السلع الأولية تشتعل في عام التقلبات

النفط يسجل أكبر مكسب سنوي منذ 2009

شهدت أسواق النفط في 2021 أقوى أداء لعقود الخامين القياسيين  منذ 2009 عندما صعدت الأسعار بأكثر من 70% (رويترز)
شهدت أسواق النفط في 2021 أقوى أداء لعقود الخامين القياسيين منذ 2009 عندما صعدت الأسعار بأكثر من 70% (رويترز)
TT

السلع الأولية تشتعل في عام التقلبات

شهدت أسواق النفط في 2021 أقوى أداء لعقود الخامين القياسيين  منذ 2009 عندما صعدت الأسعار بأكثر من 70% (رويترز)
شهدت أسواق النفط في 2021 أقوى أداء لعقود الخامين القياسيين منذ 2009 عندما صعدت الأسعار بأكثر من 70% (رويترز)

صعدت أسعار السلع الأولية، من الطاقة والمعادن إلى المنتجات الزراعية، بقوة في 2021، وتصدر وقود توليد الكهرباء موجة الصعود بدعم من قلة الإمدادات وقوة التعافي الاقتصادي مع تخفيف إجراءات الإغلاق الرامية لمكافحة الجائحة في أنحاء العالم بعد تكثيف حملات التطعيم.
ويتوقع محللون وتجار، أن يظل الطلب العالمي على السلع الأولية قوياً في 2022، وأن يدعم الأسعار مع استمرار تعافي الاقتصاد العالمي، وإن كان مستبعداً حدوث قفزات مماثلة في الأسعار.
وقال جيفري هالي، المحلل لدى «أواندا» للسمسرة «اتسمت 2021 بصعود ضخم على نطاق واسع». وأضاف «على الرغم من أنني أعتقد أن أسعار السلع الأولية ستظل قوية، لكن أظن أن الانتعاش في عام 2020 والصعود في 2021 استثنائيان؛ وبالتالي لا أتوقع المستوى نفسه من المكاسب في العام المقبل».
وزادت أسعار الطاقة والغذاء هذا العام مما أثر سلباً على المرافق والمستهلكين من بكين إلى بروكسل، وعزز ضغوط التضخم. وشجع ارتفاع الأسعار المنتجين على زيادة الإنتاج، لكن بعض المحللين يتوقعون أن تظل إمدادات منتجات مثل النفط والغاز الطبيعي المسال قليلة؛ نظراً لأن هذه المشروعات تحتاج إلى أعوام حتى يبدأ الإنتاج.

أزمات الطاقة
أدى الارتفاع القياسي في أسعار الفحم والغاز الطبيعي إلى أزمة طاقة حادة امتدت من أوروبا إلى الهند والصين في 2021. وزادت أسعار الغاز الطبيعي المسال في آسيا بأكثر من 200 في المائة، في حين زادت أسعار الفحم في آسيا إلى مثليها.
كما صعدت أسعار النفط العالمية بين 50 و60 في المائة في 2021، ومن المنتظر أن تواصل الصعود في العام المقبل بدعم من زيادة الطلب على وقود الطائرات. وفي الصين انخفضت أسعار الفحم بأكثر من النصف من ارتفاع قياسي بلغته في أكتوبر (تشرين الأول) بعدما رفع المنتجون مستوى الإنتاج مما أدى إلى هبوط الأسعار.

