خلافات مستمرة بين «البيوت العراقية» على الرئاسات الثلاث

صالح يحدد التاسع من يناير المقبل موعداً للجلسة الأولى للبرلمان الجديد

الرئيس برهم صالح خلال لقاء سابق مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي (موقع الرئاسة العراقية على «تويتر»)
الرئيس برهم صالح خلال لقاء سابق مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي (موقع الرئاسة العراقية على «تويتر»)
TT

خلافات مستمرة بين «البيوت العراقية» على الرئاسات الثلاث

الرئيس برهم صالح خلال لقاء سابق مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي (موقع الرئاسة العراقية على «تويتر»)
الرئيس برهم صالح خلال لقاء سابق مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي (موقع الرئاسة العراقية على «تويتر»)

حدّد الرئيس العراقي برهم صالح، أمس، التاسع من الشهر المقبل موعداً للجلسة الأولى للبرلمان الجديد، وسط خلافات حادة بين القوى السياسية (الشيعية والسنية والكردية) بشأن تشكيل الحكومة العتيدة، كما التجديد أو التغيير في الرئاسات الثلاث، بحيث يُتوقع أن تطغى هذه الخلافات على الجلسة الافتتاحية، ما يؤدي إلى تأجيلها.
وقال الرئيس صالح في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «وقّعتُ المرسوم الجمهوري لدعوة مجلس النواب الجديد للانعقاد يوم الأحد، 9 يناير (كانون الثاني) 2022، والآمال معقودة لتلبية الاستحقاق الوطني بتشكيل حكومة مُقتدرة فاعلة تحمي مصالح البلد وتُعزز السيادة، حامية وخادمة للعراقيين... هذا يستوجب التكاتف من أجل تحقيق الإصلاح المطلوب». وبذلك تكون التوقيتات الدستورية الخاصة بتشكيل الحكومة المقبلة، بدءاً من حسم رئاستي البرلمان والجمهورية، بدأت، في وقت ما زالت فيه الخلافات حادة بين المكونات السياسية بشأن التجديد من عدمه للرئاسات الثلاث (الجمهورية: برهم صالح، الوزراء: مصطفى الكاظمي، والبرلمان: محمد الحلبوسي).
ومع أن الجلسة الأولى تُعقَد برئاسة أكبر الأعضاء سناً، وهو رئيس البرلمان السابق محمود المشهداني (مواليد 1948)، فإنها، وطبقاً للتوقعات، لن تشهد انتخاب الرئيس الجديد للبرلمان بسبب استمرار الخلافات بين تحالفي «تقدم» برئاسة رئيس البرلمان السابق، الذي يطمح لتجديد ولايته، محمد الحلبوسي، و«العزم» بزعامة خميس الخنجر الذي يشهد انقساماً حاداً، بشأن ما قيل عن وجود اتفاق غير معلَن بين الحلبوسي والخنجر لتولي الأول رئاسة البرلمان لدورة ثانية مقابل تولي الخنجر، وهو رجل أعمال، منصب أحد نواب رئيس الجمهورية الثلاثة. ويتمحور الخلاف بين الطرفين بسبب عدم قبول عدد من نواب «العزم» التجديد للحلبوسي وطرحهم ثلاثة مرشحين لرئاسة البرلمان، هم: محمود المشهداني وخالد العبيدي (وزير دفاع سابق) وثابت العباسي.
وفيما لا يلوح في الأفق إمكان حسم الخلاف بين الطرفين خلال المدة المتبقية على انعقاد الجلسة الأولى، فإن المؤشرات تذهب إلى تأجيل الجلسة إلى إشعار آخر طبقاً لما حصل في دورات سابقة مع أن الدستور العراقي لا يقر إبقاء الجلسة مفتوحة.
وبالإضافة إلى الاستحقاق الخاص بانتخاب رئيس البرلمان (سني) ونائبيه (شيعي وكردي)، فإن الجلسة الأولى تشهد إعلان الكتلة البرلمانية الأكبر، التي ترشح رئيس الوزراء المقبل. ولا يزال الخلاف محتدماً بين «الكتلة الصدرية» بزعامة مقتدى الصدر، و«قوى الإطار التنسيقي» التي تضم القوى الخاسرة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حول مَن يشكّل الكتلة الأكبر. ففيما يصر الصدر على أن كتلته الفائزة بأكثر المقاعد (75) هي الأكبر، فإن قوى «الإطار» تصر على أنها هي مَن ستعلن تشكيل الكتلة الأكبر خلال الجلسة الأولى، طبقاً لنص دستوري يشير إلى أن الكتلة الأكبر هي إما القائمة الفائزة بأكثر المقاعد أو الكتلة التي تتشكل من عدد من التحالفات داخل البرلمان في الجلسة الأولى.
وبينما لايزال الخلاف قائماً بين السنّة، عبر «تقدم» و«عزم» على رئاسة البرلمان، فإن البيت الشيعي لا يزال يعاني خلافات حادة، سواء بشأن الكتلة الأكبر أو آلية تشكيل الحكومة (هل هي أغلبية وطنية مثلما يدعو إليها الصدر؟ أو حكومة توافقية مثلما تدعو إليها قوى «الإطار التنسيقي»؟) وبشأن الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة المقبلة. ومع أن حظوظ رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي لا تزال مرتفعة مدعوماً من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فإن بعض قوى «الإطار» لا تزال تضع «فيتو» على بقائه.
كذلك البيت الكردي لا يختلف عن البيتين السني والشيعي، بشأن منصب رئيس الجمهورية الذي هو من حصة المكون الكردي ويشغله حالياً برهم صالح، الذي يطمع بالتجديد له لولاية ثانية (الدستور العراقي يتيح لرئيس الجمهورية دورتين رئاستين من أربع سنوات لكل دورة)، فيما يصر «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني على ترشيح شخصية أخرى لتولي المنصب من الحزب الديمقراطي أو من «الاتحاد الوطني الكرستاني» نفسه باستثناء صالح، لكن قادة الاتحاد الوطني يؤكدون أن مرشحهم الوحيد هو صالح نفسه، ما يعني استمرار الخلاف داخل البيت الكردي بسبب منصب رئيس الجمهورية.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».