لقاء عباس ـ غانتس محاولة «لاستعادة الثقة» بين القيادتين

المعارضتان الإسرائيلية والفلسطينية هاجمتا اجتماعهما

فلسطينيتان تحاولان منع الأمن الإسرائيلي من هدم منزلهما في المنطقة C بالضفة الثلاثاء (أ.ف.ب)
فلسطينيتان تحاولان منع الأمن الإسرائيلي من هدم منزلهما في المنطقة C بالضفة الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

لقاء عباس ـ غانتس محاولة «لاستعادة الثقة» بين القيادتين

فلسطينيتان تحاولان منع الأمن الإسرائيلي من هدم منزلهما في المنطقة C بالضفة الثلاثاء (أ.ف.ب)
فلسطينيتان تحاولان منع الأمن الإسرائيلي من هدم منزلهما في المنطقة C بالضفة الثلاثاء (أ.ف.ب)

شنت المعارضتان الفلسطينية والإسرائيلية، على السواء، أمس، هجوماً شديداً على اللقاء الذي جرى بين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ووزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، وتقررت فيه عدة خطوات وإجراءات، وصفت بأنها «جاءت لاستعادة الثقة بين القيادتين». ومع أن رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، كان على علم مسبق باللقاء، وبسبب ذلك اتهمه حزب الليكود بإجهاض خطة الحكومة السابقة لطمس قضية الصراع، ذكر مصدر حكومي أن «بنيت غاضب على غانتس لأنه استضاف أبو مازن في بيته»، ويعد الأمر «زائداً على الحد».
وكان غانتس قد استقبل الرئيس الفلسطيني، في بيته بمدينة رأس العين، مساء الثلاثاء، في ثاني لقاء بينهما خلال أربعة أشهر. وتم إبقاء اللقاء سرياً، بدواعٍ أمنية وسياسية، ولم يكشف عنه إلى عند منتصف الليل، بعدما غادرت قافلة سيارات عباس ووصلت إلى رام الله. واستغرق اللقاء ساعتين ونصف الساعة، بضمنها ساعة للقاء منفرد بينهما. وشارك في اللقاء الموسع، من الجانب الفلسطيني، وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، ورئيس المخابرات ماجد فرج، ومن الجانب الإسرائيلي منسق أعمال الحكومة في المناطق المحتلة، الجنرال غسان عليان. واتفق الجانبان على عدم التقاط صور من الاجتماع.
واختلفت البيانات التي صدرت عن الطرفين حول تلخيص مضمونها. فبينما تحدث الجانب الإسرائيلي عن أنه «لقاء جاء لتعزيز الثقة بين القيادتين»، تحدث الجانب الفلسطيني عن «خلق أفق سياسي يؤدي إلى حل سياسي وفق قرارات الشرعية الدولية». وكتب عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، حسين الشيخ، على «تويتر» عند خروجه من اللقاء، أن الاجتماع «تناول أهمية خلق أفق سياسي يؤدي إلى حل سياسي وفق قرارات الشرعية الدولية، جرى التباحث فيه حول الأوضاع الميدانية المتوترة بسبب ممارسات المستوطنين، وكثير من القضايا الأمنية والاقتصادية والإنسانية»، دون أن يكشف عن مزيد من التفاصيل.
واعتبر الشيخ اللقاء «تحدياً كبيراً وفرصة أخيرة قبل الانفجار والدخول في طريق مسدودة»، و«محاولة جدية جريئة لفتح مسار سياسي يرتكز على الشرعية الدولية، ويضع حداً للممارسات التصعيدية ضد الشعب الفلسطيني».
