الرمادي تحت سيطرة «داعش».. والأنبار كلها مهددة بالسقوط

المدينة خالية من السكان.. والقوات الأمنية انسحبت منها

نازحون من مدينة الرمادي عند حدود بغداد أمس حيث تمنع السلطات دخولهم للعاصمة العراقية (رويترز)
نازحون من مدينة الرمادي عند حدود بغداد أمس حيث تمنع السلطات دخولهم للعاصمة العراقية (رويترز)
TT

الرمادي تحت سيطرة «داعش».. والأنبار كلها مهددة بالسقوط

نازحون من مدينة الرمادي عند حدود بغداد أمس حيث تمنع السلطات دخولهم للعاصمة العراقية (رويترز)
نازحون من مدينة الرمادي عند حدود بغداد أمس حيث تمنع السلطات دخولهم للعاصمة العراقية (رويترز)

تمكن مسلحو تنظيم داعش أمس من دخول مشارف مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار والتقدم إلى مركزها والسيطرة على حي الشركة المحاذي لشارع 17 تموز وسط المدينة وباتوا على مقربة من المجمع الحكومي في محافظة الأنبار وقد سيطروا على أحياء الرمادي بالكامل.
وقال مراسل «الشرق الأوسط» إنه سمع أصوات المسلحين عبر مكبرات الصوت في أحياء المدينة بقتل كل من يعترضهم، بينما تطلق القوات الأمنية الموجودة في وسط الرمادي نداءات استغاثة للحكومة المركزية ووزارتي الدفاع والداخلية لإرسال تعزيزات عسكرية عاجلة قبل نفاذ العتاد والذخيرة لدى القوات المحاصرة داخل المدينة.
في هذه الأثناء تواصلت أفواج النازحين من سكان الرمادي باتجاه العاصمة بغداد، حيث يُشاهد على امتداد الطريق السريع مجاميع كبيرة من السيارات والمشاة من الرجال والنساء والأطفال يحثون الخطى هربا من «داعش» الذي أعدم خلال اليومين الماضيين العشرات من سكان مشارف الرمادي، خاصة منطقتي البوفراج والبوغانم بتهمة تعاون أبنائهم مع القوات الأمنية.
مشاهد النزوح بدت ملحمية وكأنها من فيلم سينمائي كارثي، حيث الآلاف من العوائل التي قطعت عشرات الأميال للوصول إلى جسر بزيبز العائم، وهو جسر بدائي لا يشعر العابرون فوقه بالأمان، من أجل قطع المسافة نحو العاصمة العراقية التي بخلت على سكان الرمادي الدخول إليها ما لم يتوفر كفيل يضمن سكن أي عائلة نازحة، كما بخلت الأجهزة الحكومية بإرسال سيارات لنقل العوائل الهاربة من نيران «داعش».
الرمادي التي تحولت إلى مدينة أشباح، وحتى ساعة كتابة هذا التقرير لا يسمع فيها سوى أصوات الإطلاقات النارية والانفجارات، حيث نزح منها سكانها بشكل كامل.
ومن أجل أن يستكمل مسلحو «داعش» سيطرتهم على عموم بلدات ومدن الأنبار فقد شنوا، أمس، هجوما واسعا على ناحية البغدادي 90 كلم غرب مدينة الرمادي، وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن هجوما على ناحية البغدادي شنه مسلحو تنظيم داعش من جهة الخسفة شرقي المدينة.
وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه «إن مسلحي داعش وصلوا إلى منطقة الساتر الترابي الذي يحيط بالمدينة وإن اشتباكات عنيفة تدور لصد هجمات المسلحين».
وقال الشيخ مال الله العبيدي رئيس المجلس البلدي في ناحية البغدادي لـ«الشرق الأوسط» «كنا قد حذرنا الحكومتين المركزية والمحلية من هذا اليوم، عبر توجيهنا نداءات استغاثة للعمل على معالجة الموقف وإنقاذ أرواح الناس عبر تجهيزنا بالسلاح والعتاد والمواد الغذائية بهدف الصمود أمام سلسلة الهجمات الشرسة لمجرمي داعش».
