«أريد أن أقتلك في مكان يحبنا»

جديد السورية سوزان علي

«أريد أن أقتلك في مكان يحبنا»
TT

«أريد أن أقتلك في مكان يحبنا»

«أريد أن أقتلك في مكان يحبنا»

عن دار ميريت للنشر بالقاهرة صدر ديوان «أريد أن أقتلك في مكان يحبنا» للشاعرة السورية سوزان علي، وهو الثاني لها بعد صدور ديوانها الأول «المرأة التي في فمي» عن دار المتوسط للنشر بإيطاليا.
تمتزج في قصائد الديوان وعبر (140) صفحة مفارقات الحب والأحلام والذكريات، بمآسي الوطن وهمومه، وتنعكس على مرآة الذات الشاعرة في شكل أيقونات شعرية، تبحث عن سقف أو جدار، أو أي شيء يمكن أن تثبت عليه صورتها، وتلمس في ظلالها ملامحها وروحها المطاردة المقموعة، ويتحول هذا المزيج الخصب في أغلب قصائد الديوان إلى صرخة مفتوحة على الماضي والحاضر والغد.
فيما يشير عنوان الديوان إلى يقظة وعي مسلح برغبة في الانتقام، تتمثل في فعل الإرادة عبر مثلت أطرافة «القتل والمكان والحب». ورغم أن الخطاب موجه للحبيب العاشق، فإنه يتسع في ظلال الأيقونة، ليشمل الواقع والعالم، كما أن الإرادة هنا لا تعني تحقق الفعل واقعياً، وإنما تبقى مجرد رغبة مخاتلة في التعبير عنه، تراوغ على السطح، سطح النص الشعري والوجود؛ مشكلة نوعاً من البوح الخاص، يلعب دوراً سيكولوجيا في التخفيف عن الذات عبء هذه المآسي التي تحملها أينما حلت، كنثار من الألم والذكريات الجريحة، كما يساهم البوح في نسج علاقة شائكة وملتبسة بين الداخل الموار بالمشاعر والانفعالات والرؤى العاطفية، والخارج الذي يقف دائماً كحجر عثرة في طريق تحققها ونموها بالشكل الإنساني.
لكن تبقى الدلالة الأساس التي يرشح بها العنوان، في الإيهام بالدراما باسم الحب والحبيب الغائب المفقود، وفوق مسرح مفتوح على تعارضات الجسد والروح، تعرف الشاعرة أن دورها الوحيد على خشبته هو الالتصاق بذاتها وقضيتها وتنفس هوامشها وصمتها، قوتها وهشاشتها حتى الذوبان والتلاشي. فهكذا يبدو الشعر تشكيلاً للواقع، وليس مجرد معادل رمزي له، يسعي إلى الموازاة معه وإشاعة جو من السكينة والاطمئنان، تحت أقنعة تخفي دائماً إحساساً بالخوف والزيف وعدم الاطمئنان، حتى لو بدت واقعياً كعتبة أولى على طريق الأمل والخلاص.
يتميز الديوان بلغة شفيفة مباغتة، مشربة بمسحة من السرد والجرأة، قادرة على البوح والتخفي والتعري إلى حد النزف، لا تستدعي الماضي كحقائق وشواهد انتهت، وإنما كحياة لا تزال ممتدة بشجنها ومفارقاتها إلى تخوم الراهن المعيش المثقل باليأس والمرارة... فمن «البيانو» إلى «الشهوة»، إلى «الحنين الأعمى» و«دود الربيع»، تتشكل عناوين قصائد الديوان في دلالات ورموز واخزة، كأنها مرثية لوطن، لفراغ، أو للاشيء.
من أجواء الديوان، تقول الشاعرة في قصيدة بعنوان «بحيرة»:
«بللني أيها المطرُ
فأنا مثلكَ طردتُ من بيتي
وجئت أغلي الشاي لبحارة مجانين،
أحمل طفلاً وسط خصلات شعري
ورجلاً في عيني،
انظر أيها المطر
لدي حلمة تشبه عينَ أختي
وهنا في الأسفل
يمتد جرحٌ كدخان قطار
ها أنا ذا أفتح أزرار فستاني كي تدخلَ يديكَ
وتصحب ساقي إلى النهر
ألا تشعر بوحدتي
هنا... هنا
خذ هذه الزهرة التي لمستها للتو معك إلى الغابة
فأنا لا أصلح كأمٍّ أيها المطر
الحنين يقتلني».


مقالات ذات صلة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

ثقافة وفنون أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية

سحر عبد الله
يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر
TT

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

هي رواية تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، تحمل اسم «عورة في الجوار»، وسوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر والتوزيع، وتقع في 140 صفحة.

