رنا أبيض: الدراما السورية تعاني من ظاهرة التقليد ولاتوجد خطة صحيحة في الإنتاج

قالت لـ {الشرق الأوسط} إنها مثالية زيادة عن اللزوم.. وأكثر جرأة من زميلاتها

رنا أبيض
رنا أبيض
TT

رنا أبيض: الدراما السورية تعاني من ظاهرة التقليد ولاتوجد خطة صحيحة في الإنتاج

رنا أبيض
رنا أبيض

تواصل الفنانة السورية رنا أبيض تصوير أدوارها في كثير من المسلسلات الجديدة كما أنهت تصوير بعضها مؤخرًا، حيث ستكون هذه المسلسلات جاهزة للعرض في شهر رمضان المقبل، وعن أعمالها الجديدة والشخصيات التي تؤديها فيها تقول رنا أبيض في حوار معها لـ«الشرق الأوسط»: «شاركت في موسم العام الحالي بعدد من المسلسلات ومنها (الوسادة الخالية) مع المخرج محمد نصر الله ويتحدث عن معاناة المرأة وأجسد فيه شخصية فتاة تتزوج من دون موافقة والدتها ولكنها تقع في مشكلات مع زوجها الذي يعاني من عجز جنسي فتتعرض للضرب من قبله وتصاب بمرض نفسي بسببه، وهناك مسلسل (الخلخال) مع المخرج إياد نحاس، وفي مسلسل (دامسكو)، حيث جسدت فيه شخصية فتاة تحاول التخلص من القيود الاجتماعية المفروضة عليها لأنها أنثى فقط، كذلك شاركت في بطولة المسلسل الكوميدي (فارس وخمس عوانس) للمخرج فادي سليم، حيث كنت إحدى العوانس الخمس التي تعاني من مشكلات عاطفية وتبحث عن عريس. وهناك مسلسل (مذنبون وأبرياء) للمخرج أحمد سويداني».
وعن مشاركاتها خارج سوريا تقول رنا: «بعد بطولتي للمسلسل العراقي الشيخة هناك عدد من العروض أدرسها حاليًا وقد أشارك فيها ولكن بعد أن أنهي مشاركاتي في المسلسلات السورية».
وحول غيابها عن الدراما في الفترة الماضية وعودتها بزخم في الموسم الحالي توضح رنا: «أنا مثالية زيادة عن الحد - تتنهد رنا - فبعد مسلسل ما ملكت أيمانكم توقفت إراديًا خمس سنوات لأنتقي ما يحقق رغبتي في الأدوار المناسبة لتجربتي الدرامية وانتظرت الأفضل ولكنه لم يأتِ للأسف!.. فاضطررت للعودة في الموسم الحالي بهذا الكم من المسلسلات لأنني لاحظت أن كل ما عرض ليس جديدًا وأنه يتحدث عن المشكلات الاجتماعية للمرأة فقررت العودة لأن هذا الواقع المعروض أمامي والجميع يسير بنفس الاتجاه فلماذا أتوقف أنا وقد لا يأتي ما أطمح إليه، حيث لا يوجد حل ولا مكان للانتقاء ولا توجد موضوعات أخرى. كذلك لا يوجد لديك كفنان من تستكتبه ليقدّم لك نصًا خاصًا بك ويناسب مقاس الفنان وتجربته كما هو الحال في مصر، ولذلك انتظرت خمس سنوات ليأتي شيء ما على مقاسي فلم يأت فقررت أن أبرمج ما قدّم لي ليكون على مقاسي. وهذا واقع يعيشه معظم نجوم الدراما السورية.. في السابق كان هناك كتاب لديهم مرجعية تاريخية وشخصيات مهمة يكتبون عنها، حاليًا صار هناك استسهال بكل شيء وقامت شركات الإنتاج باستكتاب أناس عاديين ليس لديهم الحس الإبداعي للتوفير في أجور نصوصهم ودفع مال أقل.