وأضاف العبيدي «إن ما يجري اليوم من خسائر في مناطق مهمة من أرض الأنبار هو بسبب تغاضي النظر عن تسليح أبناء الأنبار وهذا الخطأ تتحمله الحكومة المركزية والحكومة المحلية في الأنبار، نحن سنقاتل داعش بآخر رصاصة نمتلكها ولن نتخلى عن الدفاع عن أرضنا وأعراضنا حتى وإن تخلت عنا الحكومة وليشهد الجميع بأن الحكومة ساهمت بشكل فاعل في خسارة مناطقنا ودخول مسلحي تنظيم داعش الإرهابي إليها».
بينما تم فرض حظر للتجوال في قضاء حديثة (160 لكم غرب الرمادي) القريب من ناحية البغدادي بعد أنباء عن تحشدات لمسلحي تنظيم داعش بالقرب من حدود المدينة التي تضم واحدا من أهم وأكبر السدود المائية في العراق.
وقال العميد فاروق الجغيفي مدير شرطة قضاء حديثة لـ«الشرق الأوسط» إن «قواتنا الأمنية مستعدة لصد أي هجوم محتمل على المدينة من قبل مسلحي تنظيم داعش الذي بدأ في شن هجمات في مناطق مختلفة من مدن الأنبار، ورغم قلة التعزيزات العسكرية الموجودة فإننا سندافع عن المدينة وأهلها لحد الشهادة».
وأضاف الجغيفي أن «على المسؤولين في الحكومة والقيادة الأمنية أن يأخذوا بعين الجد تجهيز القطعات العسكرية التي تقاتل مسلحي تنظيم داعش وبأسرع وقت خشية أن تتجه الأمور لمسارات خطيرة».
وتستعد القوات الأمنية العراقية ومقاتلو العشائر في عامرية الفلوجة لصد أي هجوم محتمل يشنه تنظيم داعش الذي يسيطر على 37 بلدة من بلدات الأنبار. وقال مدير ناحية عامرية الفلوجة شاكر العيساوي لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «مدينة عامرية الفلوجة تعرضت ومنذ يومين إلى موجة عنيفة من القصف من قبل تنظيم داعش الإرهابي، وطال هذا القصف السواتر الأمامية وأحياء متفرقة من المدينة بينها المجمع السكني مما يثبت لنا أن مسلحي التنظيم يستعدون لشن هجوم واسع على مدينة عامرية الفلوجة».
وأضاف العيساوي أن «تنظيم داعش الإرهابي من عاداته أن يبتدئ هجومه على أي منطقة يروم السيطرة عليها بالقصف بقذائف الهاون وإرسال السيارات المفخخة، لكننا اليوم جميعا في حالة تأهب لصد أي هجوم من قبل المسلحين خصوصا بعد أن تكالبوا على مناطق في مدينة الرمادي وتمكنهم من دخولها مما زاد مطامعهم باحتلال مدن الأنبار كافة».
لكن مدير شرطة ناحية العامرية، 70 كلم شرق الرمادي، الرائد عارف الجنابي قال لـ«الشرق الأوسط» لقد «اتخذنا جميع التدابير الأمنية التي من شأنها صد الهجمات المتوقعة من قبل مسلحي تنظيم داعش الإرهابي على مدينة عامرية الفلوجة»، وأضاف أن «الوضع الأمني الآن تحت السيطرة لكن هناك قصف عنيف من قبل عصابات داعش الإرهابية حيث إن ناحية عامرية الفلوجة والمجمع السكني تتعرض للقصف بقذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا بشكل شبه يومي وهذا القصف يتسبب بمقتل وجرح المواطنين العزل خصوصا أن الناحية تكتظ بسكانها وبالنازحين إليها من مناطق مختلفة من مدن الأنبار».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.