وفي تل أبيب، نشرت وزارة الدفاع بيانا قالت فيه إن غانتس بحث مع عباس «مختلف القضايا الأمنية والمدنية الراهنة»، وإنه «أبلغ عباس عزمه على مواصلة تعزيز إجراءات بناء الثقة بين الجانبين في المجالين الاقتصادي والمدني، كما تم الاتفاق عليه في اجتماعهما السابق»، الذي عقد في مقر الرئاسة الفلسطينية برام الله، في أغسطس (آب) الماضي. وشدد غانتس، وفق هذا البيان، «على المصلحة المشتركة في تعزيز التنسيق الأمني، والحفاظ على الاستقرار الأمني ومنع الإرهاب والعنف».
وبعد اللقاء، أعلن غانتس عن إقرار جملة من الإجراءات لتسهيل حياة المواطنين الفلسطينيين وتخفيف الأعباء عنهم، بينها: موافقة إسرائيل على تحديث بيانات 6000 فلسطيني في الضفة الغربية، مقابل 3500 فلسطيني من قطاع غزة ممن يعيشون حالياً في وضع غامض ولا يستطيعون التحرك بدعوى أنهم مقيمون غير شرعيين (قبل ثلاثة شهور وافقت إسرائيل على 4000 طلب كهذا). وتقديم مدفوعات ضريبية بقيمة 100 مليون شيقل (الدولار يساوي 3.1 شيقل)، وإضافة 600 تصريح دخول لإسرائيل تشمل كبار رجال الأعمال الفلسطينيين، بالإضافة إلى 500 تصريح مرخص لدخول إسرائيل بالسيارة، وإضافة العشرات من تصاريح لكبار الشخصيات والمسؤولين في السلطة الفلسطينية، وتخفيف الإجراءات البيروقراطية الإسرائيلية، في المعابر الحدودية مع الأردن وفي نقل النقود عبر البنوك، وإنشاء منصة رقمية لضريبة القيمة المضافة، وإنشاء منصة دفع على الإنترنت للعمال الفلسطينيين، وغيرها من الإجراءات قيد التنفيذ التي ستدر مئات الملايين من الشواقل لميزانية السلطة كل عام.
وأشار مكتب غانتس إلى أنهما تداولا في ضرورة موافقة إسرائيل على مخططات هيكلية فلسطينية إضافية، تتيح البناء وتوقف هدم البيوت المبنية بلا ترخيص. وكشفت مصادر في تل أبيب أن اجتماع عباس - غانتس، جاء في أعقاب اجتماع فلسطيني - أردني - مصري، أخير، شارك فيه حسين الشيخ، مع وزيري الخارجية المصري سامح شكري، والأردني أيمن الصفدي، بحث «جهود الإدارة الأميركية الهادفة إلى إنجاح بناء الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين والالتزام بالاتفاقيات الموقعة». وحسب قناة التلفزيون الرسمي «كان 11»، «حذر عباس، خلال اللقاء، من خطورة اعتداءات المستوطنين والجنود، وقال إنه يعارض ويكافح العنف والإرهاب واستخدام السلاح الناري ضد إسرائيليين، طالما أنه في الحكم، لكنه في الوقت نفسه متشائم من تبعات الاعتداءات على الفلسطينيين»، مشدداً على أن أجهزة أمن السلطة الفلسطينية ستستمر بالعمل في هذا السياق. وشكر غانتس، بدوره، عباس، على تخليص أجهزة أمن السلطة الفلسطينية لإسرائيليين من رام الله، بداية الشهر الحالي، كان مواطنون فلسطينيون قد سعوا لمهاجمتهما.

