباء. أما الاتحاد الأوروبي فيخطط لخفض الانبعاثات بحلول 2030 بنسبة 55 في المائة عن مستوى 1990، ويهدف إلى جعل 40 في المائة من طاقته من مصادر متجددة في السنة ذاتها.
ويأمل الرئيس بايدن في تمرير «قانون إعادة البناء» في أوائل 2022، وهو تشريع سيدعم زيادة تركيبات الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة بأكثر من 30 في المائة من خلال تقليل كلفة تركيب الألواح الشمسية على أسطح المنازل، والتوسع في الإعفاءات الضريبية للطاقة المنزلية، وتحفيز نمو سلاسل التوريد المحلية، وتعزيز الحوافز الضريبية للطاقة الشمسية.
وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كانت السعودية والإمارات والبحرين أولى الدول التي تتعهد بجعل انبعاثاتها الكربونية صفرية بحلول 2050. وتماشياً مع هذا التعهد، تخطط الإمارات لاستثمار 160 مليار دولار خلال العقود الثلاثة المقبلة لتسريع نمو الطاقة المتجددة. كما تعمل السعودية، من خلال «رؤية 2030» ومبادرة «السعودية الخضراء»، على تعميم مشاريع الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين، في موازاة إدخال تكنولوجيات التقاط الكربون واعادة استعماله وتخزينه على أوسع نطاق.
وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن تتضاعف وتيرة نمو الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال السنوات الخمس المقبلة، بحيث ترتفع الاستطاعة من 15 غيغاواط حالياً إلى أكثر من 32 غيغاواط. وسيتركز أكثر من ثلاثة أرباع التوسع في السعة في خمسة بلدان؛ هي الإمارات والسعودية ومصر والمغرب وإسرائيل.
ومن المتوقع أن تحظى الطاقة الشمسية الكهرضوئية بأكثر من ثلثي نمو القدرة المتجددة في المنطقة، وستزداد مساهمتها ضمن مصادر الطاقة المتجددة في البلدان النفطية من 40 في المائة حالياً إلى 67 في المائة خلال السنوات الخمس المقبلة. ويرجع ذلك بشكل كبير إلى تخفيضات الكلفة التي حققتها المزادات التنافسية، إذ انخفضت أسعار العطاءات الممنوحة من 56 دولاراً للميغاواط الساعي في 2015 إلى 10.4 دولار في 2021.
ومن الملاحظ في سنة 2021 أن الطلب العالمي على حلول تخزين الطاقة الشمسية كان غير مسبوق ويفوق قدرة سلاسل التوريد على تأمينه. وقد أسهم الطقس القاسي، والتحسينات التقنية، والسياسات الجديدة، وتخفيضات الكلفة في زيادة الاهتمام العام بالبطاريات الشمسية وأهمية تخزين الطاقة.
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة أن تنمو مشاريع تخزين الطاقة الشمسية في البلاد بنحو عشرة أضعاف خلال السنوات بين 2021 و2023، بحيث تصل مساهمتها في الشبكة العامة إلى 10 غيغاواط.
إن نجاح الطاقة الشمسية في تجاوز حالة الركود الاقتصادي التي تسببت بها جائحة «كوفيد - 19» خلال السنتين الماضيتين، إلى جانب التطورات التقنية التي تشهدها صناعة الألواح الشمسية وحلول تخزين الطاقة، يعززان من فرص الاستثمار الآمن في هذا القطاع، باعتباره أحد أفضل الخيارات لتأمين كهرباء منخفضة الكلفة والانبعاثات.


مقالات ذات صلة

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

علوم 5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

دعاوى مشروعة للدول الفقيرة وأخرى ارتدادية من الشركات والسياسيين

جيسيكا هولينغر (واشنطن)
بيئة أنثى «الحوت القاتل» الشهيرة «أوركا» أنجبت مجدداً

«أوركا» تنجب مجدداً... والعلماء قلقون

قالت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية إن أنثى الحوت القاتل (التي يُطلق عليها اسم أوركا)، التي اشتهرت بحملها صغيرها نافقاً لأكثر من 1000 ميل في عام 2018 قد أنجبت أنثى

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المَعْلم الشهير كان يميّز الطريق (مواقع التواصل)

«تخريب رهيب» للفيل البرتقالي الضخم و«الآيس كريم» بإنجلترا

أُزيل فيل برتقالي ضخم كان مثبتاً على جانب طريق رئيسي بمقاطعة ديفون بجنوب غرب إنجلترا، بعد تخريبه، وفق ما نقلت «بي بي سي» عن مالكي المَعْلم الشهير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)

صعوبة في تفسير الارتفاع القياسي في درجات الحرارة العالمية

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)
درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)
TT

صعوبة في تفسير الارتفاع القياسي في درجات الحرارة العالمية

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)
درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

يُعدّ الاحترار الذي يواجهه العالم منذ عقود بسبب غازات الدفيئة المنبعثة من الأنشطة البشرية مسألة معروفة، لكنّ درجات الحرارة العالمية التي حطّمت الأرقام القياسية سنة 2023 ومرة جديدة عام 2024، تجعل العلماء يواجهون صعوبة في فهم ما يحدث.

وقد أثبتت الأوساط العلمية أنّ حرق الوقود الأحفوري وتدمير المساحات الطبيعية مسؤولان عن احترار المناخ على المدى البعيد، والذي يؤثر تباينه الطبيعي أيضا على درجات الحرارة من عام إلى آخر.

