الطائرات الروسية تجدد غاراتها على منطقة «خفض التصعيد»

قوات النظام تقصف ريفي إدلب وحلب بالمدفعية وراجمات الصواريخ

أطفال أمام خيمة تُستخدم صفاً دراسياً في مخيم للنازحين في كللي بمحافظة إدلب الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)
أطفال أمام خيمة تُستخدم صفاً دراسياً في مخيم للنازحين في كللي بمحافظة إدلب الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)
TT

الطائرات الروسية تجدد غاراتها على منطقة «خفض التصعيد»

أطفال أمام خيمة تُستخدم صفاً دراسياً في مخيم للنازحين في كللي بمحافظة إدلب الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)
أطفال أمام خيمة تُستخدم صفاً دراسياً في مخيم للنازحين في كللي بمحافظة إدلب الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)

جددت الطائرات الحربية الروسية قصفها منطقة «خفض التصعيد» في شمال غربي سوريا، في وقت تصاعدت فيه حدة القصف بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ من مواقع قوات النظام على مناطق بجنوب إدلب وغرب حلب؛ ما تسبب في سقوط جرحى وأضرار مادية كبيرة.
وقال الناشط مصعب الحسن بريف إدلب، إن «المقاتلات الروسية نفّذت 7 غارات بصواريخ فراغية شديدة الانفجار على مناطق قريبة من مخيمات النازحين في قرى وبلدات باريشا وكفرعروق وكفردريان ومحيط مدينة معرة مصرين ومنطقة الشيخ بحر شمال وغرب إدلب؛ ما تسبب في إصابة امرأة وطفل بجروح، ودمار كبير في المباني وخسائر مادية في ممتلكات المدنيين. وترافق مع الغارات تحليق مكثف لعدد من الطائرات الحربية الروسية كانت قد انطلقت من قاعدة حميميم وطائرات الاستطلاع؛ ما أثار حالة رعب وخوف شديدين في صفوف المدنيين ودفعهم إلى الهروب نحو العراء خشية تجدد الغارات الجوية على المنطقة».
وأضاف هذا الناشط، أن «المقاتلات الروسية شنّت أيضاً 3 غارات على جبل الشيخ بركات بمحيط مدينة دارة عزة غرب حلب؛ ما أسفر عن إصابة مدني بجروح خطيرة». وزاد، أن الغارات «ترافقت مع قصف بقذائف المدفعية الثقيلة المتطورة (كراسنبول) من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية على مناطق كفرتعال وكفرعمة بريف حلب الغربي؛ ما أدى إلى إصابة طفلين بجروح بليغة جرى نقلهما إلى مشافي المنطقة».
ولفت إلى أن «المقاتلات الروسية جددت منذ ثلاثة أيام غاراتها على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، بعد غياب دام لأكثر من 20 يوماً. وتركزت الغارات على مزارع لتربية الدواجن ومناطق أخرى محيطة بمخيمات تؤوي نازحين من مناطق مختلفة من سوريا بريفي إدلب وحلب؛ الأمر الذي أثار خوف النازحين من أن تطالهم الغارات الجوية».
من جهته، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، «غابت طائرات النظام الحربية والمروحية عن أجواء منطقة (بوتين - إردوغان) أو منطقة (خفض التصعيد)، في شمال غربي سوريا، خلال العام 2021، بيد أن المقاتلات الروسية نابت عنها بقتل السوريين وتدمير البنى التحتية». وأضاف، أنه وثّق أكثر من 562 غارة شنّتها طائرات حربية تابعة لسلاح الجو الروسي على منطقة «خفض التصعيد»، خلال العام 2021، حيث تسببت في مقتل 18 شخصاً، هم 14 مدنياً، بينهم 6 أطفال و3 مواطنات، و4 من أفراد المجموعات الإسلامية المسلحة، بينهم تركستاني وشيشاني. كما تسبب القصف الجوي الروسي في إصابة أكثر من 117 شخصاً بجروح متفاوتة، غالبيتهم من المدنيين. وأوضح، أن الغارات الروسية طالت 62 موقعاً ومنطقة في شمال غربي سوريا خلال 2021... 48 منها في محافظة إدلب (الشيخ بحر، وحربنوش، وقورقنيا، ومحيط السجن المركزي، ومحيط معرة مصرين، ومحيط سرمدا، وحرش بسنقول، ومحطة الروج، والشيخ يوسف، ومحمبل، وعين شيب وسان، والرويحة، وسرجة، ومنطف، ومعرزاف، وبينين، وسفوهن، وجوزف، والبارة، ومرعيان، وكنصفرة، وبيلون، والفطيرة، ومعربليت، ومجدليا، وحرش الحمامة، وأورم الجوز، واحسم، والكندة، والشيخ سنديان، وبروما وبسامس، والعالية، والغسانية، ومحيط زرزور، ودير سنبل، ومشون وشان، وأبلين، والفوعة، وجسر الشغور، ومحيط الكفير، ومخيمات قاح، ومحيط مدينة إدلب، وتلتيتا، وشادرني، واليعقوبية)، و5 مناطق في اللاذقية (كبانة، والخضر، وكفريدين، والبرناص، وبرزة)، و6 مناطق في محافظة حماة (السرمانية، ودوير الأكراد، والزيارة، ومحطة زيزون، وخربة الناقوس، وحميمات)، و3 في حلب (أرحاب، ومحيط دارة عزة، والشيخ سليمان).
من جهته، قال محمود العبد الله، القيادي في فصائل المعارضة السورية المسلحة، إنه «جرى توثيق أكثر من 630 خرقاً خلال العام 2021 من قِبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية على مناطق المعارضة المأهولة بالمدنيين بريفي إدلب وحلب، استخدمت فيها قذائف مدفعية متطورة (كراسنبول) الموجهة ليزرياً؛ ما أسفر عن مقتل أكثر من 210 مدنيين، بينهم 79 طفلاً و38 امرأة و4 عاملين في المجال الإنساني».
وأضاف «ردت فصائل المعارضة في غرفة عمليات (الفتح المبين)، خلال العام 2021، على القصف المتكرر على منطقة (خفض التصعيد)، من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية، بقصف مقابل بالصواريخ والمدفعية الثقيلة على أكثر من 30 موقعاً في أرياف إدلب وحلب وحماة واللاذقية؛ ما تسبب في مقتل أو جرح أكثر من 320 عنصراً من قوات النظام والميليشيات الإيرانية وميليشيات أخرى محلية مساندة لها»، متوعدا قوات النظام بـ«رد أعنف خلال الفترة المقبلة رداً على استهداف المدنيين».



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».