اعتراض من الجانبين
أثار اللقاء بين غانتس وعباس، ردود فعل معارضة في الطرفين. وباستثناء قوى اليسار الإسرائيلي التي رحبت به، هاجمته معظم القوى السياسية، ففي إسرائيل هاجمته قوى اليمين في الحكومة من زملاء وحلفاء غانتس، بمن في ذلك رئيس الوزراء بنيت، الذي اطلع على اللقاء مسبقاً، ووافق عليه، لكنه انتقد عقده في منزل غانتس. وعبر عدد من الوزراء الإسرائيليين، عن رأيهم في أن تصرف غانتس لا يسهم في استقرار الحكومة الإسرائيلية. وقال وزير البناء والإسكان الإسرائيلي، زئيف إلكين: «ما كنت سأدعو إلى بيت أحد، من يدفع رواتب لقتلة الإسرائيليين».
وهاجم حزب الليكود المعارض اللقاء، وقال في بيان: «حكومة بنيت أثبتت أنها حكومة إسرائيلية - فلسطينية، تعيد أبو مازن والفلسطينيين إلى جدول العمل». وقالت إن «تنازلات خطيرة عن أمن إسرائيل، هي مسألة وقت وحسب. وحكومة بنيت - لبيد - ساعر خطيرة على إسرائيل».
وجاء في بيان حزب الصهيونية الدينية، أنه «بعد عشر سنوات، نجح اليمين خلالها في تحويل أبو مازن إلى غير ذي صلة بالواقع وشخصية غير مرغوب بها في العالم، وأزال خطاب تقسيم البلاد وإقامة دولة إرهاب في قلب أرض إسرائيل عن الأجندة، يعيد بنيت ويساره، (اتفاق) أوسلو، إلى الطاولة، وأبو مازن إلى مركز الحلبة. بنيت سيئ لليهود». وقال النائب ايتمار بن غفير، إن «غانتس الذي أدخل إلى بيته جاسوساً لإيران يدخل اليوم إرهابياً كبيراً يمول الإرهاب من الخزينة الفلسطينية».
وعلى مستوى الحلبة السياسية الفلسطينية، تعرض اللقاء للهجوم من عدة تنظيمات في منظمة التحرير، وكذلك من حركة «حماس». فقد عبر حزب الشعب الفلسطيني عن رفضه الشديد، واعتبره «تجاهلاً لاستمرار عمليات القتل والاستيطان وعربدة وإرهاب المستوطنين التي يقودها غانتس ضد أبناء شعبنا، ويحمل رسالة يفهم من خلالها العالم بأن العلاقات تمضي بشكل طبيعي مع دولة الاحتلال في وقت ترفض فيه حكومة (بنيت - لبيد - غانتس - منصور عباس»، أي بحث سياسي، وتصر على القتل اليومي والتوسع الاستيطاني والتطهير العرقي في القدس، وما يسمى إجراءات بناء الثقة والتحسينات الاقتصادية والتفاهمات في قطاع غزة، «الأمر الذي يعني التنفيذ الناعم لـ(صفقة القرن) التي رفضها شعبنا». وحذرت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، من مخاطر الوقوع في فخ السياسة الإسرائيلية التي تعمل على حصر العلاقة مع الجانب الفلسطيني في القضايا الأمنية، والاقتصادية، والتنسيق الأمني، كبديل لإنهاء الاحتلال ومنظومة الأبرتهايد ونظام التمييز العنصري الإسرائيلي ولأي عملية سياسية، فيما يمثل تطبيقاً حرفياً لصفقة القرن وما طرحته من «سلام اقتصادي مزعوم».
واعتبرت حركة «حماس» أن اللقاء «مستنكر ومرفوض من الكل الوطني، وشاذ عن الروح الوطنية عند شعبنا الفلسطيني». واعتبرت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، اللقاء «إمعاناً في الوهم والرهان على السراب، وتنكّراً لدماء الشهداء وعذابات الأسرى وكل ضحايا الاحتلال وقواته التي يقودها المجرم غانتس».
وفي قطاع غزة، عقدت فصائل العمل الوطني والإسلامي، أمس، اجتماعاً طارئاً بدعوة من حركة الجهاد الإسلامي حول لقاء أبو مازن مع غانتس، أكدت فيه استنكارها وإدانتها، لعقده، في هذا التوقيت الذي تشهد فيه مدن الضفة الغربية والقدس حالة ثورية تقلق كيان الاحتلال والمستوطنين، «وفي ظل الهجمة الشرسة من قبل ما تسمى إدارة مصلحة السجون والقمع المستمر للأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال».
وقال داوود شهاب باسم المجتمعين، إن «هذا اللقاء لن يضيف لشعبنا وقضيته الوطنية إلا مزيداً من التغطية الرسمية لحكومة الاحتلال، في الاستمرار بمزيد من الاستيطان ومصادرة الأراضي والاستمرار في سياسة القتل والاعتقالات التي يقوم بها جيش الاحتلال».



هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».