لكنّ أسباب الاحترار الكبير الذي شهدته سنة 2023 وكذلك 2024، تبقى موضع جدل كبير بين علماء المناخ، إذ يتحدث البعض عن احتمال أن يكون الاحترار حصل بشكل مختلف أو أسرع من المتوقع.

ثمة فرضيات عدة تغذي البحوث، منها ما يشير إلى عدد أقل من السحب وبالتالي انعكاس أقل للأشعة الشمسية، وأخرى تلفت إلى انخفاض تلوث الهواء وبالوعات الكربون الطبيعية والمحيطات والغابات التي باتت تمتص كميات أقل من ثاني أكسيد الكربون.

التغير المناخي تفاقم بسبب ظاهرة النينيو (أ.ب)

تكثر الدراسات لكنّ تحديد التأثير الدقيق لكل عامل يحتاج إلى عام أو عامين.

وفي حديث يعود إلى نوفمبر (تشرين الثاني)، يقول مدير معهد غودارد لدراسات الفضاء التابع لناسا غافين شميت: «أودّ أن أعرف السبب الكامن وراء» درجات الحرارة القياسية التي شهدها عاما 2023 و2024، مضيفا: «ما زلنا نقيّم ما إذا كنا نشهد تغييرا في كيفية عمل النظام المناخي».

ويؤكد عالم المناخ ريتشارد ألان من جامعة «ريدينغ» البريطانية، في حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، أنّ «الحرارة العالمية القياسية خلال العامين الفائتين دفعت الكوكب إلى ساحة مجهولة».

تعتبر سونيا سينيفيراتني من المعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ أنّ ما سُجّل «استثنائي، في حدود ما يمكن توقّعه استنادا إلى النماذج المناخية الحالية».

وتوضح عالمة المناخ لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «مع ذلك، إن الاتجاه العام للاحترار على المدى البعيد متوقع، نظرا إلى كمية الوقود الأحفوري التي تُحرق». ولم تبدأ البشرية بعد في خفض الانبعاثات، رغم الاقتراب من مرحلة الذروة.

تفسّر التقلبات المناخية الطبيعية هذه الملاحظة جزئيا. في الواقع، سبق عام 2023 سلسلة نادرة من ثلاث سنوات متتالية شهدت ظاهرة «النينيا» الطبيعية، إذ حجبت جزءا من الاحترار من خلال تكثيف امتصاص المحيطات للحرارة الزائدة.

وعندما سيطرت «النينيو»، الظاهرة المعاكسة، بكثافة قوية جدا عام 2023، عادت هذه الطاقة، مما دفع درجات الحرارة العالمية إلى مستويات غير مسبوقة منذ مائة ألف عام، بحسب علماء المناخ القديم.

ومع أنّ الذروة التي وصلت إليها ظاهرة «النينيو» في يناير (كانون الثاني) 2023 قد انتهت، فلا تزال موجات الحرّ مستمرة.

يقول عالم المناخ روبرت فوتار إنّ «التبريد بطيء جدا»، مضيفا: «لا نزال ضمن الهوامش المتوقعة نسبيا» للتنبؤات، لكن إذا «لم تنخفض درجات الحرارة بشكل أكبر سنة 2025، فسيتعين علينا أن نطرح بعض التساؤلات».

من بين التفسيرات المطروحة، الالتزام عام 2020 بالتحوّل إلى الوقود النظيف في النقل البحري. وقد أدى هذا الإجراء إلى خفض انبعاثات الكبريت، ما تسبب في زيادة انعكاس ضوء الشمس عن طريق البحر والسحب وساعد في تبريد المناخ.

في ديسمبر (كانون الأول)، أشارت دراسة إلى أن انحسار السحب على علوّ منخفض سمح بوصول مزيد من الحرارة إلى سطح الأرض.

وقد يكون النشاط البركاني أو الدورات الشمسية أديا دورا كذلك. كل هذه الفرضيات أثارت جدلا خلال مؤتمر نظمه غافين شميت في الاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي في ديسمبر.

ويخشى البعض من عدم إيلاء العلماء اهتماما بالعوامل الأخرى.

وتقول سونيا سينيفيراتني: «لا يمكننا استبعاد عوامل أخرى ربما تكون قد تسببت بزيادة درجات الحرارة».

ارتفعت درجات الحرارة جراء التغير المناخي وظاهرة النينيو (أ.ف.ب)

في عام 2023، عانت مصافي الكربون من «ضعف غير مسبوق»، بحسب دراسة أولية كبيرة نشرت في الصيف. وأفادت الوكالة الوطنية الأميركية لمراقبة الغلاف الجوي والمحيطات (NOAA) في ديسمبر الفائت بأنّ منطقة التندرا في القطب الشمالي باتت تحدث انبعاثات من ثاني أكسيد الكربون أكثر مما تخزن.

أما المحيطات التي تشكل مصفاة الكربون الأساسية والمنظم الرئيسي للمناخ، فترتفع حرارتها بمعدل «لا يستطيع العلماء تفسيره بشكل كامل»، بحسب يوهان روكستروم من معهد بوتسدام للأبحاث المتعلقة بتأثير المناخ.

وقال الشهر الفائت: «هل احترار المحيطات مؤشر لخسارة القدرة على الصمود على هذا الكوكب؟ لا يمكننا استبعاد ذلك».