عن عوالمها وفضائها السردي، يقول تاج السرّ لـ«الشرق الأوسط»: «تروي هذه الرواية التحولات الاجتماعية، وحياة الريف المكتنز بالقصص والأساطير، وانتقال البلد إلى (العصرنة) والانفتاح ورصد التأثيرات الثقافيّة التي تهبّ من المدن إلى الأرياف، لكنها ترصد أيضاً تأثير الأوضاع السياسية المضطربة في السودان على حياة الناس العاديين وما تسببه الانقلابات العسكرية من معاناة على السكان المحليين، خاصة في الأرياف... إلى جانب اهتمامها بتفاصيل الحياة اليومية للناس، في سرد مليء بالفكاهة السوداء».

حمل غلاف الرواية صورة الكلب، في رمزية مغوية إلى بطل الرواية، الذي كان الناس يطلقون عليه لقب «كلب الحرّ» كتعبير عن الشخص كثير التنقلّ الذي لا يستقرّ في مكان. كان كثير التنقّل حيث يعمل سائق شاحنة لنقل البضائع بين الريف والعاصمة وبقية المدن، والزمان هو عام 1980، وفي هذا الوقت يلتقي هذا السائق، وكان في العشرينات من عمره بامرأة جميلة (متزوجة) كانت تتبضع في متجر صغير في البلدة التي ينحدرُ منها، فيهيمُ فيها عشقاً حتى إنه ينقطع عن عمله لمتابعتها، وتشمم رائحتها، وكأنها حلم من أحلام الخلود.

وعن الريف السوداني الذي توليه الرواية اهتماماً خاصاً، ليس كرحم مكاني فحسب، إنما كعلاقة ممتدة في جسد الزمان والحياة، مفتوحة دائماً على قوسي البدايات والنهايات. يتابع تاج السر قائلاً: «الريف السوداني يلقي بحمولته المكتنزة بالقصص والأساطير حتى الفانتازيا في أرجاء الرواية، حيث ترصد الرواية ملامح وعادات الحياة الاجتماعيّة... لتنتقل منها إلى عالم السياسة، والانقلابات العسكرية والحروب الداخلية، حيث تسجل صراعاً قبلياً بين قبيلتَين خاضتا صراعاً دموياً على قطعة أرض زراعية، لا يتجاوز حجمها فداناً واحداً، لكنّ هذه الصراعات المحلية تقود الكاتب إلى صراعات أكبر حيث يتناول أحداثاً تاريخيّة كالوقائع العسكريّة والحروب ضدّ المستعمِر الإنجليزي أيّام المهدي محمد أحمد بن عبد الله بن فحل، قائد الثورة المهديّة، ومجاعة ما يعرف بـ(سنة ستّة) التي وقعت عام 1888، حيث تعرض السودان عامي 1889 – 1890 إلى واحدة من أسوأ المجاعات تدميراً».

وعلى الصعيد الاجتماعي، ترصد الرواية الغزو الثقافي القادم من المدن إلى الأرياف، وكيف استقبله الناس، خاصة مع وصول فرق الموسيقى الغربية، وظهور موضة «الهيبيز»، وصولاً إلى تحرر المرأة.

رواية جديدة تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، سوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر.

يشار إلى أن أمير تاج السر روائي سوداني ولد في السودان عام 1960، يعمل طبيباً للأمراض الباطنية في قطر. كتب الشعر مبكراً، ثم اتجه إلى كتابة الرواية في أواخر الثمانينات. صدر له 24 كتاباً في الرواية والسيرة والشعر. من أعماله: «مهر الصياح»، و«توترات القبطي»، و«العطر الفرنسي» (التي صدرت كلها عام 2009)، و«زحف النمل» (2010)، و«صائد اليرقات» (2010)، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2011، تُرجمَت أعماله إلى عدّة لغات، منها الإنجليزيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والإسبانيّة والفارسيّة والصينيّة.

نال جائزة «كتارا» للرواية في دورتها الأولى عام 2015 عن روايته «366»، ووصلتْ بعض عناوينه إلى القائمتَين الطويلة والقصيرة في جوائز أدبيّة عربيّة، مثل البوكر والشيخ زايد، وأجنبيّة مثل الجائزة العالميّة للكتاب المترجم (عام 2017 بروايته «العطر الفرنسي»، وعام 2018 بروايته «إيبولا 76»)، ووصلت روايته «منتجع الساحرات» إلى القائمة الطويلة لجائزة عام 2017.

صدر له عن دار «نوفل»: «جزء مؤلم من حكاية» (2018)، «تاكيكارديا» (2019) التي وصلتْ إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب (دورة 2019 – 2020)، «سيرة الوجع» (طبعة جديدة، 2019)، «غضب وكنداكات» (2020)، «حرّاس الحزن» (2022). دخلت رواياته إلى المناهج الدراسيّة الثانويّة الإماراتيّة والبريطانيّة والمغربية.