أسبوعان حاسمان لتشكيل الحكومة الخامسة في العراق

توقعات بماراثون مفاوضات صعب ومعقد

الكاظمي خلال إحدى جلسات الحكومة المنتهية ولايتها (موقع رئيس الوزراء على «تويتر»)
الكاظمي خلال إحدى جلسات الحكومة المنتهية ولايتها (موقع رئيس الوزراء على «تويتر»)
TT

أسبوعان حاسمان لتشكيل الحكومة الخامسة في العراق

الكاظمي خلال إحدى جلسات الحكومة المنتهية ولايتها (موقع رئيس الوزراء على «تويتر»)
الكاظمي خلال إحدى جلسات الحكومة المنتهية ولايتها (موقع رئيس الوزراء على «تويتر»)

لم يتبق أمام الكتل والأحزاب السياسية العراقية سوى أسبوعين فقط لتحديد الملامح الأولية للحكومة الخامسة منذ عام 2006، التي ستقود البلاد للسنوات الأربع المقبلة، في ظل ظروف سياسية واقتصادية وأمنية بالغة الصعوبة.
وفترة الأسبوعين تحددها المواعيد الدستورية بالنسبة لمرحلة ما بعد مصادقة المحكمة الاتحادية، الأحد الماضي، على نتائج الانتخابات البرلمانية. ويفترض أن يدعو رئيس الجمهورية البرلمان إلى الالتئام خلال 15 يوماً من تاريخ المصادقة. وخلال تلك الفترة يتم اختيار رئيس البرلمان ونائبيه، تمهيداً لاختيار رئيس الجمهورية لاحقاً، ومن ثم الوزراء والفريق الحكومي.
وحتى مع تجاوز عقبة الاعتراضات على نتائج الانتخابات من قبل قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية وقبولها «المر» بقرار المصادقة، ورغم زيارة وفد «الإطار» إلى النجف أمس، ولقائه مقتدى الصدر، لا يبدو أن تلك القوى مستعدة حتى الآن للتسليم بواقع أن «الكتلة الصدرية» الحاصلة على أكبر عدد من المقاعد النيابية (73 مقعداً) هي الكتلة المؤهلة لتشكيل الحكومة المقبلة. وهناك من يتحدث عن قدرة قوى «الإطار» (ائتلاف دولة القانون، تحالف الفتح، تيار الحكمة، ائتلاف النصر) على خطف أحقية تشكيل الحكومة من التيار الصدري، بعد أن تتمكن من إقناع قوى وأعضاء في البرلمان بالانضمام إليها، حتى تتمكن من تقديم نفسها إلى بقية القوى السياسية بوصفها الكتلة النيابية الأكبر.
وسواء نجحت الكتلة الصدرية أو قوى الإطار في إثبات أحقيتها، فإن مفاوضات عسيرة على مسارين تنتظر جميع القوى السياسية. في المسار الأول، ستواصل القوى الشيعية، أي «الكتلة الصدرية» وقوى «الإطار التنسيقي» صراعها وتنافسها الشديدين للفوز بلقب الكتلة الأكبر. وإذا ما نجح أيٌ منهما، فسيتوجه في المسار الثاني إلى التفاوض مع القوتين السياسيتين الأساسيتين الكردية والسنية، بهدف الوصول إلى تفاهمات واضحة حول صفقة تمرير اختيار الرئاسات الثلاث (البرلمان، الجمهورية، الحكومة). صحيح أن مسارات التفاوض انطلقت منذ لحظة إعلان نتائج الانتخابات الأولية في أكتوبر (كانون الأول) الماضي بين مختلف القوى السياسية، إلا أن تجارب المفاوضات السياسية في الدورات السابقة ترجح أنها ستصل إلى ذروتها بعد مرحلة تصديق نتائج الانتخابات وانعقاد جلسات البرلمان.
ولعل ما يزيد من حدة التوقعات بمرحلة عسيرة وصعبة من المفاوضات في الأيام القليلة المقبلة، هو التقاطع شبه الكامل في وجهات النظر بين الصدريين من جهة، وقوى «الإطار التنسيقي» من جهة أخرى، بالنسبة للصيغة التي سيتم بمقتضاها تشكيل الحكومة المقبلة. فزعيم «التيار الصدري» تمسك بقوة في البداية بحكومة «أغلبية سياسية»، في مقابل إصرار جماعات «الإطار» على اعتماد الصيغة التوافقية المعتادة التي جرت عليها العادة منذ خمس دورات انتخابية. إلا أنه عدّل في أهدافه لاحقاً، وأخذ يطالب بحكومة «أغلبية وطنية»، لعلمه بحاجته الأكيدة إلى أصوات ما لا يقل عن 80 نائباً في البرلمان، إلى جانب أصوات كتلته، لتمرير صفقة الرئاسات الثلاث. وبالنسبة لقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، فإن مقولة «الأغلبية الوطنية» تعني لها أن الصدر يسعى إلى مشاركة قوى كردية وسنية إلى جانب كتلته في تشكيل الحكومة ضمن سياق وطني، وليس بالضرورة ضمن السياق الطائفي الشيعي. من هنا، فإن قوى «الإطار» تخشى من أن الصدر يسعى إلى إخراجها خارج صندوق المناصب والمغانم الحكومية ورميها في خانة المعارضة. والتعقيد والصعوبة المتوقعة داخل أروقة القوى الشيعية، يقابلها صعوبة مماثلة بالنسبة للمفاوضات مع القوى الكردية والسنية، بكل تناقضاتها وصراعاتها المعروفة. ومهما كان الطرف الشيعي الذي سيقوم بتشكيل الحكومة، سواءً الصدر أم جماعات «الإطار»، فإن مفاوضات بالغة الصعوبة تقف بانتظارهم، ستصل لذروتها في مرحلة ما بعد عقد أول جلسة للبرلمان واختيار رئيسه ونوابه خلال الـ15 يوماً المقبلة، وتكليف الكتلة الأكبر بطرح مرشحها لرئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة خلال 30 يوماً. ومع أن صفقة اختيار رئيس الوزراء ستبنى على أساس صفقة أولية لاختيار رئيس البرلمان والجمهورية أيضاً، فإنها من بين أكثر الصفقات تعقيداً كما أثبتت تجارب السنوات السابقة. وغالباً ما أخفقت القوى السياسية في الالتزام بالمواقيت الدستورية حين يتعلق الأمر باختيار رئيس الوزراء وفريقه الحكومي.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.