النفط يتألق
وتراجعت أسعار النفط واحداً في المائة، الجمعة، لكنها اتجهت لتحقيق أكبر مكاسبها السنوية منذ 12 عاماً، مدفوعة بالتعافي الاقتصادي العالمي من الركود الذي نجم عن «كوفيد - 19» وقيود يتبناها المنتجون، حتى مع ارتفاع الإصابات لمستويات قياسية حول العالم.
ففي اليوم الأخير من 2021، اتجهت العقود الآجلة لخام برنت لإنهاء العام على زيادة 53 في المائة، بينما العقود الآجلة للخام الأميركي كانت في طريقها لتحقيق ارتفاع 57 في المائة، وهو أقوى أداء لعقود الخامين القياسيين منذ 2009 عندما صعدت الأسعار بأكثر من 70 في المائة.
وقال كريغ جيمس، كبير الاقتصاديين في «كومسك»، «مر علينا (دلتا) و(أوميكرون) وجميع أنواع الإغلاق وقيود السفر، لكن الطلب على النفط ظل قوياً بعض الشيء. يمكنك إرجاع ذلك إلى تأثيرات التحفيز الذي يدعم الطلب وإلى القيود المفروضة على الإمدادات».
غير أن أسعار النفط توقفت الجمعة عن الزيادة بعد ارتفاعها لأيام متتالية عدة؛ إذ ارتفعت إصابات «كوفيد - 19» إلى مستويات مرتفعة جديدة عالمياً، من أستراليا إلى الولايات المتحدة، وهو ما تؤججه السلالة المتحورة من فيروس «كورونا أوميكرون» شديدة العدوى.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 86 سنتاً بما يعادل 1.1 في المائة إلى 78.67 دولار للبرميل، في حين تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 80 سنتاً أو واحداً في المائة إلى 76.19 دولار للبرميل.
وتجتمع «أوبك بلس» في الرابع من يناير (كانون الثاني) لتقرر ما إذا كانت ستستمر في زيادة الإنتاج في فبراير (شباط) المقبل.
وقال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، مساء الأربعاء، إن اتفاق «أوبك بلس» بشأن حجم الإنتاج ضروري لاستقرار سوق النفط، وإنه يجب على الدول المنتجة الالتزام بالاتفاق.
وقال العراق، إنه سيدعم التمسك بسياسة «أوبك بلس» الحالية بزيادة الإنتاج 400 ألف برميل يومياً في فبراير.
ويأتي ذلك بينما قالت وزارة الطاقة الأميركية، الخميس، إنها وافقت على سحب مليوني برميل من النفط الخام من احتياطياتها الاستراتيجية لصالح شركة «إكسون موبيل» في إطار خطة معلنة سابقاً بهدف خفض أسعار البنزين. وأضافت الوزارة، أنها سحبت بذلك ما يصل مجموعه إلى أكثر من سبعة ملايين برميل من الاحتياطات لتعزيز إمدادات الوقود في البلاد.

المعادن تتقلب
أثرت أزمة الكهرباء في الصين وأوروبا على إنتاج الألمنيوم؛ الأمر الذي رفع الأسعار بأكثر من 40 في المائة مسجلة مكاسب للعام الثاني. لكن ذلك أثر أيضاً على الطلب على خام الحديد نظراً لخفض إنتاج الصلب في الصين، أكبر منتج عالمي. ويقول محللون، إنه من المنتظر أن تبلي المعادن الأساسية بلاءً حسناً مع التحول في مجال الطاقة الذي سيعزز الطلب، في حين قد تستمر أزمات سلاسل الإمداد.
ويرى المحللون، أن أسعار المعادن النفيسة قد تنخفض بفعل قوة شهية المخاطرة في أسواق الأسهم وغيرها. ولم يطرأ تغير يذكر في المجمل على أسعار الذهب بعد انخفاضها في العام المنصرم، في حين تتجه الفضة صوب الانخفاض في نهاية العام بعد أداء قوي لمدة عامين.

صعود أسواق السلع الزراعية
زادت أسعار فول الصويا في شيكاغو لثالث عام على التوالي في حين ارتفعت أسعار الذرة بنحو 25 في المائة والقمح بأكثر من 20 في المائة. وتلقت أسواق السلع الزراعية دعماً من القيود على الإمدادات بفعل الطقس السيء وقوة الطلب بوجه عام.
وارتفعت أسعار السكر الخام بأكثر من 20 في المائة مسجلة مكاسب لثالث عام، كما حقق السكر الأبيض مكاسب مماثلة مع انخفاض الإنتاج في البرازيل، أكبر منتج عالمي، بفعل الجفاف والصقيع.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.