نيمار... بريق يتلاشى رويداً رويداً وقد يختفي

هل «مشروع» الانتقال إلى سان جيرمان كان بداية تراجع مستوى اللاعب؟

نيمار قضى أجمل فترة في مسيرته في برشلونة مع ميسي وسواريز (غيتي)
نيمار قضى أجمل فترة في مسيرته في برشلونة مع ميسي وسواريز (غيتي)
TT

نيمار... بريق يتلاشى رويداً رويداً وقد يختفي

نيمار قضى أجمل فترة في مسيرته في برشلونة مع ميسي وسواريز (غيتي)
نيمار قضى أجمل فترة في مسيرته في برشلونة مع ميسي وسواريز (غيتي)

من يبكي على نيمار؟ لا يفعل الكثيرون ذلك، ربما باستثناء نيمار نفسه الذي يبكي كثيرا، لكن الكثير من هذه الدموع لم تكن بداعي الحزن في حقيقة الأمر. ويكشف بحث سريع على شبكة الإنترنت عن «دموع نيمار» عن 4.73 مليون نتيجة، بدءا من دموع نيمار مع منتخب البرازيل، مرورا بدموعه مع نادي برشلونة، ووصولا إلى بكائه من الحزن، والكثير من الدموع الأخرى.
لكن الخبر السار يتمثل في أنه يمكنك أن تجد أيضا 18 مليون نتيجة للبحث عن «نيمار سعيد»، حيث يظهر لك سلسلة من الابتسامات والغمزات الرائعة والابتسامات التي تساوي ملايين الدولارات. في الحقيقة، هناك بعض الأشخاص الذين يمتلكون سحرا وبريقا استثنائيا، وأتذكر ذات مرة أنني رأيت امرأة فقدت الوعي في صالة مغادرة بالمطار بعدما صادفت بشكل غير متوقع الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، الذي ضحك وقال إن هذه هي النتيجة الطبيعية لسحره وبريقه، بينما كان يتم اقتياد ضحيته بعيداً!
ويتمتع نيمار بهذا السحر والبريق أيضا، فهو يمتلك حضورا قويا للغاية، أو على الأقل كان كذلك، لكن يبدو أن الأمر بدأ يتغير قليلا، حيث يبلغ اللاعب البرازيلي – الذي ربما يكون أكثر لاعب في التاريخ يبقى في مركز ثاني أفضل لاعب في العالم لفترة طويلة – الثلاثين من عمره قريبا. من المألوف بالطبع أن يكون هناك من يكرهون نيمار ويتهمونه بأنه يكثر من التمثيل داخل الملعب ولا يقدم المستويات التي تتناسب مع قدراته وإمكانياته الحقيقية، وغيرها من الانتقادات الأخرى. لكن بالنسبة لأي شخص يحب مشاهدة نيمار وهو يلعب، فإن فكرة تراجع مستوى اللاعب البرازيلي بهذا الشكل هي حقيقة مثيرة للحزن في حقيقة الأمر.
ويجب أن نشير إلى حقيقة ثابتة وواضحة وهي أن نيمار قدم مستويات رائعة في كثير من الأحيان مع باريس سان جيرمان ومنتخب البرازيل في المباريات الكبيرة. وجاءت أفضل فرصة له للفوز بدوري أبطال أوروبا كنجم مبدع رئيسي قبل عامين تحت قيادة المدير الفني الألماني توماس توخيل، ولعب دورا حاسما في وصول باريس سان جيرمان للمباراة النهائية، وكان من الممكن أن تتغير الأمور تماما لو سجل كيليان مبابي الفرصة السهلة التي أتيحت له أمام بايرن ميونيخ.
لقد أحرز نيمار ما يقرب من 200 هدف في كرة القدم الأوروبية، لكنه لم يسجل أي هدف في دوري أبطال أوروبا منذ عام، ولا يساعده في ذلك أنه يلعب في فريق مكون من كتيبة من النجوم والأسماء اللامعة، بقيادة النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي. صحيح أن المدير الفني لباريس سان جيرمان يحدد الأدوار والمهام للاعبيه قبل المباريات، لكن في بعض الأحيان يمكنك أن تشاهد هذا الثلاثي الهجومي – نيمار وميسي ومبابي – وهم يتجولون في أجزاء مختلفة من الملعب. ومن السهل أن تشعر بالقلق على نيمار وسط كل هذا.
هناك ميل إلى الافتراض أنه نظراً لأن لاعبي كرة القدم أثرياء ومشهورون، فإنهم محصنون من الألم البشري الطبيعي والقلق، وأن معاناتهم لا معنى لها. لكن الحقيقة أن نيمار يعاني من قسوة الحياة من حوله لمجرد أنه نيمار، فهذا هو اللاعب الذي قضى كل مسيرته الكروية تقريباً باعتباره التالي في الصف، وهو وضع غريب في ظل مشاهدة النجوم الآخرين وهم يصعدون، وكأن اللاعبين الذين يسبقونه يرفضون التخلي عن القمة حتى يتراجع مستواه! ربما لم تذهب الفرصة بعد بالنسبة لنيمار، لكن الحقيقة الواضحة الآن أن بريقه بدأ يتلاشى.
وبعد التوقف عن اللعب، ماذا سيكون إرثه؟ في الوقت الحالي، يتمثل دوره الرئيسي في الجوانب المالية لكرة القدم، منذ انتقاله في صفقة سخيفة من برشلونة إلى باريس سان جيرمان مقابل 200 مليون جنيه إسترليني، وهي الصفقة التي كانت بداية التدمير الذاتي لبرشلونة. لم يكن من المفترض أن يكون الأمر على هذا النحو، لأن هذا اللاعب يمتلك موهبة استثنائية قادرة على خلق البهجة والسعادة في نفوس كل من يشاهده وهو يتألق داخل المستطيل الأخضر. هناك شعور في باريس الآن بأن زين الدين زيدان هو الرجل القادر على قيادة هذا الفريق، وأنه الوحيد الذي يمكنه حقا التعامل مع هذه الكوكبة من النجوم اللامعة في فريق واحد، وقد يكون هذا هو الحال بالفعل. من المؤكد أن الموهبة مهمة للغاية في عالم كرة القدم، لكن عندما تكدس كل المواهب في فريق واحد يكون من الصعب للغاية التعامل معها وتوظيفها بالشكل الصحيح.



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».