وعن غيابها عن دراما البيئة الشامية بعد الحصرم الشامي تشرح رنا: «عُرِضَ علي المشاركة في الجزء الثاني من المسلسل البيئي الشامي طوق البنات في هذا الموسم ولكنني اعتذرت لأنه يتعارض مع مشاركتي في مسلسل (فارس وخمس عوانس) ودراما البيئة الشامية مهمة ولها جمهورها رغم انتقاد البعض لها وقولهم إنها لا تشبهنا وبسيطة وغير ذلك ولكن من الضروري تنظيم العمل بهذا النوع من الدراما وبغيرها، بحيث لا يكون هناك تكرار في مواضيعها واجترار لنجاح الآخرين، وللأسف ما نلاحظه في الدراما السورية هو وجود ظاهرة التقليد فعندما ينجح مسلسل كوميدي الكل يعمل (كوميدي) وعندما ينجح مسلسل بيئي شامي يقوم الجميع بتنفيذ مسلسلات شامية وهذا ينطبق على التاريخي والفنتازيا في وقتها وغير ذلك، هذه ظاهرة يجب أن تنتهي من الدراما السورية، حيث لا يوجد إدارة وخطة صحيحة للإنتاج الدرامي في سوريا».
ولـ«رنا» رأي بالدراما المدبلجة التي لم تشارك فيها توجزه قائلة: «أتمنى المشاركة فيها وهذا النوع من الدراما ليس سهلاً كما قد يعتقد البعض، فليس سهلاً أن توصل حكاية ما من خلال الصوت فقط وأن تمثل وتعبر بصوتك، ومن يقل إنها أثرت على الدراما العربية فأنا لست معه بل بالعكس يجب أن تحرضنا لنقدم الأفضل، فلماذا نشاهد الجانب السلبي ولا نرى الناحية الإيجابية هنا والاطلاع على درامات غيرنا فهي تخلق نوعاً من المنافسة مع درامانا لنقدم الأفضل وهذا لمصلحة المشاهد».
وحول رأيها فيما تناولته الدراما السورية من مواضيع الأزمة والحرب التي تعيشها البلاد تقول رنا: «الأزمة مستمرة ولذلك الدراما لم تقدم سوى جزء يسير مما يحصل ولا يمكن تجاوز الأزمة والتحدث عن المعاناة ولا يمكن أن تواكب ما يحصل لفظاعة الجرح والألم الذي تسببه الحرب والأزمة وبرأيي أن كل ما قدم وكتب هو عن قشور الأزمة وهناك بعد عن المواضيع الحقيقية للأزمة، وفي الواقع لا يمكن حاليًا توثيق الأزمة دراميًا لأنها لم تنته بعد، والناس مجروحة فلا يمكن حتى إيصال وجهات النظر».
ولدى رنا صوت مقبول تدندن فيه وموهبة في الرقص التعبيري والشرقي ولا تمانع من أن تغني في مسلسل يحتاج الدور فيه للغناء وحصل ذلك في أحد هذه المسلسلات، تضحك رنا: «كيف خطر ذلك على ذهنك من الطبيعي أن أرقص وأغني في مسلسل يتطلب الدور ذلك وهذا واجب على كل ممثلة وممثل أن يقدّم ما يتطلبه الدور، فأنت هنا يجب أن تذهب مع الشخصية التي تؤديها للأخير ولا يجوز أن تضع محددات وموانع اجتماعية وإن كان جرأة أو لا وغير ذلك، فالفنانة تقدم شخصية موجودة في الحياة والمجتمع ولا يمكن هنا للمكابرة وقول البعض إن هذه النماذج لا توجد في مجتمعنا هذا الكلام غير صحيح فلا يوجد مجتمع شخصياته نقية تماما. وبالنسبة لي يقول البعض إنني قدمت وأقدم أدوارًا جريئة جدًا وأرد عليهم معظم زميلاتي قدمن نفس الشيء وقد أكون أنا أجرأ منهن قليلاً، وتبقى الدراما تقدم الواقع ولا يمكن أن تهرب منه فهناك في المجتمع الفتاة التي تحب وتصاحب وتعمل في الدعارة ويجب على الدراما في حبكاتها أن تقدمها كما هي». ورنا كانت متزوجة وانفصلت عن زوجها ولديها طفل تعتني بتربيته حاليا.



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».